أعلن وزير الموارد المائية والري المصري، محمد عبد العاطي، في ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أن مصر تنوي إنشاء سد لتخزين مياه الأمطار والفيضانات في وادي حوضين في مثلث حلايب وشلاتين على ساحل البحر الأحمر.
وأوضح رئيس قطاع المياه الجوفية في وزارة الري المصرية، الدكتور سامح صقر، أن سعة السد ستصل إلى 7 ملايين متر مكعب وبارتفاع 12 مترًا، بحيث سيكون الأكبر في الصحراء الشرقية المصرية، لافتًا في الوقت ذاته إلى أن السد سيساهم أيضًا بشكل كبير في تنمية المنطقة وحمايتها من الفيضانات.
وذكر موقع "العرب نيوز" في تقرير له، أن القاهرة خصصت 378 مليون جنيه مصري، أي ما يعادل 18 مليون دولار، لتشييد 11 سدًا و7 بحيرات للمساهمة في حماية المناطق النامية في محافظة البحر الأحمر من مخاطر الفيضانات، والتي تسببت تاريخيًا في أضرار كبيرة وعدد من الوفيات، وبدوره، أوضح الدكتور حسام الإمام المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية والري، أن ما نشر بشأن التمهيد لإنشاء سد في منطقة وادي حوضين في البحر الأحمر، أمر يتعلق بالأعمال التي تنفذها الوزارة لأغراض الحماية من أخطار السيول والاستفادة من مياهها، والبيانات التي نشرت تشير بوضوح إلى ذلك، سواءً من حيث السعة التخزينية التي تبلغ 7 ملايين متر مكعب من المياه، أو ارتفاع السد الذي لا يتعدى 12 مترا.
وأضاف الإمام، أنه على الرغم من اعتباره من أكبر السدود التي يتم إنشاؤها في الصحراء الشرقية، من حيث الارتفاع وسعة التخزين، فإن ذلك التقدير يكون بمقارنته بسدود الإعاقة الأخرى التي تنشأ لأغراض الحماية من السيول وليس مقارنة بالسدود الكبرى، وأكد المتحدث الرسمي للوزارة، أنه أوضح الحقائق لعدد من الصحافيين الذين تواصلوا معه للاستفسار بشأن الخبر، إلا أن بعض المواقع بالغت في التقدير والتعبير بشكل غير علمي يؤدي إلى تغييب القارئ.
ويأتي ذلك في الوقت الذي جدد فيه وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور مزاعم بلاده بشأن منطقة حلايب، وفي مقابلة صحافية مع جريدة الشرق الأوسط، دعا غندور القاهرة للتفاوض مجددًا بشأن هذه المنطقة، أو اللجوء للتحكيم الدولي، وأضاف غندور "نأمل أن يتفاوض إخواننا المصريون بشأن حلايب وشلاتين، مثلما فعلوا مع الجانب السعودي بشأن تيران وصنافير، أو اللجوء للتحكيم الدولي مثلما فعلوا مع إسرائيل بشأن طابا، وكلا الخيارين سيمنعان وقوع أية أزمة مع الإخوة المصريين".
وشدد غندور في حديثه مع الشرق الأوسط، على أنهم لن يسمحوا بأن تؤثر قضية حلايب على العلاقات الأخوية مع مصر، لكننا في الوقت ذاته لن نسلم حلايب مطلقًا- وفق قوله، وأوضح موقع "العرب نيوز"، أنه وفقًا لاتفاقية 1899 الموقعة بين الحكومتين المصرية والبريطانية، فإن خط العرض الحدودي 22 هو الفاصل بين مصر والسودان، بما يعني أن مثلث حلايب يقع تحت السيادة المصرية، وعلى الرغم من ذلك، يعترف السودان بالحدود الإدارية التي وضعت في عام 1902، والتي خصصت نحو 18000 كم مربع للسودان، بما في ذلك مدينتي حلايب وأبو رماد.
وعندما حصل السودان على الاستقلال في عام 1956، أعلن الجانبان السيادة على مثلث حلايب، إلا أنه ومنذ منتصف التسعينيات، كانت مصر تدير المنطقة كجزء من محافظة البحر الأحمر.
وفي يوليو/ تموز من هذا العام، قدم السودان خطابًا لدى الأمم المتحدة، مدعيًا فيه أن مصر تحتل المثلث، ورفضت المطالبة بأي حقوق لطرف ثالث. وفي الشهر نفسه، أعلنت القاهرة أنها ستبدأ التنقيب عن النفط والغاز في محافظة البحر الأحمر، بما في ذلك مثلث حلايب.
وتصاعد أخيرًا التوتر بين السودان ومصر بسبب الكثير من القضايا، بما في ذلك الخلاف بشأن حدودها ودعم السودان لإثيوبيا في المفاوضات بشأن سد النهضة الإثيوبي الذي تخشى القاهرة من أن تديره إثيوبيا بطريقة تقلل من حصة مصر التاريخية من مياه النيل الأزرق، ووسط هذه التوترات، أفرجت السلطات المصرية عن نحو 300 مهاجر سوداني غير شرعي، تم سجنهم في شلاتين قبل ستة أشهر، وفقًا لصحيفة اليوم التالي السودانية.
وسادت حالة استياء بين نواب لجنة العلاقات الأفريقية في مجلس النواب المصري بسبب تجدد التصريحات السودانية بشأن أصول حلايب وشلاتين، واتهموا النواب وزير الخارجية السوداني بأنه يصدّر الأزمات ويتغافل الحقوق التاريخية والمعاهدات، مؤكدين في الوقت ذاته على حق مصر في تنمية أراضيها ومن ضمنها "حلايب وشلاتين".
وأبدى رئيس لجنة العلاقات الأفريقية في مجلس النواب المصري السيد فليفل استغراب شديد بسبب تصعيد لهجة السودان بشأن "حلايب وشلاتين"، وقال النائب في تصريحات إنه وباقي نواب لجنة الشؤون الأفريقية لا يتركون فرصة أو مناسبة إلا ويعبرون فيها على شديد احترامهم للسودان، والروابط الوثيقة التي تجمع الشعبين تاريخيًا وجغرافيًا، إلا أن تصريحات الغندور أخيرًا لانملك إلا أن نرفضها تمامًا.
وحذر فليفل من المطالبة بعقد اجتماع طارئ للجنة الشؤون الأفريقية للتدارس بشأن كيفية التصدي مبكرًا لأي مزاعم تهدف إلى استقطاع جزء من الأراضي المصرية، وأيضًا مساعدة الحكومة في التسريع لبناء أي سدود أو مشاريع في حلايب وشلاتين، والتي تعد جزءًا لا يتجزأ عن الأراضي المصرية، وبالتالي من حقنا بشكل كامل أن نقيم فيه المشاريع التي تحفظ حقوقنا وتصون أمننا المائي، وأكدت أمين اللجنة الأفريقية، النائبة مي محمود، أن تصريحات الوزير السوادني التي يكررها على فترات "واهية" وبها قدر من الاستفزاز لمصر ومسؤوليها وشعبها، وقالت إن الحكومة المصرية خيرًا فعلت بتجهيز بدائل من المشاريع والسدود سواءً في البحر الأحمر أو غيره، وأن عديد المطالبات السابقة من النواب والشعب باللجوء لسيناريوهات تأمين حاجاتنا من المياه .
وقالت محمود إن وزير الخارجية السوداني، حينما لايجد أي جديد يقدمه لشعبه، يخرج ليهاجم مصر، مبدية شديد اندهاشها من موقف السودان المؤيد لإثيوبيا، قائلة: يكاد يكون الضرر الواقع على السودان جراء سد النهضة أكبر مما هو على مصر، ورغم ذلك نجد الأشقاء في السودان يؤيدون الجانب الإثيوبي، ولايكتفوا بمهاجمة مصر وإنما نثر الشائعات حول أراضيها التاريخية.
وقال النائب ممدوح عمارة، عضو مجلس النواب عن دائرة حلايب وشلاتين، إن التصريحات الصادرة عن السودان بشأن المثلث وتبعيته له هي شأن داخلي تعنيهم ولا تعنينا في شىء، بخاصة أن مصر أثبتت ملكيتها على المنطقة، وليس لأحد حق فيها، وأكدت السفيرة مني عمر، مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية سابقًا، أن مصر لها الحق في إقامة أي مشاريع تنموية في حلايب وشلاتين مضيفة في تصريحات خاصة لـ"مصر اليوم"، أن ادعاءات السودان في ملكيتها لحلايب باطلة، بخاصة وأن السودان حاولت مرارًا وتكرارًا في إثارة القضية دوليًا لكنه لم يثبت أحقيتها حتى الآن .
ومن جانبه قال هاني رسلان الباحث في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية إن حديث السودان عن ملكيتها لحلايب وشلاتين ما هو إلا إثارة الرأي العام مضيفًا بأن السودان تحاول الضغط على مصر لكن حلايب مصرية وستظل مصربة، وأكدت الدكتورة أمانى الطويل، مديرة الوحدة الأفريقية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن البشير يعرف مدى العلاقات الحساسة بين مصر والسودان، بخاصة بعد موقفها تجاه إثيوبيا، ومباركتها بناء سد النهضة، وأضافت "البشير يسعى إلى تحقيق مصالحه مع الدول الأخرى، فهو دائمًا ما يصدر تلك التصريحات هو ووزير خارجيته عقب زياراته الخارجية، ويستغل توتر العلاقات ويحاول أن يقدم أوراق اعتماده لتلك الدول بإعلان معاداته لمصر"
أرسل تعليقك