القاهرة – أحمد عبدالله
"عاصر آلاف النواب، مر عليه ثماني رؤساء برلمان، و 12 رئيس حكومة" هو أحد رموز مجلس النواب المصري رفعت محمد أحمد "ماسح أحذية النواب" لقرابة خمسين عاما، وهو المعروف بين الجميع بـ"عم رفعت"، خازن أسرار كبار رجال الدولة وقيادات المجلس التاريخية ممن تعامل معهم بحكم عمله.
مع بداية دور إنعقاد برلماني جديد يتوافد النواب علي "عم رفعت" لتلميع أحذية تعاني من رحلات مكوكية وسفريات من المحافظات وصولا إلي البرلمان، وقد روي "عم رفعت" لـ"مصر اليوم" حكاياته مع أسماء بارزة في التاريخ المصري، وتوقعه لمصير مجلس النواب الحالي، ورأيه في نوابه ورئيسه مقارنة بسابقيهم.
"مجلس الأمة" هو الإسم الأول الذي عاصر فيه "عم رفعت" البرلمان، فساقته الظروف أن يكون موجودا في محيط البرلمان فطلبه قائد حرس المجلس لتلميع حذائه في العام 1954 وكان طالبا في المرحلة الإعدادية، فرآه فوزي عبدالحافظ مدير مكتب رئيس المجلس، وطلبه للعمل بالبرلمان، وأن يعاون النواب، وكان وقتها الرئيس السادات هو رئيس البرلمان.
ويروي "عم رفعت" بحنين بالغ عن عصر السادات وقال أنه كان أحد أفضل الوجوه التي تولت رئاسة البرلمان رغم الفترة القصيرة التي قضاها الرئيس الراحل بين النواب، وأنه كان يهتم بشدة بحسن مظهر البرلمان أمام الوفود الخارجية، وأنه كان يولي إهتماما بالغا بالسجاد والأثاث وتجهيزات المجلس، حتى أنه كان موجودا عندما استقبل السادات وافدا من طلاب الجامعات الغاضبين من حكمه وقتها، وقد انتقد الطلاب ما رآوه من فخامة في السجاد والستائر، وأن السادات أقنعهم بهدوء أن البرلمان واجهة مصر أمام زوارها في هذا الوقت.
ويتذكر "عم رفعت" مواقف فارقة لاينساها أبدا ومنها أنه تسبب في دخول رئيس وزراء مصر الأسبق عاطف صدقي لإحدي الجلسات الهامة "حافيا" لأنه تأخر عليه في تسليم حذائه، وأن صدقي حينما ناداه رئيس المجلس ليلقي بيان الحكومة، قد ألقاه دون حذاءه، وعاد إليه "رفعت" وأعتذر ومر الموقف بسلام، كما أنه تسبب في تأخير رئيس المجلس رفعت المحجوب عن مقابلة وفد مغربي لأن حذاءه لم يكن قد أنتهي تلميعه بعد، وأن المحجوب عاتبه بهدوء ومازحه بعدها.
وشدد "عم رفعت" على أن أحد أغرب الفترات التي مرت عليه في المجلس، تلك التي عاصر فيه نواب الإخوان المسلمين ورئيسهم سعد الكتاتني، وأنهم كانوا مرتابين للغاية ومتجهمين وقليلي التبسم، وأن عدد كبير منهم كان خارجا من السجون والمعتقلات ولم يكونوا معتادي الحديث أو المزاح، ليشيد في الوقت نفسه بالكتاني، وقال أنه كان بشوشا، ولم يكن كباقي الأعضاء من السلفيين والإخوان.
وعن عهد الحزب الوطني، قال "عم رفعت" أنه في هذه الفترة تم إغداق الأموال عليه بغزارة، فكان تشكيل المجلس من كبار رجال الأعمال في البلاد، من رموز وكوادر الحزب الوطني، وقال أن تعاملهم فيما يخص الأمور المادية يغلب عليه البذخ الشديد، وأنهم أكثر النواب إهتماما بالعطور والماركات التي كانوا يرتدوها من حيث ملابسهم وأحذيتهم.
وبسؤاله عن تشكيلة المجلس الحالي، قال أن رئيس البرلمان علي عبدالعال "قامة علمية" كبيرة، وأن رئيس الجمهورية الحالي عبدالفتاح السيسي أستعاد لمصر كرامة افتقدتها منذ عقود طويلة، وأنه يبث للنواب الحاليين من وقت لآخر "نبض الشارع"، وأنه يلح عليهم الإهتمام بالفلاحين وأحوالهم ومايعانونه من غلاء الأسمدة والمستلزمات الزراعية، ويطالبهم بفتح المصانع المغلقة وعددها بالمئات، مبديا تفاؤله بدور الإنعقاد الجديد الذي بدأ لتوه في أسبوعه الأول، وأن صعود مصر لكأس العالم "فأل خير".
أرسل تعليقك