القاهرة ـ عصام محمد
أكّد مساعد وزير الداخلية لقطاع مكافحة الجريمة المنظمة والخدرات، اللواء أحمد عمر، أنّ طرق تهريب المخدرات إلى داخل البلاد، تتوقف على نوع المخدر نفسه، فمخدر عقار الترامادول مثلاً، يتم جلبه بكميات كبيرة إلى البلاد من قارة آسيا داخل الحاويات التي تُشحن في السفن والمراكب، لكن في الوقت الحالي، تعتبر عملية تهريب الحاويات إلى الموانئ عملية صعبة، لذلك ينتهج المهربون خطة تمويه معقدة في ذلك، إذ ينقلون الترامادول من بلد المنشأ، ويمرون على عدد من الموانئ في 3 أو4 دول، ويغيرون خطوط سيرهم أكثر من مرة، فالحاوية تخرج من بلد المنشأ ببوليصة شحن، ويتم إنزالها في بلد ما، وتحرر لها بوليصة شحن دولة أخرى، وفي إطار ذلك يتم إنزال الحاويات في 3 أو 4 دول، قبل إنزاله في الموانئ الليبية، حيث يتم تهريبه من ليبيا إلى البلاد على دفعات عبر الصحراء الغربية.
وأوضح أحمد عمر في مقابلة مع "مصر اليوم"، أن ضبطيات مخدر الحشيش تتراوح ما بين الطن والثلاثة أطنان، لكن من بلد منشأ مختلفة، إذ يأتي في الأصل إما من لبنان أو المغرب، وفي الحالتين، يسير المهربون به في أعالي البحار بعيداً عن الحدود المصرية، وعن القوات البحرية، فيسيرون به في البحر المتوسط على مسافة تزيد على 200 ميل، عن الشواطئ المصرية، حتى يدخلون به ليبيا بنفس طريقة إدخال الترامادول، ثم يأتي ايضاً على دفعات عن طريق الصحراء أيضا، وعلى جانب آخر كان يتم تهريب الهيروين والكوكايين من إسرائيل والأردن، لكن الآن لا يوجد أي تسريب للمخدرات من الحدود الشرقية.
وبيّن عمر أن طريقة التهريب بالنسبة للعصابات، تحتاج إلى إمكانيات، وتحتاج تشكيلات تلك العصابات إلى عناصر دولية من عدة جنسيات، كما تحتاج أساليب التهريب إلى إنفاق عالٍ، لكن بالنسبة لهم يستحق ذلك المغامرة، للتحصل على الأرباح الخيالية، ولفت مساعد وزير الداخلية إلى أنه لا توجد مخدرات تهرّب إلى دولة دون مشاركة أبناءها، حتميا يجب أن يكون هناك طرف في مصر يستقبل البضاعة، ويتولى عملية ترويجها في الأسواق، وهناك مستجد آخر يتمثل في أن عناصر من الجنسيات العربية الموجود حاليا في البلاد ينشطون في مجال تهريب المخدرات، للترويج داخل البلاد، في الثلاثة أعوام الأخيرة، وذلك نتيجة نزوج كثيرة من الإخوة العرب إلى البلاد، وهناك منهم اشخاص مهربون مخدرات في الأصل، دخلوا إلى البلاد بشكل أو بآخر، واستطاعوا بالفعل أن ينشطوا داخل الأسواق المصرية، لكن فيما عدا ذلك لا يمكن أن يدخل أي نوع من المخدرات إلى البلاد، وترويجه دون مهرب من أبناء البلد.
وأكد عمر ، أن مخدر لهيروين يأتي عبر البحر الأحمر، ويتم إنتاجه في أفغانستان، وخط سيره هو الخليج العربي ثم خليج عدن ثم البحر الأحمر، وبعض اليمنيين لهم دور في تهريب الهيروين، إذ تأتي الشحنات من أفغانستان عبر خليج عدن، ويستخدم المهربون دولة اليمن كبلد «ترانزيت»، وساعد على ذلك في الآونة الاخيرة المشاكل الأمنية المعروفة في اليمن، فيتم تخزينه هناك ثم يعاد تهريبه إلى الشواطئ المصرية.
وأفاد عمر بأن كيلو الهيروين في أفغانستان ثمنه حوالي 25 ألف دولار، حوالي 400 ألف جنيه مصري بالسعر الحالي للدولار، لكن يباع في مصر، الكيلو بـ80 ألف جنيه، بعد غشه داخل البلاد، فالتاجر الذي يأتي يالهيروين بـ400 ألف جنيه إلى جانب مصاريف النقل ومصاريف التخزين والمصروفات الأخرى التي تدفع حتى يمر المخدر من تاجر الجملة للتجزئة للقطاعي، فعلى الأقل يجب أن يبيعه بـ600 ألف جنيه، لكن السوق المصري لا يتقبل هذا السعر، لذلك يتم غشه، ويتم ذلك باستخدام أدوات بسيطة دون ورش أو معامل، فالمخدر يأتي في صورة مسحوق وتضاف إليه أيضا مادة لزجة ليتماسك ثم يتم كبسها لتخرج على شكل الأقراص المعروفة بأكليشيهات محلية الصنع، كالتي تظهر في القضايا المضبوطة، ويصبح الكيلو عشرة كيلو بعد إضافة مكملات غذائية نباتية وحيوانية وأحجار مطحونة وأدوية مسكنة، فالكيلو يباع 10 كيلو بـ80 ألف جنيه للكيلو الواحد، ليصل سعره إلى 800 ألف جنيه.
وقال إن الكوكايين مخدر غال الثمن ايضا ويأتي في الغالب بصحبة الركاب في الموانئ والمطارات، وأقصى كمية تم ضبطها في الكوكايين 7 كلغ، وعن جهود المكافحة أكد عمر أنه التنسيق يبدأ من خارج البلاد بسبب أن هؤلاء التجار عصابات دولية تضم عدة جنسيات، وتبادل المعلومات بين الدول أمر ضروري لتحقيق نتائج طيبة في مكافحة المخدرات، والحمد لله تربطنا علاقات طيبة جدا، مع دول الجوار والدول العربية والأوروبية وأميركا وروسيا، ونظائرنا من خلال الاتفاقات الدولية والاتفاقات الثنائية أيضا، وهذا يتيح لنا تحقيق ضربات استباقية ومكافحة المخدرات من منابعها قبل دخولها إلى البلاد، لكن انما إذا وصلت إلى الحدود المصرية فيكون هناك تنسيق كامل مع حرس الحدود والقوات البحرية، وهو تنسيق فعال ليس وليد اليوم، وإنما من قديم الزمن، والتنسيق بين مكافحة المخدرات وحرس الحدود يعتبر أقوى تنسيق بين جهتين أمنيين بينهم اتصال مباشر، وعلاقتنا شخصية بكل القيادات والضباط على كافة المستويات في حرس الحدود.
وختم عمر أن 80% من المخدرات تدخل عبر المنافذ غير الشرعية، لكن تدخل مخدرات أيضا من المنافذ الشرعية (المطارات والموانئ والأكمنة الحدودية)، إذ تحاول العصابة أن تجد ثغرة في ميناء لإدخال حاوية بها ترامادول أو حشيش،ومنها ما يدخل صحبة الركاب، ويتم التنسيق في هذا الشأن مع أمن الموانئ والجمارك، وهناك الآن أجهزة أشعة في كل الموانئ للكشف عن المخدرات، وتكشف عن محتويات كل الشاحنات والحاويات، فضلا عن وجود اتفاق بين وزارة الداخلية ممثلة في الأمن الوطني والمخدرات وأمن الموانئ، وهناك لجان أمنية تتولى فحص كافة الشاحنات وحاويات البضائع التي تدخل الموانئ، وهذا التنسيق والانسجام جعل للموانئ المصرية هيبة طيبة جدا على مستوى العالم، فضلا عن أن المهرب يتفادى المرور في قناة السويس، لأنه يعرف تماما، أنه لو عبر بالقناة سيتم ضبطها حتى وإن كانت موجهة لدولة أخرى
أرسل تعليقك