"حب ما تعمل لكي تعمل ما تحب".. " إن فاتك الميرى اتمرمغ فب ترابه ".. عبارتان تربينا عليهما جيل وراء جيل، يلقنا إياها الأباء بصورة باتت تحتم على الشاب أن يسير فى درب من سبقوه، و يخرج فى ركاب رحلة "الألف ميل"، رحلة البحث عن وظيفة آمنة ومستقرة، إلا أن بعض الشباب والشابات رفضوا المكوث في خندق البطالة، وبعضهم انشقوا عن القافلة، وتمردوا على روتين المكتب و قيود الوظيفة، وذهبوا فى رحلة أمتع للبحث عن ذاتهم، يرافقهم شعار "لا تضيع عمرك فى عمل ما لا تهوى، و أعمل ما تحب".
تخرجت شيماء إسماعيل، منذ 4 سنوات، من كلية الحقوق، وتنقلت مابين وظيفة وأخرى ووصفت حالتها حينها قائلة: " مكنتش بلاقي نفسي ولا برتاح "، في الوقت ذاته وجدت يدها طريقها إلى بعض البقايا المستهلكة فى منزلها، وبعض العبث بأناملها جددتها وحولتها إلى قطع فنية لاقت استحسان اصدقائها، وتدريجيًا نبت مشروعها الوليد "زقزوقة ".
تقول شيماء " زقزوقة تهدف لتعليم الناس وخصوصًا الفتيات وربات البيوت إعادة التدوير للمواد المتواجدة بالمنزل من بلاستيك و أوراق ومعدن وقماش لمنتجات تصلح للبيع بإستخدام الحرف اليدوية القديمة "، موضحة أنها تصنع الإكسسوارات المختلفة عن طريق النول و الورق وفن الخيامية، كما تصنع "الكليم " وغيره من المنتجات التراثية بمواد معاد تدويرها، مقدمة في الوقت ذاته ورش للتعليم بالمهرجانات المختلفة والحفلات والفعاليات ويتم عرض المنتجات فى المعارض المختلفة ، وستبدأ قريبًا في تقديم برنامج فني على موقع " اليوتيوب ".
و اشارت إلى أنها تسعى إلى تأسيس مشروعها بشكل قانونى إلا أن ضعف الإمكانيات المادية قد أخرها كثيرًا وهو الأمر الذي تسبب في إستغلال الكثيرين لها خلال عرضها لمنتجاتها وتقديمها للورش، موضحة أنها لجأت للكثير ممن لهم خبرة فى تأسيس المشاريع لمساعدتها ولكنها لم تتلقى الدعم حتى الآن.
وأضافت أن توجه الدولة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال الفترة الأخيرة شجعها على السير في مشروعها وتحويله إلى كيان رسمي.
و تضيف "شيماء" بتفائل: " كده كده في الشغل العادى عمرك بيضيع فانا بضيعه فحاجة مبسوطة فيها، و الفلوس بتيجى وبتروح و انا بقع وبقوم بس مبسوطة بالى بعمله وسعيدة ".
وكان محمد البيك خريج كلية التجارة وصاحب مشروع " فابريكا " الخشب صديقه في رحلته ومشروعه، معللًا ذلك بان الخشب صديق للبيئة وللجميع.
ويروي البيك ,رحلته مع "فابريكا" قائلًا " بدأت خطواتي من خلال مشاركتي في مشروع شباب هو " فاب لاب " مجهز بالأدوات و الماكينات التي اتاحت لى الفرصة للتعلم وبعد فترة من البحث والتعلم بدأت خطة مشروعي وصورته تتبلور في مخيلتى وبدأت بالفعل فى عمل نماذج مختلفة من الخشب كانت بدايتي بالنظارات ولاقت استحسان كبير واقبال من المشترين، وتطور الأمر للبراويز و المرايات و غيرها من المنتجاب الخشبية غير التقليدية .
و أضاف البيك أنه يطمح في الفترة المقبلة أن يتمكن من الإستقلال بمشروعه والعمل على تطويره بشكل أكبر ليقف على أرض صلبة ، مؤكدًا أن مشكلته الحالية تتمثل في شركات التوصيل التي قد تفرض على المشترى مبلغ يعادل سعر المنتج أو أكبر منه .
وأكمل البيك اتمنى أن المسؤولين يستمروا في تقديم الدعم والمساعدة للشباب، خصوصًا أصحاب المشاريع المبتدئين، فانا لا استطيع دفع 20 ألف جنيه إيجار محل بإحدى المولات لعرض منتجاتي لاتمكن من الاستقلال الذاتي ".
وتروي غادة خريجة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية والعاملة بمجال الإعلام، كيف قررت أن تترك مجالها الذى نجحت فيه هروبًا من الضغوط والمشاكل التي حاصرتها والمنافسة التى جعلت الزملاء فى حالة حرب دائمة، مؤكدة " كنت اشعر دائما أنني لست في مكاني الصحيح ولا أحد يقدر إمكانياتي وخبراتي الدراسية والحياتية فضلًا عن كرهي للروتين فالوظيفة تفرض عليك إطارا لا تستطيع أن تخرج منه ،وتتقيد دائمًا بآراء ومواقف الرؤساء اتجاهاتهم "، وبدأت فى إنشاء مشروعها برفقة عدد من أصدقائها ويتمثل فى مساحة فنية اشبه ما تكون لمركز ثقافى صغير يضم معرضا لمختلف الأعمال الفنية وأستوديو للرسامين ،و يوفر مكانًا لإقامة بروفات الفرق المسرحية واستوديو للجرافيتى ،كما يقدم عدد من الورش المختلفة فى مجال الإعلام وورش الكتابة المختلفة ،وايضا فى مجالات الفنون المختلفة خاصة تعلم الحرف القديمة ولكن مع إضافة لمسة عصرية عليها ، بالإضافة إلى ورش تعلم اللغات بأساليب جديدة كالمشاهدة والمالتي ميديا ،مشيرة إلى أهتمامها ايضا بتنظيم الفعاليات الثقافية الخاصة بثقافات مختلفة داخل مصر كالنوبة وخارجها كالهند والمغرب" .
المجتمع والبيئة المحيطة لم يتركا غادة لحلمها من دون صراع حيث بدأ من يحاول اقناعها بأن الفنون والموسيقى والحفلات حرام شرعا والبعض الآخر غير مقتنع بتركها للعمل الوظيفى من أجل مشروعها، بالإضافة إلى من قابلتهم خلال الإعداد لمشروعها و تعاملوا معها بمنطلق غير اخلاقى متوقعين انها فتاة سيئة الخلق.
وتعتمد غادة وأصدقائها على أنفسهم فى تجهيز وترتيب مقر مشروعهم و تنفيذ الديكورات الخاصة به فى محاولة لتقليل التكاليف وفى الوقت ذاته تنفيذ ما فى مخيلتهم من ديكورات فنية .
وكشفت غادة عما واجهته من مشاكل ومحاولات للنصب عليها خلال رحلة استخراج التراخيص والبطاقة الضريبية التى استغرقت شهران ،مؤكدة ان رفضها لتقديم رشوة للموظفين تسبب فى تأخرجها كثيرا ، كما خسرت الكثير من الأموال بعد أن اكتشفت أن المقر الذي أجرته عليه نزاع قانوني كبير ،ما ادى لتغيير مكانه من مدينة 6 أكتوبر إلى مدينة نصر ،كما تمت سرقة أسم المشروع ، متهمة منظمات المجتمع المدنى التى تعلن دائما عن تقديمها المنح لاصحاب صغار المشاريع ودعمهم بانهم حاولوا تحقيق مكاسب مادية من وراء ذلك أكبر بكثير من المبلغ الذى ستحصل عليه فالنهاية ،كما يحتاج الأمر لواسطة بداخل المنظمة ، وفى محاولة الحصول على رعاة تجاريين ,مشيرة أن الشركات اشترطت ان توقع على عقود احتكار تلزمها بقيود كثيرة ،فضلا على العمولات ،مؤكّد أنها تعاني أيضًا خلال الحصول على ترخيص وزارة الداخلية لإقامة الفعاليات والحفلات قائلة " الامر مرهق جدا ومكلف فكثيرا ما ترفض الداخلية منحى الترخيص اللازم ولاتخبرنى الا فى وقت متأخر بأتكبد خسائر مادية كبيرة ".
ويوجد في المنصورة 6 طلاب بكلية الهندسة اكتشفوا أن ذلك ليس مجالهم وإنما فقط دخلوه لإرضاء أسرهم ،فقرروا التوجه إلى مجال ريادة الأعمال وانشأوا أول "مساحة عمل " في المنصورة تحت اسم "الساحة"، عرفها محمود موسى أحد الطلاب، بأنها " ساحة عمل مشتركة هدفها تجميع كل الطاقات البشرية الموجوده فى اكتر من مجال وخلق حلقات اتصال بينها "، موضحا أن الفكرة جاءتهم عندما وجدوا أن السوق بالمنصورة فى حاجة لمشروع كهذا وهناك الكثير من المبادرات والمشاريع الشبابية التى تحتاج لمن يربطها ببعضها البعض .
وشدد موسى على أن أكثر ما يواجهوه من مشاكل هي المشاكل المادية التى تؤخر كثيرا فى تقدم المشروع ، وكذلك محاولة إقناع الناس بان مشروعهم ليس "كافيه " ولا مركز لتقديم الكورسات
أرسل تعليقك