القاهرة - محمد التوني
أوضح شيخ الأزهر الشريف الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، أن حديثنا عن زواج القاصرات إنما كان للرد على هؤلاء المتربصين بالإسلام وبالحضارة الإسلامية، وهم المكلفون بتشويه الإسلام بأي صورة من الصور، وعلى الجميع أن ينتبه لهذا الفريق الذي نشط الآن للحديث عن الإسلام وتشويهه في أذهان الشباب.
وأكّد في حديثه على الفضائية المصرية، أنّ معظم الفقهاء يرفضون مسألة زواج الصغيرات وكثير منهم أبطل عقد الزواج قبل بلوغ الولدأو البنت، وبطلانه يعني أنه لا يترتب عليه لا مهر ولا توارث؛ لأنه شيء خارج عن الطبيعة، لكن بعد البلوغ فالزواج جائز على اعتبار أن الأمر خاضع للعادات والتقاليد والمجتمعات سواء كانت مجتمعات قبلية أم مجتمعات حضرية.
وأضاف شيخ الأزهر، أنه إذا كان الأمر يتعلق بعادات وتقاليد فبأي وجه يحرّم الفقهاء هذا الزواج وهم في عصور ليس فيها قوانين تحدد سن الطفولة ولا سن الزواج ولا مواثيق دولية، وبالتالي كان لابد أن يقولوا: إن هذا يتماشى مع الإسلام أو لا يتماشى معه، لكن من مرونة الشريعة أنها لم تحدد سنًّا معينة للزواج ليقبل هذه الصورة أو تلك التي قد تتغير وتتبدل، وفي هذا السياق قلنا في هذه المسألة: إن من حق ولي الأمر شرعًا أن يقيد فيها هذا المباح الشرعي، لما فيه مصلحة الأولاد والبنات ومصلحة المجتمع.
وتابع، أنه دائمًا ما يثار أن النبي –صلى الله عليه وسلم- تزوج من السيدة عائشة – رضي الله عنها- وهي صغيرة بنت تسع سنوات، والحقيقة بعد قراءات كثيرة مع الأديب العملاق عباس العقاد أن السيدة عائشة حين تزوجت من الرسول –صلى الله عليه وسلم- كان لا يقل عمرها عن 13 إلى 16 سنة، وعندي رد مختلف تمامًا فأيًّا كان سن السيدة عائشة حين تزوجها النبي –صلى الله عليه وسلم- فالمهم أن هذا الزواج كان يتماشى مع الأعراف والتقاليد ولم يكن زواجًا خارجًا على قواعد المجتمع، فلو راجعنا كتب السيرة التي سجلت معاناة النبي –صلى الله عليه وسلم- من قريش ومن أبناء عمومته؛ لأنه هزم فيهم كبرياءهم، ومحاولتهم أن يلصقوا به أي نقيصة، ما وجدنا فيها -ولا عند المستشرقين- من يوجه اللوم للنبي –صلى الله عليه وسلم- حينما تزوجها ويقول مثلًا: تزوجها صغيرة وهي بنت تسع –كما يزعمون- وهو رجلٌ كبيرٌ، وهذا لا يليق بالرِّجالِ، مشيرًا إلى أن التاريخ لم يسجل شيئًا من هذا اللوم مع أن هذه كانت فرصتهم للنيل منه –صلى الله عليه وسلم- ممَّا يدلُّ على أن هذا الزواج تم في إطار المقبول اجتماعيًّا.
وأكّد فضيلة الإمام الأكبر أن إثارة موضوع زواج النبي –صلى الله عليه وسلم- الذي تم في زمانه تحت غطاء اجتماعي، ومحاولة بعثه من جديدٍ وتشويهه، يدلُّ على أن هؤلاء الذين يثيرون مثل هذه الأمور يحملون في صدورهم الضغينة ضد الإسلام، (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) ويريدون أن يغبروا في وجهه، التغبير الأول كان في التراث، والآن في سيرة النبي–صلى الله عليه وسلم- ولن يقفوا عند هذا الحد بل سيكون هناك تغبير على القرآن الكريم، وسنجد قريبًا من يطعن في القرآن في فضائيات تعيش على إعلانات يدفعها الفقراء، فهذه القنوات يطل علينا من خلالها من يطعن في السيرة ومن يقول الأحاديث باطلة ويمهدون للطعن في القرآن، وأستطيع الآن أن أعدد لكم ماذا سيقولون عن القرآن؛ لأن هؤلاء ليسوا علماء وإنما هم أناس عندهم مهملات قديمة يفتحونها ويأتون بها إلينا.
وواصل فضيلته: وإذا كان من اعتراض على زواج النبي -صلى الله عليه وسلم- من السيدة عائشة –رضي الله عنها- وهي في سن صغيرة، فلماذا لم يتحدث أحد على خطبتها الأولى من مطعم بن جبير إذا كنتم إنسانيين لهذه الدرجة؟!، والتاريخ لم يسجل أن الخطبة الأولى كانت خطأ أو نشوزًا أو خروجًا على أعراف المجتمع وكذلك الأمر في خطبتها الثانية وزواجها من النبي -صلى الله عليه وسلم- رغم التربص به- صلى الله عليه وسلم-، وأيضًا إذا كان من اعتراض فلماذا لا تعترضون على زواج السيدة "هدى شعراوي" في القرن العشرين في سن كانت تميل فيه إلى عالم الطفولة وتلعب كلما وجدت إلى اللعب سبيلا، وذلك كما ذكرت في كتابها (مذكرات رائدة المرأة العربية)، وهذا يثبت أن موضوع زواج القاصرات يتعلق بعادات وتقاليد كانت موجودة إلى عهد قريب، والآن المجتمعات ارتبطت بمواثيق دولية في تحديد سن الطفولة ورفعت سن الزواج إلى سن 18 عامًا.
أرسل تعليقك