تعد التجارة الإلكترونية نوع من تسويق المنتجات أو الخدمات قائم على التسويق التواصلي من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يقوم المستهلك بدعوة مستخدمين أخرين لشراء منتج في مقابل عمولة، ويحصل أيضًا المستخدم على نسبة من هذه العمولة في حالة قيام العملاء ببيع المنتج لأخرين بحيث يصبح المستهلك على قمة هرم ويكون لديهِ شبكة من الزبائن المشتركين بأسفله، أو عدد من العملاء قام بالشراء عن طريقهم.
وتحولت هذه الطريقة في الآونة الأخيرة إلى وسيلة لتحقيق الأرباح فقط ولم تعد مجرد وسيلة من وسائل التسويق، مما جعلها محط انتقاد الكثيرين نظرًا لإضافة منتجات لا قيمة لها أو زائدة عن قيمتها الأصلية، ويلجأ المستخدم لشرائها ليس بهدف الاستفادة منها بل من أجل السعي وراء الربح، مما يجعل المستخدمون على قمة الهرم يحققون أرباح خيالية بينما القاعدة الأكبر من العملاء في هذه الطريقة قد لا يحرزوا أي مكسب في النهاية، ويحدث خلالها عمليات نصب على الشباب اقتربنا من بعض الشباب الذي خاض التجربة وحاولنا معرفة هذه النظام عن قرب.
ويكشف الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي، أن الشباب في مصر سواء بنات، أو أولاد ينهي تعليمهم، ويظل يبحث عن فرصة عمل ، ولكن من دون جدوى، وعندما يجد أن كل الطرق مسدودة يضطر أن يلجأ للتجارة الإلكترونية ليحقق ذاته ويرفع من مستواه المادي ليواكب هذا العصر الملغم بالكوارث الاقتصادية والوضع السيئ الذي يغزو البلد.
ويمكننا القول إن التجارة الإلكترونية تتناسب طرديًا مع نسبة البطالة، قبل أن نطالب الشباب بأن يقلعوا عن تلك التجارة فعلى الدولة توفير السبل البديلة التي تغنيهم عنها, وتأثير هذه التجارة على اختفاء العملة الصعبة في مصر وارتفاع نسبة الدولار, وأكد الخبير الاقتصادي "أنها بالفعل من ضمن الأسباب التي تؤثر على اقتصاد الدولة وتقوم بتسويق منتجات أجنبية وتحويل الفلوس للخارج ولكن قبل أن نقيم الحد على هذه التجارة بالذات يجب أن ننظر إلى بقية العوامل التي تتسبب في هذا هي الأخرى بعيدًا عن هذه التجارة.
ويؤكد عبده أنه في النهاية يوجد حقيقة لا يمكن لأحد ينكرها وهي "مصر تستهلك والعالم ينتج" كل شيء في مصر يتم استيراده من الخارج لأننا دولة مستهلكة وليست منتجة على الإطلاق ويتبع ذلك ارتفاع سعر الدولار، قبل أن تطالب بالحد من الاستيراد والتجارة بمنتجات أجنبية عليك أولًا أن تنتج البدائل التي تغنينا عن ذلك.
واختلفت الفتاوى بشأن هذه التجارة هل هي حرام أم حلال, وجدنا أن معظم الفقهاء يتفقون على أن مسألة تحليل وتحريم هذه التجارة تتوقف على نوع المنتج طالما المنتج مفيد، وحلال ولا يضر المستهلك بأي ضرر فإنه لا حرج أما إذا كان غير ذلك أو يتم بيعه بسعر أعلى من السوق الخارجية فإنه في هذه الحالة غير مستحب, ولكن هدف معظم هذه الشركات تحول من بيع المنتجات أو الخدمات إلى المكاسب المادية التي يحصلون عليها من المستهلكين وكذلك هدف المستهلكين أيضًا تحول من شراء المنتجات إلى الحصول على أرباح فقط.
وحسمت دار الإفتاء المصرية، الجدل الفقهي بشأن التجارة الإلكترونية بأنها حرام شرعًا، وذلك بعد دراسة فقهية مستفيضة بمشاركة الفقهاء وخبراء قانونيين ومتخصصين في هذا النوع من المعاملات التجارية، بعد انتشار حالات النصب المتعددة، و ازدياد الشكاوي منها ومن أثارها، فلا توجد قوانين لتنظيم التعامل بها مع غياب للرقابة المالية.
وتستغل هذه الشركات الظروف الصعبة للناس سواءً من الناحية المادية أو انتشار البطالة لإقناعهم؛ لذلك يعتبر الشباب أكثر ضحايا هذه التجارة علاوة على أن الهدف الأساسي لمعظم هذه الشركات جلب الأموال فقط ولكنهم يحاولون إقناع الشباب بحجة المنتج، "أنت مدير نفسك" تلعب هذه الشركات على الشباب بهذه الجملة مما يجعلهم يتركون وظائفهم والاتجاه لهذا العمل الذين يدعون أنه حر, بالإضافة إلى أنهم يوهمونهم بفكرة الربح السريع وهذا غير صحيح, و من المفترض أنك تشتري منتج مرة واحدة فقط التي تعتبر شرط دخولك للعمل ولكن هذا غير صحيح في معظم الشركات حيث يطلبون منك كل فترة شراء منتج كي تكمل معهم.
ومنعت الكثير من دول العالم وعلى رأسها أميركا وأوروبا عمل شركات التجارة الإلكترونية، وتجريم عملها قانونيًا، ومصر تقف مكتوفة الأيدي أمام تلك الشركات التي تضر بالاقتصاد الوطني, وتسبب نظام التجارة الإلكترونية في انهيار الاقتصاد الألباني بخسارة ثلثي الشعب الألباني 1.2 مليار دولار نتيجة التعامل بهذا النظام، لذلك تم منعه في السعودية، السودان، الجزائر، الأردن، الكويت، تركيا، الهند، نيبال، إندونيسيا، أفغانستان وكثير من دول العالم، حيث البطالة والفقر يدفعان الشباب إلى الحلم بالربح السريع الذي ينتشلهم من أوضاعهم المزرية، ولا تزال هذه الشركات تجد ملاذًا آمنًا لها في مصر من دون أية مراقبة.
وتجاوزت أضرار التسويق إلى نحو نفسي واجتماعي، إذ يتحول الشخص الذي ينخرط في هذا النظام إلى شخص لا يقدر العلاقات الإنسانية، وتتحول كل علاقاته مصلحة قائمة على البيع والشراء، ويتحول أهله وأصدقائه إلى زبائن ويبذل قصارى جهده في استقطابهم، وإقناعهم بالدخول إلى هذا النظام، ويصبح الكذب والخداع عنده حرفة، ويستخدم كل الوسائل الممكنة، للإيقاع بهم في هذا الشراك.
أرسل تعليقك