أعلن القائد العام للقوات المسلحة العراقية حيدر العبادي، من مدينة الموصل الشمالية، النصر رسميًا على تنظيم "داعش"، وإتمام تحريرها من قبضته بالكامل، مؤكدًا أن النصر حققه الشهداء والجرحى، وقال إنه نصر عراقي بالكامل حيث لم تشارك فيه على الأرض أي قوات أجنبية، وقدم الشكر للدول التي دعمت العراق في هذه المعركة، التي استمرت تسعة أشهر، فيما رحبت جامعة الدول العربية بتحرير مدينة الموصل العراقية من تنظيم داعش.
وقال العبادي وهو يتوسط قادة القوات العراقية المشتركة ومقاتليها، من مقرها في الموصل في كلمته، "من قلب الموصل المحررة أعلن النصر المؤزر لكل العراق والعراقيين هذا العيد الكبير الذي توج بالنصر". وأضاف "أن العراقيين وفي مقدمتهم المقاتلين قد اوفوا بوحدتهم العهد فقاتلوا الدواعش هذه السنوات، واسقطوا حكم الخرافة وافشلوا مخططات تفريق العراقيين الذين هم اليوم اكثر وحدة مما كانوا عليه".
وأشار العبادي إلى أن الانتصار اليوم هو على الظلام الداعشي. وشدد بالقول "أعلن من هنا انتهاء دولة الخرافة دولة داعش في نصر تحقق على هذه الدويلة القاتلة، والتي تذهب إلى مزبلة التاريخ". وثمن دور المرجعية الشيعية العليا لاية الله السيد علي السيستاني، الذي أصدر فتوى الجهاد الكفائي التي شكلت الحشد الشعبي من المتطوعين لقتال داعش.
وشدد العبادي على أن النصر المتحقق في الموصل، كان عراقيا صرفا على ارض العراق، حيث لم يقاتل أي شخص على تربتها من غير العراقيين. وقدم الشكر لكل الدول التي وقفت مع العراق بالتدريب والدعم اللوجستي، والدعم الجوي للقطعات العسكرية على الأرض.
ولفت العبادي إلى أن أمام العراقيين الان وبعد تحرير الموصل مهمة تطهير العراق من خلايا داعش، وإعادة الإعمار والاستقرار للعراق، وإعادة جميع النازحين إلى مناطقهم، وقال في الختام "عاش العراق منتصرا .. عاش العراق .. والحمد لله على نصره".
وفي مشهد وطني بدت فيه الموصل وكأن سماءها قد أمطرت اعلاما عراقية، ابتهاجا بعودتها كاملة إلى حضن العراق حيث تم القاء ثلاثة ملايين علم عراقي مطرز. ولمناسبة إعلان بيان تحرير مدينة الموصل الحدباء وتزامنا مع خطاب النصر فقد باشرت مفرزة العمليات النفسية الجوية للقوات العراقية، بإلقاء ثلاثة ملايين علم عراقي مطرز على خارطة الموصل التي تحررت بالكامل.
وتمثلت عملية اقتحام المدينة القديمة في غرب الموصل حيث الأزقة الضيقة والمباني المتلاصقة تتويجا للحملة العسكرية التي بدأتها القوات العراقية قبل أشهر لاستعادة كامل مدينة الموصل آخر أكبر معاقل تنظيم داعش في البلاد. وتشكل خسارة الموصل النهاية الفعلية للجزء العراقي من "الخلافة" العابرة للحدود التي أعلنها تنظيم داعش في يونيو/حزيران عام 2014 بعد سيطرته على مناطق واسعة من العراق وسورية المجاورة.
وانطلقت العمليات العسكرية يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول 2016، بقوة مشتركة من 109 آلاف عنصر من الجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية وقوات التدخل السريع وقوات سوات والفرقة الذهبية والشرطة المحلية وقوات البشمركة ومليشيات "الحشد الشعبي" ترافقها وحدات من الحرس الثوري والباسيج الإيرانيين، وقوات العشائر وقوات حرس نينوى وفصيل الضياغم التابع لعشيرة شمر.
ودعم من التحالف الدولي، ممثلا بسلاح الأميركي والكندي والبريطاني والفرنسي والعراقي وثلاث وحدات برية من الكوماندوز ووحدة فرنسية خاصة ووحدة كندية خاصة، وسرب طائرات أباتشي أميركية وثلاث بطاريات مدفعية أميركية وبريطانية وفرنسية. وشنت خلالها قوات التحالف الدولي أكثر من 20 ألف طلعة جوية خلال المعركة عدا الطيران العراقي.
وبلغ عدد القتلى المدنيين في الموصل، بحسب تقارير طبية عراقية وأخرى ألمانية، أكثر من 16 ألف قتيل ونحو 30 ألف جريح يشكل الأطفال والنساء، منهم 61% أعلن كردستان العراق عن استقبال مستشفياته معظمهم، وسط توقعات بوجود ضحايا آخرين تحت أنقاض المنازل. وبينما بلغ عدد النازحين ثلاثة ملايين و100 ألف نسمة، من بينهم مليون و230 ألفا يسكنون الخيام موزعين على 42 مخيماً والآخرون وجدوا منازل نظامية في بغداد وكردستان قاموا باستئجارها على نفقتهم الخاصة.
وبلغت خسائر الموصل، وفقا لحكومتها المحلية، 41 مليار دولار أميركي بواقع نسبة تدمير بلغت 80 في المائة شملت مستشفيات ومدارس وجامعات وجسوراً ومحطات كهرباء وماء ومصارف ومصانع كبيرة، ودور عبادة و15 منطقة أثرية تعود أغلبها لعصور ما قبل الإسلام عدا عن أكثر من 18 ألف منزل.
ورحبت جامعة الدول العربية بتحرير مدينة الموصل العراقية من تنظيم داعش التخريبية. وهنأ الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط القوات المُسلحة العراقية، بهذا الإنجاز المهم والحاسم، معربا عن أمله أن يُمثل هذا الانتصار خطوة على طريق استقرار الوضع العراقي. وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قد أعلن رسميا مساء اليوم في كلمة له بثها التلفزيون العراقي تحرير مدينة الموصل من تنظيم "داعش".
والموصل هي ثاني أكبر مدن العراق وقد سيطر عليها داعش في العاشر من يونيو/حزيران عام 2014 لكن القوات العراقية تمكنت خلال حملة عسكرية بدأت في 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي من استعادة النصف الشرقي الأيسر للمدينة في 24 يناير/كانون الثاني الماضي ثم بدأت في 19 فبراير/شباط الماضي عملية عسكرية، لاستعادة السيطرة على القسم الغربي الأيمن من المدينة حيث استكملت مهمتها التاريخية اليوم باستعادة المدينة بالكامل.
أرسل تعليقك