القاهرة- مينا جرجس
أثارت توقّعات غرق عروس البحر المتوسط بنهاية القرن الحالي بسبب التغيرات المناخية جدلا واسعا خلال الأيام الماضية، فالعلماء يجزمون بأن الدراسات تؤكد بالفعل أن هناك ارتفاعا سيحدث في مستوى سطح البحر، ولكن لن يحدث كما يشاع غرق للإسكندرية ولن تمحى من الخريطة.
صحيفة "الأهرام المصرية" لجأت إلى أهل العلم من خبراء البيئة وأساتذة علوم الأرض لتوضيح الحقائق بشأن ما يتردد على بعض مواقع التواصل الاجتماعي من إطلاق الصرخات لإنقاذ الإسكندرية قبل فوات الأوان وقبل غرقها بسبب التهديد البيئي الذي تتعرض له عشرات المدن الساحلية في العالم نتيجة التغيرات المناخية.
الدكتور أيمن عبدالمنعم الجمل، نائب مدير معهد بحوث الشواطئ في الإسكندرية يطرح الحقائق العلمية قائلا إنه "لا بد أن نوضح أن التغيرات المناخية تحدث على مستوى العالم وليس في مصر فقط، ومن نتائجها ارتفاع درجة الحرارة نتيجة الغازات مثل ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن الثورة الصناعية والنشاط الإنساني، وهذا الأمر يؤدي إلى ظهور طبقة تحبس أشعة الشمس لمدة أطول في الكرة الأرضية، مما يسهم في ارتفاع درجة الحرارة".
وأضاف: "ومن التغيرات أيضا زيادة ارتفاع سطح المياه نتيجة ذوبان بعض جبال الثلوج الموجودة في شمال الكرة الأرضية أو جنوبها مما يترتب عليه زيادة كمية المياه الموجودة على سطح الأرض ككل وارتفاع درجة الحرارة بسبب تمدد المياه وزيادة حجمها وثبت علميا أن ارتفاع مستوى سطح البحر عالميا يقدر بقيمة 1٫8 ملليمترات سنويا، كما أن ارتفاع درجة الحرارة يؤدي إلى تغير نوعية المياه الساحلية، وهنا يتطلب الأمر حساب مدى ارتفاع سطح البحر، وهو يحتاج إلى دراستين الأولى أجهزة قياس المد والجزر والثانية قياس مدى هبوط الأرض فى المدن الساحلية.
وفي معهد بحوث الشواطئ لدينا أجهزة متقدمة لقياس ارتفاع سطح الماء دوريا، وقد لاحظنا أنه خلال 30 عاما ارتفع سطح البحر بمعدل (6) سم، وهو ما يثبت خطأ القول الشائع بأن "معدل ارتفاع مستوى سطح البحر يتضاعف سنويا مما يعجل بغرق الدلتا"، فالحقيقة العلمية تؤكد أن زيادة ارتفاع مستوى سطح البحر لا تتضاعف، بل تزداد بمعدلات طفيفة سنويا، فدراسة معهد بحوث الشواطئ أثبتت أنه في عام 2025 سيكون معدل الزيادة 4سم وفي عام 2050 تصبح 8سم وفي عام 2075 ستكون 12سم أما في عام 2100 فستكون 16 سم وهذه الأرقام تؤكد عدم تعرض الإسكندرية للغرق."
ويستطرد قائلا: "إننا لا ننكر حدوث تغير في المناخ ونقوم بدراسته من ثلاثة أوجه، الأول: تحديد الأماكن الهشة التي تتأثر بالتغير المناخي، وقد وجدنا أن منطقة المندرة شرق الإسكندرية إحدى المناطق المنخفضة وسهلة التأثر، والوجه الثاني يتعلق بالتكيف مع الظاهرة بمراجعة المباني المرتفعة التى تقع على ساحل البحر مباشرة مع عمل مصدات للأمواج بمختلف أشكالها ورفع كفاءة الطرق الساحلية، والوجه الثالث يتمثل في كيفية تقليل الأسباب التي أدت إلى التغير المناخي مثل غاز ثاني أكسيد الكربون".
وينبه إلى أن هناك احتياطات يجب اتخاذها حيال ارتفاع سطح البحر من أجل حماية الإسكندرية تتمثل في أمرين: الأول عند تصميم المباني والمنشآت الحديثة لا بد من الابتعاد عن البحر واختيار مواقع مرتفعة عن سطحه أما الأمر الآخر فيتعلق بالمنشآت والمباني القائمة بالفعل، وهذه المشكلة تتطلب ضرورة وضع حواجز أمام البحر لحماية المنطقة الساحلية وما عليها، وهناك مشروع بمعهد بحوث الشواطئ بالتعاون مع المنشأة البيئية العالمية يتعلق بالتكيف مع التغيرات المناخية من خلال عمل عدة نماذج للتكيف على أرض الواقع بالقرب من ساحل البرلس ودراسة إدخال أنواع حديثة من الحمايات لمجابهة التغير المناخي.
ويؤكد الدكتور محمد الراعي، أستاذ الدراسات البيئية والاستشعار عن بعد في جامعة الإسكندرية أن النماذج الرياضية والبيئية تؤكد أن الإسكندرية ضمن (25) مدينة ساحلية في العالم مهددة بالغرق لكنها قائمة إلى نحو عام 2100 وما بعده، وأن غرق الدلتا سيكون مقصورا على مناطق محددة غرب وشرق الدلتا مثل منطقة جنوب أبوقير وحول بحيرة البرلس وكذلك بورسعيد.
وعما يشاع من التهديد البيئي بغرق الإسكندرية، يقول إنه في عام 1992 أجريت دراسات متعلقة بارتفاع سطح البحر وتأثيره عليها، وأكدت أن هناك مناطق معرضة للخطورة مثل المنتزه والمندرة وجنوب أبي قير، ويمكن حمايتها بوضع مصدات تحت الماء تعمل على كسر قوة الأمواج، وعمل حماية من الموجات الحادة التي تنتج عن ارتفاع درجة الحرارة وبالتالي ارتفاع سطح البحر، وارتفاع ترددات الأمواج والتي تؤدي إلى تهديد بغرق بعض المناطق في الإسكندرية.
أرسل تعليقك