استخدم وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أوّل خطاب رسمي له الإثنين لإيصال رسالة متشددة إلى إيران، إذ طلب منها تغيير كل شيء يتعلق بسلوكها على الساحة العالمية، وأصر على أن تنهي إيران جميع برامج التخصيب النووي وتغلق مفاعلها الذي يعمل بالماء الثقيل، قائلا إنه ليس مِن حقّها الحصول على مثل هذا البرنامج، كما ناشد الشعب الإيراني مباشرة، وأشار إلى أنّ عليهم أن يرفضوا حكومة رجال الدين في طهران, متسائلا "ما الذي أعطته الثورة الإيرانية للشعب الإيراني؟"، ثم أجاب "إن القبضة الشديدة للقمع هي كل ما عرفه ملايين الإيرانيين".
سياسة أكثر تشدّدًا تجاه إيران
ولدى إيران حقّ في تخصيب اليورانيوم، كونها دولة موقّعة على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، هو أمر قابل للنقاش، كما أنّ أكثر من اثني عشر بلدًا في العالم يخصب اليورانيوم، وتفعل العديد من الدول ذلك فقط لأغراض مدنية، مثل توليد الطاقة والاستخدامات الطبية.
وقال بومبيو في ندوة بمؤسسة التراث لعرض استراتيجية بلاده تجاه طهران، إن فقرات من الاتفاق النووي أجّلت فقط حصول إيران على أسلحة نووية بعد 2025، أما بعدئذٍ فستكون إيران حرة في الحصول على أسلحة نووية وهو ما سيفضي إلى تنافس محموم على التسلح.
الانسحاب الفوري من سورية والشرق الأوسط
وأضاف أن مَن دعموا الاتفاق النووي زعموا أن توقيعه سيجعل منطقة الشرق الأوسط أكثر استقرارا، لكنّ شيئا من ذلك لم يحصل، إذ زادت طهران وتيرة عدائها بعد الاتفاق، واستغلت ما حصلت عليه من أموال لتأجيج الأوضاع في الشرق الأوسط، وأشار بومبيو إلى الدعم المستمر الذي قدّمته إيران لميليشيات حزب الله الإيرانية وتدخلها في الأزمة السورية، مما أدى إلى نزوج ولجوء الملايين السوريين، مطالبا إياها بالانسحاب الفوري من سورية.
وأكد أن إيران "لن تكون أبدًا بعد الآن مطلقة اليد للهيمنة على الشرق الأوسط"، واعدا بـ"ملاحقة العملاء الإيرانيين واتباعهم في حزب الله في كل أنحاء العالم بهدف سحقهم".
وأورد أن إيران ستواجه أقسى عقوبات في التاريخ في حال قررت أن تعود إلى برنامجها النووي، موضحًا أن ثمّة فرقا بين الشعب الممتعض من الفساد والنظام الذي لا يكف عن تقديم ملايين الدولارات للميليشيات في الخارج، وأشار إلى أن تعامل النظام الإيراني مع المحتجين بالقتل والاعتقال والتعذيب، يظهر قدر الاستياء من السياسة المتبعة.
إيران ترفض خطاب بومبيو
وسرعان ما رفضت إيران خطاب بومبيو، واصفة إيّاه بأنه نوع من الغطرسة الأميركية، وسلوك البلطجة الذي أبعد الدول الأخرى عن أميركا، وليس إيران فقط، وردّ الرئيس الإيراني حسن روحاني، في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية "من أنت لتتخذ قرارات لإيران والعالم؟".
وأما بالنسبة إلى الحلفاء الأوروبيين الذين يأملون في الحفاظ على الصفقة النووية الإيرانية، فإن السيد بومبيو لم يقدم أي تنازلات، وقال بومبيو "على كل بلد أن يشارك في العقوبات الأميركية الجديدة ضد طهران"، مضيفا "السياسة الجديدة تسعى إلى خنق القدرة الاقتصادية لإيران لإلحاقها الضرر بالشرق الأوسط والعالم".
وتعهد القادة الأوروبيون بمواصلة المشاركة الاقتصادية مع إيران، واعترف السيد بومبيو بأن العديد من الحلفاء يرون أن الصفقة النووية ضرورية لأمنهم القومي.
وأشارت الشركات الأوروبية متعددة الجنسيات بالفعل إلى أنها تنوي الامتثال للعقوبات الأميركية المعاد فرضها، إذ أعلنت شركة توتال، عملاق النفط الفرنسي، الأسبوع الماضي أنها ستلغي العقود المخططة في إيران، وبالفعل، فإن ضعف أوروبا النسبي في الحفاظ على صفقة تستثمر فيها بعمق لم تؤدّ إلا إلى زيادة غضب قادتها على قرار إدارة ترامب بإلغاء الاتفاق.
وقال دونالد تاسك، رئيس المجلس الأوروبي، في الأسبوع الماضي في إشارة إلى السيد ترامب "مع أصدقاء مثل هؤلاء من يحتاج إلى الأعداء؟".
ومن خلال التفاوض على الصفقة النووية، سعت القوى العالمية إلى القضاء على التهديد الأكثر أهمية الذي تمثله إيران لإسرائيل وبقية المنطقة، وهو جهدها للحصول على أسلحة نووية.
أرسل تعليقك