تمكنت القوات المشتركة العراقية من تحرير حيين جديدين من قبضة تنظيم "داعش"، في الساحل الأيسر من مدينة الموصل، فيما أكد قائد قوات النخبة الثانية، اللواء الركن معن السعدي، أن 10 أحياء فقط تفصل قوات جهاز مكافحة الإرهاب عن إنجاز مهامها العسكرية في الساحل الأيسر لمدينة الموصل.
وقال الفريق الركن عبد الأمير يارالله، قائد عمليات "قادمون يا نينوى" إن قوات جهاز مكافحة الارهاب تحرر أحياء القادسية الأولى، وتمر من خلال المحور الشرقي ضمن الساحل الأيسر لمدينة الموصل، وترفع العلم العراقي فوق المباني. وتوغلت قوات جهاز مكافحة الارهاب، صباح السبت، في عمق حيي الوحدة والميثاق، جنوب شرقي مدينة الموصل، وسط معارك عنيفة مع متطرفي" داعش".
وسيطرت قوات الجيش، ومكافحة الإرهاب، ووحدات من الشرطة، على أحياء شرق الموصل، في إطار العملية العسكرية الكبيرة التي بدأت في 17 أكتوبر / تشرين الأول الماضي. وقال مصدر أمني إن تعزيزات من الشرطة الاتحادية وصلت إلى الجبهة الجنوبية الشرقية من الموصل، السبت، بعد انسحاب القوات العراقية من عدة مواقع، بينها مستشفى السلام، أمام هجوم مضاد لـ"داعش".
وأوضح المصدر أن تعزيزات، قوامها أربعة ألوية من الشرطة الاتحادية، وصلت إلى المحور الجنوب الشرقي الذي تشرف عليه الفرقة التاسعة. وأضاف أن تلك القوات تمركزت قرب منطقة جليوخان، جنوب شرقي الموصل، للمشاركة مع الجيش في استعادة الأحياء الجنوبية الشرقية للموصل".
وتأتي التعزيزات بعد أن خسرت قوات الفرقة التاسعة المدرعة مناطق سيطرت عليها قبل أيام قليلة، في حيين شمال شرقي المدينة، من بينها مستشفى السلام وهو واحد من أكبر مستشفيات المدينة. وانسحبت القوات العراقية من مواقعها، بعد يوم من سيطرتها عليها، أمام هجوم عنيف شنه تنظيم "داعش" عبر سيارات مفخخة وانتحاريين ومسلحين.
ونشر المتطرفون مقطع فيديو في أعقاب الهجوم، يظهر مسلحيه في محيط المستشفى، بينما كان عدد من آليات الجيش معطل في المكان. وقال قائد قوات النخبة الثانية، اللواء الركن معن السعدي إن قوات جهاز مكافحة الإرهاب حررت نحو 30 حيًا من الأحياء الموكلة إليها في الساحل الأيسر لمدينة الموصل، لافتًا إلى أن عشرة أحياء فقط تبقت أمام قوات جهاز مكافحة الإرهاب. وأشار إلى أن القوات بدأت، االسبت، إكمال تحرير حي التأمين، فيما توجهت قطعات الجهاز لتحرير حي الصحة.
وتواصل قوات جهاز مكافحة الإرهاب تقدمها في الساحل الأيسر لمدينة الموصل، حيث حررت العديد من الأحياء، وتهدف إلى الوصول إلى نهر دجلة، والساحل الأيمن.
وفي سياق متصل، قال العميد الركن شكر العبيدي، آمر اللواء "73": "قواتنا تقف على مشارف المثنى، شمال شرقي الموصل وسيطرت على جسر الخوصر الذي يربط حي الزهور بالمثنى". وأضاف أن لواء "73" في الفرقة "16" يشارك جهاز مكافحة الإرهاب في تطهير حي الزهور.
وبدأت فصائل أخرى في الجيش العراقي التوغل داخل المدينة، بعد نحو خمسة أسابيع من توغل قوات مكافحة الارهاب في الأحياء الشرقية، لتشتيت قوة "داعش" وتخفيف حدة الهجمات المضادة. وقال قائد عمليات الأنبار، اللواء الركن إسماعيل المحلاوي، إن القوات المشتركة، خلال تفتيش وتمشيط منطقة حي البكر، في جزيرة هيت (70 كيلومترًا غرب الرمادي)، والمحررة من سيطرة تنظيم "داعش"، عثرت على مخبأ كبير للأسلحة والصواريخ، داخل احد المنازل، يضم 125 صاروخًا لمدفع "جهنم"، والذي كان يستخدمه عناصر التنظيم في استهداف القوات القتالية.
وأضاف أن المخبأ ضم أيضًا عشرة صناديق تحتوي على مواد متفجرة تستخدم في صناعة العبوات والأحزمة الناسفة، مع ضبط ستة صواريخ "كاتيوشا". وأشار إلى أن القوات الأمنية من الجيش والشرطة مستمرة في عمليات البحث وتأمين المناطق المحررة من "داعش"، وخصوصا في جزيرة هيت، والتي كانت معقلاً رئيسًا للتنظيم لأكثر من ثلاث سنوات، بهدف تأمينها قبل عودة النازحين.
ودعا رئيس التحالف الوطني عمار الحكيم، السبت، المجتمع الدولي إلى الوقوف بحزم مع العراق ضد انتهاكات حقوق الإنسان. وقال، في بيان له: "مثَّل الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان مناسبة مهمة للتذكير بالانتهاكات الخطيرة التي تعرض لها شعبنا العراقي بجميع مكوناته لعقود طويلة، سواء على أيدي الأنظمة الدكتاتورية السابقة، أوما يتعرض له اليوم على يد العناصر المتطرفة التكفيرية، خلال السنوات الفائتة، وفي مقدمتها تنظيم داعش المتطرف".
وأضاف: "إننا إذ نُذكر بهذه الانتهاكات ندعو المجتمع الدولي إلى الوقوف معنا بحزم وثبات في معركتنا ضد قوى الشر والظلام، لنحقق الانتصار النهائي ونعيد إلى العراق بهاءه، مشيرًا إلى أن العراقيين كانو سباقين في سن أول تشريع لحقوق الإنسان في التاريخ، بشريعة حمورابي الخالدة".
واعترف "سجّان داعشي" وقع في يد القوات العراقية، خلال حملتها لاستعادة مدينة الموصل، بأن تنظيم "داعش" في العراق انتهى، مؤكدًا أن عناصره يرتكبون اعتقالات عشوائية في حق المدنيين العراقيين، بل يقتلون لمجرد القتل، ويستهدفون العزل من السلاح. ويقبع مالك خميس حبيب، القائد السابق في التنظيم، في أحد السجون العراقية، ليذوق مرارة السجن وإحساس السجين، ويدور داخل تلك العلاقة المعقدة والغريبة بين السجين والسجان، التي عبر عنها، ليبدأ بعد أوقات طويلة من العزلة بالاعتراف بالذنب، والبحث عن الغفران، وفقث ما ذكرته صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأميركية.
ونقلت الصحيفة عن "حبيب"، البالغ من العمر 45 عامًا، قوله: "قبل بضعة أشهر لم أتوقع أبدًا أن تنجح القوات العراقية في الانتصار علينا، ولكن الآن أصبحت مقتنعًا بأنه لم يعد لنا مستقبل، تنظيم داعش في العراق انتهى، بعد أن تمكنت القوات العراقية من اعتقال عدد كبير من عناصرنا، وحررت نسبة كبيرة من الأراضي التي كانت واقعة تحت سيطرتنا، لم يعد لنا مكان في هذا البلد".
ووفق الصحفي الأميركي سكوت بيترسون، الذي التقى السجين الداعشي في زنزانته، فإن "حبيب" قال هذه الكلمات وصوته يملأه مرارة وندمًا، وفي عينيه نظرة إلى مستقبل غامض. وكان "حبيب" موظفًا في وزارة النفط العراقية، حيث كان يتقاضى راتبًا كبيرًا قياسا بهذه الفترة، قبل 2011، قبل أن ينضم إلى تنظيم "داعش" في 2012، ويخوض معه هجمات منفصلة على القوات العراقية، قبل أن يشارك في اجتياح التنظيم الإرهابي للعراق، في يونيو / حزيران 2014.
وقال "حبيب": "قاتلت معهم وكنت فرحًا بانتصاراتهم وسيطرتهم على الموصل، وتحركهم نحو الاستيلاء على المزيد من الأراضي، شعرت بالزهو وبأنني جندي، وأننا قادرون على إسقاط الحكومة". ثم تسود فترة من الصمت، كما ذكر "بيترسون"، الذي قال إن "حبيب" ذهب مع ذكرياته، حين بدأ الحديث عن من قتلهم، حيث غابت عينيه في نظرة إلى فراغ لا يبصره إلا هو، قبل أن يعود إلى الحديث قائلاً: "كنا نقتل مدنيين، في البداية كنا نستهدف الشيعة، وأفتوا لنا بأننا سندخل الجنة، ولكن في النهاية كنا نقتل بهدف القتل، الجميع كانوا هدفًا للقتل، الشيعة والسنة".
وأضاف: "الهدف كان سياسيًا وليس دينيًا، داعش تاجرت بالدين حتى تسيطر على العقول، أقنعونا بأن حكومة بغداد عدو يجب القضاء عليه، وسقوط الموصل أشعرنا بالزهو وأننا اقتربنا من إسقاط العدو، ولكن الجندي الذي يحارب في سبيل الله لا يقتل أناسًا عزلاً من السلاح". وأكمل بصوت أشبه بالبكاء: "عائلتي لا تعرف أين أنا، ولا أريدها أن تعرف فلن أستطيع مواجهتهم، أشعر بالندم وصوت تلك المرأة التي اقتحمت بيتها وهي تقول لي لقد دمرتمونا ما زال يدوي في أذني، لا أعرف كيف أبحث عن الغفران، لا أعرف كيف أعيش مع ضميري، لقد أخطأت كثيرا".
أرسل تعليقك