القاهرة-أحمد عبدالله
شهدت الانتخابات الرئاسية المصرية الأخيرة مفارقة دالة، تتمثل في إحتلال "الأصوات الباطلة" مركز متقدم على "مرشح رئاسي"، وهو موسى مصطفى موسى، في الوقت الذي حل فيه الرئيس عبدالفتاح السيسي في المركز الأول من بين اختيارات من شاركوا في عمليات التصويت، وذلك قبل ساعات من الإعلان الرسمي عن النتائج النهائية، وقد أكّدت تقارير لصحف رسمية ومراكز بحثية معنية بشؤون الانتخابات، أن الأصوات الباطلة وصلت إلى مليون ونصف المليون، فيما حاز موسى على قرابة 700 ألف صوت، وحصل السيسي على أكثر من 21 مليون صوت، ليفسر خبراء ومراقبون المغزى من اختيار هؤلاء المواطنون لإبطال أصواتهم، ودلالات احتلال المرشح الرئاسي المنافس مرتبة أقل من الأصوات الباطلة.
نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عمرو هشام ربيع، قال في تصريحات خاصة لـ"مصر اليوم" إن إبطال كل هؤلاء لأصواتهم لا يمكن أن يكون ناجم عن "جهل" بقواعد التصويت، وأرجح أنه اختيار يتسم بالوعي، الهدف الواضح منه إيصال رسالة إحتجاجية، ويظهر ذلك من تحليل العبارات التي أبطل بها المصوتون بطاقات انتخابهم، مشيرًا إلى أن تلويح الدولة بفرض غرامات على المقاطعين، أدى لانتقال جزء كبير منهم إلى معسكر المصوتين، ولكن بشروط فرضوها، وهي إبطال الأصوات، وبالتالي أدعوا مراكز الدولة البحثية الرسمية الأخذ بعين الإعتبار وجود ما يزيد عن مليون مواطن قد وصلوا إلى صناديق الإقتراع ليحتجوا.
وبسؤاله عن تقدّم الأصوات الباطلة على المرشح الرئاسي موسى مصطفى، أرجع ربيع ذلك لكونه "مرشح جاء متأخرا"، مما حرمه من فرصة تعريف الناس به بشكل كافي، علاوة على التفوق الهائل للرئيس السيسي عليه في الشعبية، وعدم تقديم رئيس حزب الغد أي وعود انتخابية جذابة، وكلها أمور جعلت من نصيبه أصوات أقل من تلك التي أبطلها أصحابها.
من جانبه، أوضح رئيس لجنة التضامن الإجتماعي، النائب عبدالهادي القصبي، أن الانتخابات الرئاسية التي جرت مؤخرا أثبتت أن الأصوات الباطلة بالإضافة للمقاطعة لم يكونوا مؤثرين بقدر الأفراد اللذين أحتشدوا أمام الصناديق الإنتخابية، مؤكدا لـ"مصر اليوم" أن الانطباعات وردود الفعل الواردة من الدوائر الغربية والجهات الخارجية لم تعير المقاطعين أو المبطلين إهتمامًا، قدر ما ركزت على وجود عناصر نسائية وكبار السن اللذين حرصوا على التواجد رغم ظروف مناخية صعبة.
ولفت أستاذ علم الاجتماع السياسي، عمار علي حسن، إلى أن الأصوات الباطلة "مؤثرة"، وأن تلك الأصوات جاءت في أغلبها "احتجاجية"، وأن بعض المشاركين لم يرق لهم أي من المرشحين وقاموا بوضع علامة "الخطأ" على خانات البطاقة، مشيدًا بكونها طريقة لـ"تسجيل الموقف"، ومستبعدًا في الوقت ذاته، أن تكون النسبة الأكبر منهم أبطلوا أصواتهم عن عدم وعي، وإنما جاء الأمر مقصود ومتعمد.
يُشار إلى أن الأمر ذاته تكرر في الانتخابات الرئاسية المصرية للعام 2014، حيث بلغت الأصوات الباطلة أكثر من مليون صوت في الانتخابات التي فاز بها السيسي بأكثر من 96 في المائة من إجمالي الأصوات، فيما حصل منافسه حمدين صباحي على 757 ألف صوت، بنحو 3.9 في المائة، علمًا أنه كان يحق لـ59 مليونا و78 ألفا و138 ناخبا، الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية لعام 2018، وهم إجمالي الناخبين المقيدين في الكشوف الانتخابية، وقد أشرف على العملية الانتخابية 18 ألفًا و620 قاضيًا من 4 هيئات قضائية، على 13 ألفًا و706 لجان فرعية بجميع المحافظات، و110 آلاف موظف إداري وسط إجراءات أمنية، كما حصلت 54 منظمة محلية و9 منظمات دولية و680 مراسلا أجنبيا علي تصاريح بمتابعة الانتخابات داخل مصر، ومن المقرر أن يتسلم المرشح الفائز ولايته الرئاسية نهاية شهر يونيو /حزيران المقبل، من خلال أداء القسم الجمهوري أمام مجلس النواب.
أرسل تعليقك