أعلنت إندونيسيا عن بيعها صكوكًا سيادية خضراء بقيمة 1.25 مليار دولار، لتصبح بذلك أول حكومة آسيوية تبيع هذا النوع من السندات المطابقة للشريعة الإسلامية والموجهة لمشروعات غير مضرة بالبيئة. وكانت بولندا هي أول دولة في العالم تطرح هذا النوع من الأوراق المالية في 2016، وجنت من ورائها 750 يورو مقابل سندات بأجل خمس سنوات. والشهر الماضي جمعت بولندا مليار يورو آخر في ثاني طرح من هذا النوع بأجل 8.5 سنة وعائد 1.125 في المائة، لتصبح أيضاً أول دولة في العالم تصدر طرحين من هذه الأوراق المالية التي تكافح التلوث العالمي.
وطرحت فرنسا سندات خضراء بقيمة 7 مليارات يورو في يناير/كانون الثاني من 2017، وكانت فيغي أولى الأسواق الناشئة التي تطرح سندات خضراء في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بقيمة 50 مليون دولار. وأبدت كل من بلغاريا ونيجيريا اهتمامهما بإصدار مثل هذه السندات، لكن لم تطرح أي حكومة آسيوية قبل إندونيسيا سندات خضراء، وإن كانت شركات هندية وصينية خاضت تجربة مثل هذه الطروحات. وتوجّه السندات الخضراء للإنفاق على مشروعات تتعلق بالمناخ أو البيئة مثل الطاقة المتجددة والمواصلات المستدامة وإدارة المخلفات والمباني الخضراء والسياحة الخضراء.
ويشهد التمويل الأخضر توسعا متسارعا خلال السنوات الأخيرة، فوفقا لمبادرة سندات المناخ التي تتخذ من لندن مقرا، بيعت سندات من الفئة المسماة بالسندات الخضراء بقيمة 155.5 مليار دولار العام الماضي. وبلغ أجل السندات الإندونيسية المبيعة خمس سنوات، وحملت الصفقة عائدا نسبته 3.75 في المائة مقارنة مع سعر استرشادي 4.05 في المائة استخدمه المصرفيون للمستثمرين.
وتعد إندونيسيا من أكبر مصدري الفحم، الذي يتسبب حرقه في تلويث البيئة، وواحدة من بين أكبر الدول التي تصدر انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وبخاصة بسبب حرائق الغابات المدمرة. وأظهرت وثائق السندات الجديدة أن إندونيسيا أكدت عدم تمويل أي بنى تحتية تعتمد على الوقود الأحفوري أو مشروعات تشمل حرقا للخث، لكنها حذرت من أن بعض المشروعات قد تكون لا تزال تضم عنصرا لإزالة الغابات.
وتتطلع إندونيسيا للحد من دورها في تلوث البيئة حيث تعهد الرئيس جوكو ويدودو بتخفيض الانبعاثات بـ29 في المائة على الأقل بحلول 2030 عن المعدلات المعتادة للبلاد. كما تستهدف إندونيسيا أيضا تخفيض استخدام الفحم في توليد الطاقة واستبداله بالمصادر المتجددة لتجعل ربع مزيج الطاقة تقريباً في 2025 من الطاقات المتجددة مقارنة بحصة بنحو 12 في المائة في الوقت الحاضر، مع استهدافها لاستكمال مشروعات تولد 1800 ميغاوات من الرياح وحدها. ولكن رغم هذه التعهدات يرى خبراء أن هناك الحاجة لبذل المزيد من الجهود لمنع تكرار حرائق الغابات الضخمة مثل التي وقعت في 2015.
وأدار طرح الصكوك الخضراء الجديد بنوك سيتي جروب ودبي الإسلامي وبي آي إم بي وإتش إس بي سي وبنك أبوظبي الإسلامي. وجمعت إندونيسيا أيضا 1.75 مليار دولار من خلال بيع صكوك أجلها عشر سنوات بالتزامن مع إصدار السندات الخضراء. وبلغ العائد على الصكوك الأطول أجلا 4.4 في المائة انخفاضا من سعر استرشادي4.7 في المائة. وقالت بلومبرغ في تقرير هذا الشهر إن اقتصاد البلاد كان ينمو بنحو 5 في المائة سنوياً ولكن في الوقت نفسه تكافح الحكومة لتحصيل عائدات تمول الخطة الطموحة للرئيس ويدودو لتمويل البنية الأساسية.
وكانت بلومبرغ أعلنت في بيان قبل أيام عن إضافة السندات الإندونيسية السيادية، التي تصدر بشكل أساسي بالعملة المحلية الروبية، في مؤشر السندات الدولي لبلومبرغ وباركليز، والذي يغطي السندات الحاصلة على تصنيف «درجة الاستثمار»، وذلك بدءا من يونيو (حزيران) المقبل. وسيشمل مؤشر بلومبرغ وباركليز 50 سندا حكوميا بقيمة 151.3 مليار دولار كقيمة سوقية في 31 يناير/كانون الثاني 2018.
ويحوز المستثمرون الأجانب على نحو 40 في المائة من السندات الحكومية، الصادرة بالروبية بشكل أساسي، والتي تبلغ قيمتها 148 مليار دولار (2119 تريليون روبية). واستعادت إندونيسيا تصنيف "درجة الاستثمار" من وكالة فيتش في نهاية 2011. ومن وكالة موديز بعد شهر من ذلك. ومؤخرا منحت ستاندرد أند بورز إندونيسيا درجة الاستثمار في مايو (أيار) الماضي، مما رفع من قيمة العملة المحلية.
وكان البنك المركزي الإندونيسي أعلن قبل أيام عن أن الدين الخارجي للبلاد العام والخاص زاد بنسبة 10.1 في المائة على أساس سنوي ليصل إلى 352.2 مليار دولار خلال الربع الأخير من 2017. وقال المتحدث باسم المركزي إن الدين الخارجي الجديد للبلاد تم توجيهه بشكل أساسي لتمويل مشروعات البنية الأساسية. معتبرا أن الدين الخارجي ما زال في منطقة آمنة، خاصة أن 86.1 في المائة منه من الديون طويلة الأجل.
ونمت الديون طويلة الأجل في الربع الرابع بنسبة 8.5 في المائة، بينما نمت الديون قصيرة الأجل بـ20.7 في المائة. ووصل هامش الدين الخارجي للناتج المحلي الإجمالي إلى 34 في المائة. وتحظى إندونيسيا باحتياطات من النقد الأجنبي تتخطى مستويات الأمان المعترف بها، حيث أعلن المركزي الإندونيسي عن بلوغ الاحتياطات في يناير/كانون الثاني 131.9 مليار دولار، مرتفعاً من 130.2 مليار دولار في الشهر السابق.
وتكفي هذه الاحتياطات لتغطية 8.5 شهر من الواردات و8.2 شهر من الواردات والتزامات الدين الحكومية، بينما يقتصر حد الأمان على ثلاثة أشهر من الواردات. وعزا المركزي الزيادة الأخيرة في الاحتياطيات إلى عدة عوامل منها عائدات الضرائب وعائدات النقد الأجنبي من نصيب الحكومة من صادرات النفط والغاز.
أرسل تعليقك