مازالت السودان تسعى للتصعيد تجاه مصر وارتريا خلال الفترة الأخيرة رغم التصريحات الإيجابية التي أطلقها وزير الخارجية المصري سامح شكري حول مدى خصوصية العلاقات بين القاهرة والخرطوم ومدى حرص بلاده على إيجاد علاقات طيبة مع السودان.
التصريحات الرسمية من قبل المسؤولين السودانيين تشير إلى تمسك الخرطوم بفكرة إثارة أزمة مع الجانب المصري رغم رفض الجانب الأخير لأي تصعيد محتمل مع السودان ومحاولة احتواء أي خلاف نشب بين الطرفين، ولاسيما عقب خطوة استدعاء السفير السوداني في القاهرة الأسبوع الماضي.
وأعلن السودان، الخميس، لأول مرة بشكل رسمي أنه يتحسب لتهديدات أمنية من جارتيه مصر وإريتريا بعد تحركات عسكرية لهاتين الدولتين في منطقة "ساوا" المتاخمة لولاية كسلا شرقي البلاد.
وأغلق السودان حدوده الشرقية بين ولاية كسلا ودولة إريتريا الأسبوع الماضي، ونشر الآلاف من قواته بالمنطقة عقب إعلان الرئيس عمر البشير حالة الطوارئ في الولاية الحدودية، بينما شكل والي كسلا، آدم جماع، لجنة عليا للتعبئة والاستنفار في ولايته.
وقال مساعد الرئيس السوداني، نائب رئيس المؤتمر الوطني الحاكم، إبراهيم محمود، إن اجتماعا للمكتب القيادي للحزب وجه باستمرار الترتيبات الأمنية في حدود السودان الشرقية بعد تلقيهم معلومات أمنية عن تهديدات محتملة من مصر وإريتريا في منطقة ساوا.
وكشف مساعد الرئيس عن تلقي المكتب القيادي، في اجتماعه الذي استمر للساعات الأولى من فجر الخميس، توضيحا من النائب الأول للرئيس بكري حسن صالح عن التهديدات التي قد تحدث في بعض الولايات خصوصا ولاية كسلا بعد ورود معلومات عن تحركات تمت بين مصر وإريتريا في منطقة ساوا قرب حدود كسلا.
وكانت الخرطوم استدعت، الخميس، سفيرها لدى القاهرة في تصاعد جديد لحالة التوتر بين السودان ومصر، وزادت حدة التوتر بين البلدين عقب شن الإعلام المصري هجوما شرسا على السودان بسبب زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في ديسمبر/كانون أول 2017.
وبين السودان ومصر عدة ملفات عالقة منها الموقف حيال سد النهضة الإثيوبي والنزاع الحدودي على مثلث حلايب المشاطئ للبحر الأحمر والذي تسيطر عليه مصر منذ 1995، وكانت وسائل إعلام أجنبية قد أشارت إلى أن طائرات شحن مصرية محملة بمعدات عسكرية حديثة وجنود وصلت إلى إريتريا.
في المقابل رد وزير الإعلام الإيرتري، يماني جيبريميسكيل، في تغريدة له على موقع تويتر قائلا "يبدو أن قناة الجزيرة الإخبارية تستمتع، لأسباب تعرفها هي، بترويج أخبار كاذبة، ومنافية للعقل عن إريتريا، وأحدثها هو توهم نشر قوات وأسلحة مصرية".
كما أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري أن العلاقات المصرية السودانية لها خصوصيتها، وقال خلال مؤتمر صحافي قبل أيام أن مصر حريصة على علاقاتها مع السودان، غير أن منحى العلاقات بحاجة لتصويب، كى لا يكون هناك تأثيرات سلبية علي الشعبين.
وأشار شكري إلى أنه أنه يجب هناك مراعات مشتركة للأطراف الثلاثة وهى مصر والسودان وإثيوبيا، مؤكدا أن هناك رغبة للتوصل لحل فى ظل إرادة مصرية ونية حقيقة للوصول لتفاهات، مؤكدا أن المشاورات مستمرة بين مصر والسودان للخروج بقرارات مختلفة مراد تنميتها.
فيما قال وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي اللواء يحيى كدواني، أن التصعيد السوداني واللهجة الحادة من جانبهم أمر غير مفهوم على الإطلاق، وأن مصر حريصة دوما على حماية أمنها القومي دون أن يطغى ذلك على أي من حقوق جيرانها، وأن يظل القرار المصري في كل الأوقات سيادي لايهدف إلا لحماية الأمن القومي فقط لاغير.
وتابع كدواني :"أن مصر تعتبر السودان دوما دولة شقيقة وأن الجانب المصري حريص على عدم التصعيد الكلامي أو الدبلوماسي، وعلى العكس لاتراعي الحكومة السودانية ذلك طوال الفترة الماضية"، مؤكدا على عقد اجتماع برلماني موسع ستحضره الحكومة لبحث التطورات المتلاحقة في هذا الملف.
فيما أكد رئيس لجنة العلاقات الأفريقية سابقا والنائب الحالي حاتم باشات أن السودان منحت نفسها حق التقارب مع تركيا، ولكنها تنكر الآن على مصر تقاربها مع دول مهما كانت، مشددا على أن تصرفات الرئيس السوداني عمر البشير مرفوضة، وتصعيده ضد مصر صورة واضحة على التناقض الشديد.
وأكد باشات على أن مصر حينما تجد تطورات وترتيبات إقليمية من حولها، لن تقف مكتوفة الأيدي، ومن كامل حقها أن تتحرك وفقا لما فيه مصلحتها، الكل يفعل ذلك وأولهم الحكومة السودانية، مشددا على أن مناقشة عاجلة في البرلمان ستتم حول الخطوات السودانية المتسارعة التي تتسم بالعداء مع مصر.
ولا تزال تترقيب الأوساط السياسية في كل من مصر والسودان، احتواء هذا الخلاف وأن يعد بمثابة سحابة سوداء أثرت على مسار العلاقات خلال الفترة الأخيرة، حيث يعتبر شعب مصر والسودان أنهم شعب واحد منذ زمن طويل.
أرسل تعليقك