أكّد وزير التجارة والصناعة، المهندس طارق قابيل، أن الدورة الحادية عشر للجنة المصرية الروسية المشتركة تمهّد لبدء مرحلة جديدة للعلاقات التجارية والاقتصادية بين القاهرة وموسكو وتسهم في ترسيخ الشراكة الإستراتيجية بين البلدين في مختلف المجالات، مشيرا إلى أن الدعم القوى والمؤثر للرئيسين عبد الفتاح السيسي وفلاديمير بوتين في دفع العلاقات المشتركة يعد قوة دافعة للوصول إلى أهداف تحقق المصلحة المشتركة للاقتصادين المصري والروسي على حد سواء.
جاء ذلك في سياق كلمة الوزير التي ألقاها خلال فعاليات الدورة الحادية عشر للّجنة المشتركة المصرية الروسية للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والفني، والتي عُقدت بالعاصمة الروسية موسكو خلال الفترة من 21-23 مايو/أيار الجاري وبحضور دينيس مانتيروف وزير التجارة والصناعة الروسي، وإيهاب نصر سفير مصر في روسيا والسفير سيرجى كيربتشينكو سفير روسيا في القاهرة .
وقال قابيل إن إقامة المنطقة الصناعية الروسية في مصر تعد خطوة هامة في طريق تعزيز علاقة الشراكة والتعاون الاقتصادي، مشيرًا إلى أن هذا المشروع الضخم يحقق مصلحة مشتركة للاقتصادين المصري والروسي ويجعل من مصر قاعدة إقليمية للاستثمارات الروسية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، مضيفا أن العامين الماضيين منذ عقد اجتماعات الدورة العاشرة لأعمال اللجنة المشتركة في فبراير/شباط 2016 في القاهرة قد شهدا تطورات إيجابية على صعيد التبادل التجاري بين البلدين، والذي بلغ خلال عام 2017 نحو 3.8 مليار دولار وهو أعلى مستوى للتبادل التجاري في تاريخ العلاقات التجارية بين مصر وروسيا الاتحادية، لافتا إلى أن الزيارات الرسمية المكثفة وزيارات رجال الأعمال بين البلدين خلال العامين الماضيين والتي جاءت مواكبة لتحسن مؤشرات الأداء الاقتصادي في البلدين وتجاوز العقبات التي واجهها الاقتصادين المصري والروسي خلال المرحلة الماضية فتحت آفاقًا أرحب للتعاون المشترك بما يسهم في تحقيق مصالح الطرفين والمنفعة المتبادلة.
وأوضح الوزير أن مصر تتطلع إلى الإسراع في بدء المفاوضات الخاصة بإبرام اتفاق التجارة الحرة بين مصر ودول الاتحاد الاوراسي التي تضم روسيا الاتحادية وبيلاروسيا وكازاخستان وأرمينيا وقيرغيزستان، حيث سيسهم الاتفاق في تعزيز وزيادة حجم المبادلات التجارية والاستثمارات المشتركة، مشيدًا في هذا الصدد بالخطوة التي اتخذها مجلس الاتحاد الاوراسي بتفويض الدول الأعضاء والمفوضية الاقتصادية للاتحاد الاوراسي ببدء التفاوض مع مصر والعمل على عقد الجولة الأولى للمفاوضات في أسرع وقت ممكن، كما أشار إلى ان استئناف رحلات الطيران بين القاهرة وموسكو وخطوات استعادة رحلات الطيران بين المدن الروسية والغردقة وشرم الشيخ وعودة التدفق السياحي الروسي إلى مصر سيسهم في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتطوير علاقات التعاون الاقتصادي، لافتا إلى أن الاتفاقات والبروتوكولات التي سيتم توقيعها خلال انعقاد اللجنة ستسهم في تفعيل علاقات التعاون وتحسين فرص أداء الأعمال أمام الشركات في البلدين بالإضافة إلى تيسير أداء الأعمال وتسريع إجراءات الفحص والرقابة والتعامل بشفافية وتبادل المعلومات وتلافي العوائق الفنية التجارية
ولفت قابيل إلى أهمية مضاعفة معدلات التبادل التجاري بين مصر وروسيا لتعكس أهمية ووزن البلدين في محيطهما الإقليمي والعالمي، مشيرا إلى حرص مصر على جذب المزيد من الاستثمارات الروسية للسوق المصري وتشجيع إقامة شراكات ومشاريع استثمارية مشتركة واستغلال مناخ الأعمال الإيجابي والمشجع في البلدين، متابعا أن الاستثمارات الروسية غير البترولية في مصر تبلغ نحو 66.5 مليون دولار في عدد 434 مشاريع،لافتا إلى أهمية زيادة حجم هذه الاستثمارات واستغلال الفرص التي ستتيحها إقامة المنطقة الصناعية الروسية في شرق بورسعيد والتي ستفتح المجال أمام الشركات الروسية للاستفادة بإمكانات السوق المصري والانطلاق نحو الأسواق العربية والأفريقية والدول والتكتلات الأخرى التي ترتبط مصر معها باتفاقات تجارة حرة تتيح النفاذ إلى أسواق استهلاكية ضخمة في العالم.
وشدّد وزير التجارة على الفرص التي يتيحها مشروع محور الطاقة الإقليمي للشركات الروسية الكبرى العاملة في مجال البترول والغاز والبتروكيماويات، داعيًا شركات البتروكيماويات الروسية للاستثمار في مجمع البتروكيماويات في السويس ومجمع العلمين، إضافة إلى استغلال فرص الاستثمار في قطاع التعدين في مشروع المثلث الذهبي، كما أوضح أن الصادرات المصرية للسوق الروسي خلال عام 2017 حققت طفرة كبيرة تجاوزت للمرة الأولى حاجز الـ 500 مليون دولار تمثلت في الصادرات الزراعية وقطاعات الصناعات الطبية والهندسية والكيماوية والمنسوجات والملابس وغيرها، لافتًا إلى أن الزيادة في معدلات الواردات المصرية من روسيا الاتحادية ترجع إلى كونها سلعا إستراتيجية يحتاجها السوق المصري مثل القمح وبعض المنتجات البترولية والآلات والمعدات.
واستطرد أن مصر تتطلع إلى مضاعفة أرقام التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة كما تتطلع أيضًا إلى تدعيم علاقات التعاون الفني والتكنولوجي والعلمي بين البلدين وتعزيز الاستفادة من التراكم المعرفي والتكنولوجي والعلاقات التاريخية الممتدة بين القاهرة وموسكو في تحديث بعض المصانع التي أنشئت بخبرات وتكنولوجيات روسية، وكذا تعزيز بناء القدرات والتدريب للمهندسين والعاملين المصريين خاصة في مشروع الضبعة النووي، وتعزيز إمكانات التعاون في مجال العلوم والبحوث المتعلقة بهندسة البترول والهندسة الطبية والنووية للاستفادة من الخبرات والقدرات الروسية الكبيرة في هذه المجالات .
وأضاف قابيل أن هناك فرصة كبيرة للتعاون في مجالات الطيران والطاقة والصناعات الفضائية،والنقل والسكك الحديدية والتعدين وفق شراكة ثنائية قائمة على الاستثمار المشترك ونقل التكنولوجيا والتعاون الفني وتحقيق منفعة متبادلة للطرفين، مشيرا إلى أهمية تفعيل مجلس الأعمال المشترك لحشد الطاقات والإمكانات التي تسهم في تعزيز التبادل التجاري والاستثمار المشترك بين البلدين، لافتًا في هذا الصدد إلى أنه تم إعادة تشكيل الجانب المصري في المجلس لإعطاء قوة دفع جديدة له من خلال خطة عمل مكثفة وفق توقيتات زمنية محددة مع التركيز على القطاعات ذات الأولوية للبلدين، حيث يعتبر القطاع الخاص هو قاطرة النمو والأداة الأكثر فعالية ومرونة في التحرك.
ونوّه قابيل إلى أن الحكومة المصرية قامت خلال العامين الماضيين بجهود كبيرة لاحتواء المشكلات الاقتصادية التي نجمت عن فترة عدم الاستقرار السياسي منذ عام 2011 وحتى عام 2013 حيث حققت المؤشرات الاقتصادية نتائج إيجابية للغاية تمثلت في تحقيق النمو الاقتصادي لمعدلات بلغت نحو 4.2 % خلال عام 2017 كما يتوقع أن تبلغ نحو5.3%-5.5% خلال عام 2018 وحوالي 6% خلال الفترة من 2020-2024، كما تم السيطرة على معدلات التضخم والذي انخفض إلى نحو 13% مقارنه بحوالي 33% عند اتخاذ قرار التعويم، كما ارتفع الاحتياطي من النقد الأجنبي ليبلغ نحو 44 مليار دولار بنهاية أبريل 2018 وهو أعلى معدل يصل له الاحتياطي النقدي في تاريخه، لافتًا إلى أن هناك ثقة دولية كبيرة في قدرة الاقتصاد المصري على تجاوز هذه الصعاب وهو ما يؤهله بأن يصبح واحدًا من أهم الاقتصاديات الواعدة والأكثر نموًا على المستوى العالمي خلال السنوات المقبلة.
وأضاف الوزير أن مصر تقدر نجاح الاقتصاد الروسي في استعادة عافيته والتغلب على المشكلات المتعلقة بالعقوبات الاقتصادية، حيث يسهم تحسن مؤشرات الأداء الاقتصادي الروسي في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، مؤكدًا أهمية مقاومة النزعات الحمائية للتجارة والالتزام بقواعد المنافسة الحرة والأسواق المفتوحة والحفاظ على ما تحقق من مكتسبات في إطار منظمة التجارة العالمية خلال الفترة الماضية.
ومن جانبه أكد دينيس مانتروف، وزير التجارة والصناعة أن العلاقات الاقتصادية بين روسيا ومصر تشهد تطورا ملحوظا خلال المرحلة الماضية، منوها إلى أن الدعم الكبير من قيادات البلدين يمثل ركيزة أساسية لتعزيز وتنمية التعاون المشترك في كافة المجالات وعلى مختلف الأصعدة وذلك بهدف تحقيق نمو مستدام لكلا الدولتين، كما لفت إلى أن هناك عدد كبير من الفرص الاستثمارية في البلدين يجب تعظيم الاستفادة منها في إحداث نقلة نوعية في مستوى العلاقات المشتركة وبصفة خاصة في مجالات الطاقة والنفط والسكك الحديدية .
-
أرسل تعليقك