شهدت ليبيا، حراكًا دبلوماسيًا مكثّفًا، وبحث رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فايز السراج، مع وزير الخارجية الإيطالي أنجيلينو الفانو، المصالحة الوطنية ومكافحة الهجرة غير الشرعية، في وقت بدأ وزير الشؤون المغربية الجزائري عبد القادر مساهل، زيارة إلى مدينة غات في الجنوب، فيما أعربت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني، عن ترحيبها ودعمها للاجتماع الذي عقد أخيرًا في دولة الإمارات بين السراج والقائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر.
والتقى ألفانو نائب رئيس الوزراء أحمد معيتيق، وكان من المقرر أن يعقد الوزير الإيطالي مؤتمراً صحافياً مع نظيره الليبي محمد طاهر سيالة، لكنه أُلغي في اللحظة الأخيرة دون إعلان الأسباب، وأوضحت حكومة الوفاق أن محادثات ألفانو تناولت "جهود المصالحة الوطنية"، وتطبيق الاتفاق السياسي الليبي، الذي انبثقت عنه حكومة الوفاق، مشيرة إلى أنّ التصدّي إلى الهجرة غير الشرعية كان أيضاً في صلب المباحثات في طرابلس.
وأعربت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني، خلال اتصال هاتفي مع السراج، عن ترحيبها ودعمها للاجتماع الذي عقد مؤخراً في دولة الإمارات بينه وبين القائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر، وأكد بيان للاتحاد استمراره في دعم العملية السياسية بكل الوسائل الممكنة، من أجل حل الأزمة الليبية سلمياً.
وكشف مصدر في وزارة الخارجية المصرية، أن القاهرة تجري اتصالات بكل من حفتر والسراج، لعقد لقاء آخر في القاهرة خلال الأيام المقبلة، لاستكمال ما تم الاتفاق عليه في مباحثات الإمارات، التي وصفها المصدر بالناجحة، مشيرًا إلى أنّه في حالة نجاح الاتفاق بين الطرفين، فإن ذلك يمكن أن يضع الحجر الأساس لتحقيق سلام دائم ومستقر في ليبيا.
وبحث رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، مع المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر، في مدينة القبة غربي طبرق، سبل حل الأزمة الليبية، ويبدأ السراج الثلاثاء زيارة إلى الجزائر، تندرج ضمن الجهود الرامية للتوصل إلى حل سياسي في ليبيا، وزار وزير الشؤون المغربية الجزائري عبد القادر مساهل، السبت، مدينة غات، في جنوب ليبيا المحطة الأولى في جولة له غب منطقة فزان، وكان مساهل زار في أبريل/نيسان، شرق ليبيا وغربها.
وسيجري السراج مباحثات مع رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال، "في إطار التشاور الدائم بين البلدين"، وتستضيف الجزائر، الاثنين، اجتماعاً لدول الجوار الليبي، ودعا مؤتمر التوافق الليبي الليبي، الفرقاء السياسيين جميعاً إلى الجلوس إلى طاولة حوار ليبية في منطقة الجنوب، للتوصل إلى تسوية سلمية، ورسم خريطة طريق للخروج بالبلاد من الأزمة التي تعيشها منذ سنوات عدة، وشدّد المؤتمر في بيان أصدره في ختام أعماله على أن مناطق الجنوب الليبي تدعو كل الأطراف لتقديم التنازلات، وتغليب المصلحة العليا للوطن فوق كل الاعتبارات، بعيداً عن المؤثرات الخارجية والمصالح الخاصة لأي طرف من الأطراف.
وأنقذ خفر السواحل الليبي أمس نحو 170 مهاجراً كانوا يستقلّون زورقاً في البحر الأبيض المتوسط قبالة طرابلس، لكنهم فشلوا في إنقاذ آخرين بسبب "نقص الإمكانات"، وهاجمت مجموعة مسلحة قارباً مطاطياً يحمل 129 مهاجراً غير شرعي كانوا متجهين إلى أوروبا، وسرقوا ممتلكاتهم، إضافة إلى محرك المركب وتركوا ركابه في البحر قبالة الشواطئ الليبية، وفقاً لما أعلنته البحرية الليبية السبت
وكشف متحدث باسم حرس السواحل الإيطالي الجمعة، أنه تم إنقاذ حوالي 3 آلاف شخص في عملية واسعة النطاق وسط البحر الأبيض المتوسط، بعد العثور على أكثر من 20 قارباً ينقلون مهاجرين. وأفادت منظمات غير حكومية تعمل في المنطقة بحدوث 7 حالات وفاة على الأقل، فيما وصلت الجثث إلى إيطاليا على متن قوارب.
وأكد المهندس خليفة الغويل، رئيس حكومة الإنقاذ الليبية، المنبثقة عن المؤتمر الوطني العام، أن مصلحة ليبيا تتطلب تنازلات، وقال إن تركيزه الأساسي ينصب على السعي إلى قيام دولة متماسكة، لكنه قال في المقابل، إن هذا لن ينجح في اختزال الحوار الوطني في اتفاق بين أشخاص تحقيقًا لطموحاتهم الشخصية، وتحدث الغويل بشكل شامل، وذلك لأول مرة منذ لقاء الإمارات، الذي جمع قبل أيام بين اثنين من الخصوم الرئيسيين في ليبيا، هما المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني، وفايز السراج رئيس المجلس الرئاسي، والذي يرأس أيضًا حكومة الوفاق المدعومة دوليًا.
ويرى الغويل الأمر بطريقة مختلفة بقوله إن الخلاف القائم هو بين مؤسستي "مجلس النواب" و"المؤتمر الوطني"، مشيرًا إلى عقد جلسات بينهما من أجل الوصول إلى حكومة وحدة وطنية، وقال إن الحل الفعّال، والقابل للتطبيق، لا يكون في ليبيا، إلّا من خلال حوار "ليبي - ليبي"، برعاية منظمات دولية، لافتًا إلى أنه لم يرفض "حكومة الوفاق" و"اتفاق الصخيرات"، إلا من النواحي القانونية والدستورية، وأوضح الغويل أنه لا يوجد جيش في ليبيا، حتى هذه اللحظة، لكن "توجد محاولات"، مشيرًا إلى أن "وزارة الدفاع التابعة للسراج وفّرت غطاءً لمجموعات وكتائب مسلحة"، وقال إن الميليشيات والجماعات المسلحة، خارج القانون، تشكّل مشكلة تعاني منها جميع المدن الليبية، دون استثناء، وذلك بسبب الفراغ السياسي وغياب السلطة المركزية
وأضاف الغويل "لا توجد لدينا شروط مسبقة للحوار ولم الشمل، والحفاظ على وحدة الوطن، وسيادة الدولة، ولنتحدث بصراحة ومصداقية، الخطر المقبل على ليبيا أكبر بكثير من الخلافات السياسية، ويجب التغاضي والتنازل ومد اليد للجميع، ليبيا تمر اليوم بأسوأ أحوالها، ووحدتها مهددة، وسيادتها منتهكة، وقرارها في الخارج. لا شك أن الجميع ساهم في الوصول إلى هذه المرحلة، ونحن حكومة الإنقاذ الوطني طرقنا جميع الأبواب الرسمية والشعبية، رغبة منا في قيام دولة ليبية متماسكة متحدة بمؤسسات شرعية متطورة.
وتابع " لا يمكن اختزال الحوار الوطني في الاتفاق بين أشخاص تحقيقًا لطموحاتهم الشخصية، ونحن نشدد على أننا نرحب بأي حوار يفضي إلى إحداث تطور في اتجاه المصالحة الشاملة، وإنهاء هذا الانقسام، وندعمه ونساهم فيه، ويجب التفريق بين القطاع العسكري والسياسي، ونحن نخشى كثيرا من توجيه البلاد نحو حكم العسكر، بغض النظر عن الأسماء. ولكن، كمبدأ، الجيش يبتعد عن السياسة، فنحن تحاورنا مع الساسة، واجتمعنا مع "الحكومة المؤقتة "المنبثقة عن البرلمان الذي يعقد جلساته في طبرق"، وكذلك مع السيد "المستشار عقيلة صالح"، رئيس مجلس النواب، والذي يعتبر هو القائد الأعلى للجيش، مما يعني أنه لا كراهية لدينا ضد الأشخاص، ولكن نحن طلبنا وضع مبدأ وهو القانون، وما يجيزه القانون بخصوص الجيش، نحن لا نعترض عليه ونتمسك به، لقد أطلقنا مبادرة حكومة "الوحدة الوطنية"، وتناقشنا فيها مع الأطراف المقابلة للمؤتمر الوطني العام وحكومة الإنقاذ الوطني، وكما يعلم الجميع، فإن الانقسام في ليبيا حدث بين مؤسستين هما "مجلس النواب" و"المؤتمر الوطني العام"، وبالتالي، وبلغة السياسة، هما الخصمان أو الطرفان المتقابلان، ونحن كحكومة تابعة لـ"المؤتمر الوطني العام" اتصلنا بـ"الحكومة المؤقتة"، التابعة لمجلس النواب، وكذلك بمجلس النواب نفسه، وعقدنا جلسات عمل وحوار مع "الحكومة المؤقتة"، ونواب من مجلس النواب، ومع رئيس مجلس النواب، وتم الاتفاق على المضي قدمًا في مبادرة حكومة الوحدة الوطنية، نحن لا نقفل باب الحوار مع أحد، ونهدف إلى تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، وأي جهة يكون لها دور فعال نحن نرحب بالجلوس معها.
وأردف "أرى أن الحلّ الفعّال والقابل للتطبيق لا يكون إلا في ليبيا، وليبيًا خالصًا، فالتجربة السابقة قد أخرت الحل كثيرًا، وأوصلت البلاد إلى انهيار اقتصادي كبير، لذلك أرى أن يتم الحوار "الليبي - الليبي" برعاية المنظمات الدولية، وليس الدول، وأهم منظمة الآن هي "الاتحاد الأفريقي"، و"جامعة الدول العربية"، وعلى كل حال نحن نؤيد التداول السلمي للسلطة، التداول المدني الديمقراطي، وليس العسكري، ونحن لم نرفض حكومة الوفاق واتفاق الصخيرات إلا من النواحي القانونية الدستورية، فهذه الحكومة لم تقسم اليمين الدستورية، ولم تعط الشرعية وفق الاتفاق نفسه، وأي حكومة شرعية نحن جاهزون لتسليم السلطة لها، والتنحي الفوري والعمل معها ودعمها.
وأكمل "الموقف من البرلمان جيد، ولا توجد لدينا مشكلة في التواصل، نحن اختلفنا سياسيًا، وحكم بيننا القضاء، ولكن مصلحة الوطن اليوم تتطلب التنازلات والحوار، وكلما تحاورنا حقنَّا دماء الليبيين، و"المؤتمر الوطني" مستمر إلى أن يتم التوصل لحل واضح وقانوني، مؤكدًا "بالنسبة للجيش، نحن نتوق لأن يكون للوطن جيش واحد يحميه ويدافع عنه بمؤسسة عسكرية متطورة ووطنية، وبعيدًا عن أي تفسيرات جانبية، فحتى هذه اللحظة لا يوجد جيش في أي مكان في ليبيا، توجد محاولات نعم، ولكن ما يحدث من تجاوزات خطيرة نراها في أماكن متعددة من الوطن، من قبل بعض من ينتسبون إلى اسم الجيش، تؤكد أن هناك مسلحين في مجموعات من غير عقيدة الجيش، انتقام من الموتى والأسرى، وحرق البيوت، واغتصاب الأملاك، والإمعان في حديث الكراهية والفتن، وحتى أكون صادقا، فإن هذا ينطبق على جميع الأطراف.
وطرح أن وزارة الدفاع التابعة لما يسمى بحكومة الوفاق لا وجود لها على الأرض، هي توجد فقط في مستندات الصرف المالي والميزانيات، ولا تملك سلطة ولا نفوذًا، ووفرت غطاءً لمجموعات وكتائب مسلحة، وتقوم بإهدار الأموال، وتخلق أماكن للتوتر، والزج بالشباب في معارك خاسرة هدفها قتل الشباب واستدامة النزاع، لتحقيق هدف خطير جدًا، وهو وضع الهلال النفطي في مرمى الحرب، ليدفع الإخوة في برقة "شرقا" في حالة مطالبة بالانقسام، خوفًا من حرمانهم من حقهم في ثروة الوطن.
وشدد أن قوات الحرس الرئاسي جهاز يتبع للإيطالي باولو سيرا "المستشار العسكري للمبعوث الأممي في ليبيا"، لن يستطيع القيام بشيء غير صرف الأموال، فهو منتهك من ميليشيات وجماعات الرئاسي، والحرس الوطني التابع للمؤتمر الوطني العام، جهاز كان هدفه احتواء الجماعات والكتائب وفق شروط اللياقة والقبول العسكري، ولكن للأسف لم يحصل على الموارد اللازمة.
وكشف أن "سرايا الدفاع عن بنغازي" عبارة عن مجموعة من شبان بنغازي تم استغلال أوضاعهم، كونهم مهجرين من بيوتهم ومدينتهم، وقامت وزارة دفاع ما يسمى "حكومة الوفاق" بالزج بهم في حروب يقصد منها القضاء عليهم وقتلهم، وخلق فتنة مع الشرق، "سرايا الدفاع عن بنغازي" لا تتبعنا وأعلنت تبعيتها للمجلس الرئاسي الذي قدّم لها الدعم المادي واللوجيستي، وبالمنطق والعقل والوطنية، فإنه لا يكون الرجوع إلى بنغازي إلا بالحوار والمصالحة، وجبر الضرر، ولواء الصمود تكون لأسباب في حينها، وانتهى وتفكك، ولا وجود له اليوم. وتوزع على عدة جهات، وهناك من يعمل الآن مع الرئاسي، بينما "البنيان المرصوص" عملية عسكرية تكونت من شباب مصراتة في أغلبها. وكان هدفها القضاء على تنظيم "داعش" في سرت، وانضمت أغلب القوات المشاركة فيها إلى القطاع العسكري المنطقة الوسطى، وبالمناسبة فإن حكومة الإنقاذ الوطني هي من أسست غرفة طوارئ متخصصة لمحاربة تنظيم "داعش" في سرت، وقد منعنا التنظيم من التمدد لمدة سنة كاملة.
وختم " الميليشيات والجماعات المسلحة خارج التشكيلات القانونية، مشكلة تعاني منها جميع المدن الليبية دون استثناء، وذلك بسبب وجود فراغ سياسي، وغياب السلطة المركزية القادرة على اتخاذ القرارات المناسبة في حق هذه الميليشيات، وما لم تصل ليبيا إلى حل سياسي يوحدها، ستستمر هذه الميليشيات، لكن عندما تحل المشكلة السياسية ستكون هناك إرادة قوية لحلها واحتوائها، مؤكدًا نريد حياة سياسية تتيح للجميع المشاركة، ولكن لمصلحة الوطن، وليس لتحقيق أطماع الجماعات، و"الإخوان المسلمون" جماعة كان هدفها تحقيق قوله تعالى "إنما المؤمنون إخوة"، ولكنها تجاوزت هذا المبدأ، وأصبحت مؤسسة لها أطماع سياسية واقتصادية، تنحرف عن ذلك المبدأ، وجناحها السياسي، نراه مثل أي حزب آخر، إذا ما كانت أهدافهم ومخرجاتهم وطنية، سنكون معهم، وعكس ذلك لا.
أرسل تعليقك