القاهرة - صفاء عبدالقادر
أعلن بنك الكويت الوطني ان الأسواق والاقتصادات العالمية حافظت على استقرار مسارها دخولاً بالربع الرابع من السنة مع ظهور بعض التغيرات البسيطة. فقد ارتفعت الأسهم لتحقق مستويات تاريخية أو تقترب من تحقيقها في بعض الأحيان كـ الأسهم الأميركية والألمانية والبريطانية. ويبدو أن وتيرة أسعار الفائدة قد بدأت بالارتفاع قليلاً وببطئ، ولكنها أقل مقارنة ببداية العام في بعض الاقتصادات المتقدمة. ولا يزال الدولار الأمريكي يواجه ضغوطاً، لاسيما أمام اليورو. أما أسعار النفط فقد استقرت قليلاً خلال الأسابيع الماضية، إلا أنها متدنية مقارنة في السنة الماضية، بينما انقسمت آراء المحللين حول التوقعات المستقبلية.
ولا تزال تقلبات الأسهم عند مستويات متدنية تاريخية، حيث عادت إليها بعد أن ارتفعت بشكل كبير في أغسطس وسبتمبر على إثر بعض التطورات السياسية وتهديدات كوريا الشمالية وأزمة الأعاصير الأمريكية.
سيقوم مجلس الاحتياط الفيدرالي برفع أسعار الفائدة مرة أخرى في ديسمبر أو مطلع العام القادم بعد أن رفعها مرتين هذا العام. ويتوقع المجلس أيضاً كما هو موضح في رسمه البياني "الدوت بلوتس" رفع الفائدة ثلاث مرات في العام المقبل. ويأتي ذلك بدعم من قوة النمو في أميركا وتضييق سوق العمل والتضخم الذي يبدو أنه سيصل إلى 2٪ حسب توقعات المجلس.
وبجانب الدعم بشأن أسعار الفائدة الفيدرالية، تبدو الأوضاع حالياً مناسبة أيضاً للخفض الذي طال انتظاره من ميزانية مجلس الاحتياط الفيدرالي. إذ تجدر الإشارة إلى أن الميزانية قد ارتفعت من أقل من تريليون دولار قبل العام 2008 إلى 4.3 تريليون دولار. وقد أكّد المجلس في اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة خلال سبتمبر أنه يسير على خطة منظمة للبدء في تخفيض حصصه من الخزائن والسندات المدعومة بالرهن العقاري. وسيستغرق ذلك حسب ما أشار إليه المجلس ثلاث سنوات (حتى أكتوبر 2020) بهدف خفض الميزانية إلى 2.8 تريليون دولار، أي ثلاثة أضعاف ميزانية ما قبل العام 2008. ومن المؤكد أن يطبق المجلس خطته هذه بحذر شديد، كما أنه من المحتمل أن يغير مسارها حسب ما تقتضيه الظروف.
ولن يكون تأثير الخفض التدريجي للميزانية كبيراً على أسعار الفائدة في بداية الأمر، كما من المحتمل أن يتخذ المجلس بعض الخطوات اللازمة في حال ارتفعت بصورة مفاجئة. ما قد يثير قلق الأسواق هي تحركات البنوك المركزية المماثلة كالمركزي الأوروبي وبنك إنجلترا، ويستبعد تحرك الأخير حتى الآن. ومع بدء مجلس الاحتياط بتطبيق عمليات التخفيض، استقرت العوائد على أوراق الخزينة لفترة العشر سنوات عند 2.3٪، أي أقل من مستواها في يناير 2017 بواقع 10 نقطة أساس، إلا أنها لا تزال أعلى من عوائد السندات الألمانية Bunds البالغة 45 نقطة أساس.
وتراجع الدولار هذا العام دون أن يستفيد من بيئة العوائد، بينما كان من المفترض أن يرتفع أكثر. وكان تحسن اقتصاد أوروبا والعالم سبباً للضغط على الدولار، ما تسبب في تغّير اتجاه سياسة البنك الأوروبي المركزي نحو المزيد من التشدد (بصورة نسبية)، ذلك بالإضافة إلى التطورات السياسية في أميركا. إذ لا يزال هنالك تفاؤلاً بشأن سيل الخطط التي تهدف لإنعاش النمو وفرض الضرائب في أميركا، ولكن تم خفض التوقعات بشأنها مؤخراً وذلك لعدم تمكن إدارة الرئيس "ترامب" من تمرير أي تشريع مهم حتى الآن، الأمر الذي أثار العديد من الشكوك حول الخطط المستقبلية ومدى نجاحها. وتقترب قيمة الدولار حالياً من 1.18 مقابل اليورو، حيث عدل كثير من المحللين توقعاتهم لنهاية السنة، ما يعني أن اليورو قد اتخذ كامل مساره. وقد فرضت التطورات في أسبانيا بعد استفتاء انفصال كتالونيا الكثير من الضغوط على اليورو. وقد يكون هنالك حاجة لتسريع بعض الإصلاحات المتعلقة بالضرائب والميزانية والرعاية الصحية من أجل تخفيف الضغوط أمام الدولار. كما قد يكون لارتفاع الفائدة دوراً أيضاً، إلا أن الأسواق تستبعد فكرة رفع الأسعار أربع مرات من قبل مجلس الاحتياط حتى ديسمبر 2018.
وفيما يخص الضرائب الأمريكية ، وضعت إدارة ترامب خطتها بشأن الإصلاح الضريبي الشامل بعد أشهر من الإنتظار والترقب. وتتضمن الخطة خفض كبير في الضرائب على الشركات وبعض الأفراد. إذ تهدف الخطة إلى خفض الضريبة على الشركات من 35٪ إلى 20٪ بالإضافة إلى خفض الضريبة الأعلى على الأفراد. ومن المفترض أن يتم الإعلان عن المزيد من التفاصيل قريباً، وستتجه أنظار الأسواق إلى الأغلبية في الكونغرس، حول ما إذا ستتمكن من تمرير أي تشريع مهم هذا العام.
تقدّر توقعات المحللين وتوقعات صندوق النقد الدولي بشأن النمو العالمي لهذا العام عند ما يقارب 3٪ إلى 3.5٪. ومن المتوقع أن تسجل أمريكا نمواً بواقع 2٪ إلى 2.5٪ ومنطقة اليورو بواقع 2.0٪ والصين بواقع 6.5٪ أو أكثر واليابان بواقع 1٪ إلى 1.5٪. فقد سجلت جميع تلك الدول ارتفاعاً تجاوز 2٪ على أساس سنوي خلال الربع الثاني من العام أما الصين فقد سجلت ارتفاعاً بلغ 6.9٪. ويبدو أن نمو الدول جاء مواكباً للتوقعات أو أعلى منها إلى حد ما. وتعمل السلطات في الصين على التحكم بمستوى الدين دون التأثير على النمو ويبدو أنها نجحت حتى الآن. وجاء نمو منطقة اليورو أيضاً بنسبة جيدة على عكس التوقعات مع توقعات أكثر بأن فرط التيسير من قبل البنك المركزي الأوروبي على وشك الإنتهاء. ولا يزال يعمل على التيسير الكمي، حيث يقوم بشراء سندات بقيمة 60 مليار يورو شهرياً حتى ديسمبر، ومن المتوقع أن يقوم بعمليات الخفض كمية الشراء بعد ذلك تدريجياً في العام 2018.
واستقرت أسعار النفط بشكل جيد عند مستوى أعلى من 50 دولار للبرميل (مزيج برنت) وبدأت مؤشرات التعافي بالظهور لنهاية العام، وذلك بعدما انقسمت التوقعات في منتصف العام ما بين تراجعها وانتعاشها. لا نزال نتوقع أن يصل متوسط أسعار النفط 55 دولار للبرميل هذ العام، حيث قد تكون عاملاً جيداً للأسهم الخليجية بعد أن فرضت عليها الكثير من الضغوط. ونتوقع أن تستقبل الأسعار دعماً من قوة الطلب على النفط وقرار دول أعضاء أوبك وخارجها. ومن هذا المنظور، فقد ارتفعت الأسهم الخليجية قليلاً مؤخراً بدعم من بعض التيسير ورفع تصنيف بورصة الكويت إلى "الأسواق الناشئة" من قبل مؤشر FTSE (ومن الممكن أيضاً من قبل مورغان ستانلي مستقبلاً). وتنتظر الأسهم السعودية ترقية لسوقها مماثلة للكويت، إلا أن الأمر قد تم تأجيله على ما يبدو إلى ستة أشهر حتى مارس 2018. أما قطر فلا تزال تواجه الكثير من الضغوط نظراً لما تمر به من خلاف دبلوماسي مع دول مجلس التعاون الخليجي والذي لا يبدو أنه في طريقه للحل على المدى القريب.
أرسل تعليقك