أصدر رئيس مجلس الوزراء المصري، المهندس شريف إسماعيل، قرارًا بإنشاء جهاز لتنمية المشاريع المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، في ظل محاولات الدولة لزيادة النمو الاقتصادي والاهتمام بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
ونصَّ القرار على أن يحل الجهاز محل الصندوق الاجتماعي للتنمية المنشأ بقرار رئيس الجمهورية رقم 40 لسنة 1990، ويباشر الجهاز كافة الاختصاصات المقررة للصندوق، كما يؤول إلىه أموال وموجودات ومقار وأصول الصندوق، ويشكل مجلس الأمناء برئاسة رئيس مجلس الوزراء. ويتكون الجهاز من مجلس أمناء ومجلس إدارة، ورئيس تنفيذي، في إطار اهتمام الحكومة بوضع برنامج وطني لتنمية وتطوير المشاريع المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وتهيئة المناخ اللازم لتشجيعها والعمل على نشر وتشجيع ثقافة ريادة الأعمال والبحث والإبداع والابتكار.
وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي، قد أطلق في يناير/كانون الثاني 2016، مبادرة لتنشيط قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال ضخ القطاع المصرفي نحو 200 مليار جنيه خلال السنوات الأربع المقبلة، بفائدة بسيطة 5%. وتفعيلًا للمبادرة، كلّف البنك المركزي، بزيادة قروض المشاريع لتصل إلى 20% من المحافظ الائتمانية خلال 4 سنوات بإجمإلى 200 مليار جنيه، كما طالب البنوك بتقديم استراتيجياتها لتحقيق هذا الهدف خلال 4 سنوات.
وأعلن محافظ البنك المركزي طارق عامر، أن محفظة تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بلغت 101 مليار جنيه في مارس/آذار الماضي، متوقعًا زيادة هذه الأموال في المرحلة المقبلة. ويواجه المستثمرون في المشاريع الصغيرة والمتوسطة تحديات وصعوبات منها إصدار التراخيص وانتشار المحسوبية والفساد في المؤسسات الحكومية وعدم وجود تسهيلات وأسواق للشباب إضافة إلى صعوبة الحصول على اﻷراضي.
وقال وزير التجارة والصناعة، المهندس طارق قابيل، إن الوزارة ستعلن خلال وقت قريب عن تشكيل مجلس إدارة الجهاز الجديد. وأوضح أن الجهاز سيضم مجلس أمناء برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية عدد من الوزارات المعنية، ومجلس إدارة يترأسه وزير التجارة والصناعة وعضوية عدد من الأعضاء ذوي الخبرة في المجالات المتعلقة بعمل الجهاز، إلى جانب الرئيس التنفيذي للجهاز والذي سيتم الإعلان عنه قريبًا.
وأشار قابيل إلى أن الجهاز سيحل محل الصندوق الاجتماعي للتنمية، وأنه سيضم مجلس التدريب الصناعي بأكمله إلى الجهاز بجانب بعض الإدارات والاختصاصات من كل من مركز تحديث الصناعة ومراكز التكنولوجيا والابتكار بموجب قرار يصدر من وزير التجارة والصناعة. ولفت وزير الصناعة إلى أن إنشاء هذا الجهاز سيسهم في القضاء على التشابكات القائمة في عمل هذه الجهات والازدواجية في الاختصاصات، وهو ما سيتيح الفرصة لتنفيذ استراتيجية الوزارة للنهوض بهذا القطاع الحيوي والذي يمثل ركيزة أساسية في هيكل الاقتصاد القومي.
وأكد على أنه يجوز للجهاز أن يباشر اختصاصاته مباشرة أو من خلال ما ينشئه من شركات أو من خلال الجمعيات الأهلية أو المبادرات العاملة في هذا المجال، وكذا وضع البرامج اللازمة للنهوض بهذا القطاع من المشاريع وقواعد وشروط الاستفادة منها. وأضاف قابيل أن اختصاصات الجهاز تشمل تيسير سبل التفاوض الجماعي لتوفير المواد الأولية من مصادر جيدة بأنسب الأسعار لهذه المشاريع، وتشجيعها على تصدير منتجاتها للخارج من خلال توفير الفرص والحوافز التمويلية لمشاركة هذه المشاريع في عرض منتجاتها في المعارض الخارجية، والمساهمة في إجراء الدراسات السوقية ودراسات الجدوى وإتاحتها لهذه المشاريع، مع تيسير حصولها على التمويل اللازم لبدء النشاط وزيادة رأس المال.
وذكرت الأمين العام السابق للصندوق الاجتماعي ومستشار الأمم المتحدة للتنمية المستدامة الدكتورة هناء الهلإلى، أنه لم يتم إلغاء دور الصندوق الاجتماعي للتنمية بعد إنشاء جهاز تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر وإنما أصبح تابعًا لوزارة الصناعة والتجارة بعد أن كان جهازًا مستقلًا.. وأضافت الهلإلى، في تصريحاته أن الجهاز الجديد سيقوم بوضع وتطوير السياسات والخطط الاستراتيجية المتعلقة بتنمية المشاريع المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وريادة الأعمال، ووضع الضوابط اللازمة للتنسيق بين الجهات والمبادرات العاملة في هذا المجال.
وأوضحت الأمين العام السابق للصندوق الاجتماعي، أنّ كل المنح التي حصل عليها الصندوق في الفترة اﻷخيرة سوف تؤول إلى جهاز تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، كما أن العقود والقروض التي أبرمها الصندوق مع الجهات المختلفة لن يكون بها أي مشاكل لأن وزارة المإلىة تضمنها ولكن الصندوق هو من يدفع فوائدها، مؤكدة استمرار سريان تلك العقود والقروض عقب إنشاء الجهاز الجديد. ولفتت الهلالى إلى أن ما حدث في القرار الجديد هو تغيير اسم الصندوق في جهاز تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر وسوف تخصص ميزانية الصندوق للجهاز، موضحة أن سبب استبدال الجهاز بالصندوق ليس كما يدعى البعض بوجود فساد فيه بل للتنظيم والتنسيق مؤكدة أن الصندوق مليء بالكفاءات.
وبحسب تقرير المصروفات السنوي لعام 2016 للصندوق الاجتماعي لضخ قروض لتمويل المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر بلغ إجمإلى المنصرف الفعلي للمستفيد النهائي حوإلى 3,8 مليار جنيـه مـولـت حوإلى 402,214 مشـروع صغـيـر ومتناهـي الصـغـر وفرت حوإلى 265.186 فرصة عمل. كما بلغ إجمإلى المنح المنصرفة على مشاريع البنية الأساسية والتنمية المجتمعية والتدريب مبلغ 674.1 مليون جنيه وفـرت 83.501 فرصة عمل إضافة إلى 3 آلاف عمل من خلال التدريب على مهن مختلفة لإلحاقهم بسوق العمل.
وجاء في التقرير، أن إجمإلى تمويلات المشاريع الصغيرة عن طريق البنوك والجهات الوسيطة بلغ 1.7 مليار جنيه بإجمإلى 12.322 مشروع والتي أتاحت قرابة 43 ألف فرصة عمل، في حين تم توفير 536 مليون جنيه كتمويلات للمشاريع الصغيرة عن طريق الإقراض المباشر، بإجمإلى 4737 مشروع والتي وفرت 14.848 فرصة عمل.
أما المشاريع متناهية الصغر، فقد كشف التقرير السنوي للصندوق الاجتماعي للتنمية أنها تلقت 1.5 مليار جنيه كتمويلات من الجمعيات الأهلية والبنوك لعدد 187 ألف مشروع والتي أتاحت 207.404 فرصة عمل، ليصبح إجمإلى المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر التي حصلت على تمويلات من الصندوق الاجتماعي للتنمية 204.412 مشروعًا، بتكلفة 3.7 مليار جنيه وأتاحت 265 ألف فرصة عمل.
وبيَّنت عضو لجنة المشاريع الصغيرة والمتوسطة في مجلس النواب النائبة نانسي نصير، أن إنشاء جهاز تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة جاء بناء على توصية من اللجنة لوزارة الصناعة والتجارة التي استجابت لها من أجل تنظيم وإدارة الجهات المتعددة التي تختص في مجال تنمية هذه المشاريع. وأضافت نصير، في تصريحاته أن الصندوق الاجتماعي كان إحدى الجهات المختلفة والمتعددة التي تساهم في تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة وكان لا بد أن يتم إنشاء جهاز جديد لكي تكون كل الجهات تحت مظلته ويقوم على التنسيق بينها حتى لا تعمل كل جهة بمفردها وفي اتجاه واحد، بل لا بد من توحيد الجهود لأننا نحتاج إلى تطوير وزيادة المشاريع الصغيرة والمتوسطة كثيرًا في الفترة الحإلىة للمساهمة في نمو الاقتصاد المصري.
وأكدت نصير، أن الصندوق الاجتماعي للتنمية لم يتم إلغاؤه وإنما تم ضمه للجهاز الجديد للعمل تحت مظلته، مشيرة إلى أن الصندوق قدم نجاحات وجهود متعددة خلال السنوات الأخيرة ويحافظ على كيانه حتى الآن منذ إنشائه قائلة: "لجنة المشاريع الصغيرة في البرلمان أكدت لوزير الصناعة ضرورة الحفاظ على دور الصندوق لأنه مش معقولة الحاجة الناجحة نهدها". وأنشئ الصندوق الاجتماعي للتنمية بالقرار الجمهوري رقم 40 لعام 1991 كشبكة أمان اجتماعي واقتصادي تُسهم في محاربة البطالة والتخفيف من حدة الفقر وتعمل على تحسين مستويات المعيشة والإسراع في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة.
وكُلف الصندوق بمساندة المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر وتقديم حزمة متكاملة من الخدمات المإلىة وغير المإلىة لها وبالتنسيق مع كل الأطراف المعنية بهذه المشاريع بهدف تبنى السياسات والتشريعات اللازمة لتطويرها بموجب قانون تنمية المشاريع الصغيرة رقم 141 لعام 2004. وقال وكيل لجنة الصناعة في مجلس النواب النائب محمد الزيني، إن إنشاء جهاز تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة خطوة مهمة نحو دعم وتطوير هذا القطاع، مشيرًا إلى أن مشكلتنا في الفترة الماضية أن هذا القطاع لا يوجد له أب شرعي والآن أصبح الجهاز مسؤولًا عن كل كبيرة وصغيرة تتعلق بالقطاع مع تذليل كافة العقبات التى تواجهه.
وأضاف الزيني فى تصريحات صحافية، أنه من الضروري إنشاء فروع للجهاز في المحافظات، بحيث يتم وضع الخطة الخاصة في كل محافظة وفقًا لإمكاناتها ومواردها وما هو متاح فيها في محافظة دمياط معروفة بالأثاث، والمحلة بالمنسوجات ولابد من دعمها في هذا الاتجاه. وحذّر وكيل لجنة الصناعة من مركزية الجهاز، مؤكدًا ضرورة أن يقوم بدور اجتماعي بمد يد العون للراغبين في إنشاء المشاريع من خلال طرح رؤى ومشاريع مناسبة تتلاءم مع إمكاناتهم وموارد المحافظة المنتمين إلىها.
ويعمل الجهاز الجديد على تنمية قدرات ومهارات الموارد البشرية العاملة في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وربط وتكامل هذه المشاريع بسلاسل الإمداد، وتنمية المهارات في مجال التسويق داخل البلاد وخارجها، إلى جانب تنمية القدرات في مجال البحث والابتكار والتطوير، وكذا مجالات التمويل وإعداد دراسات الجدوى. كما تتضمن اختصاصات الجهاز العمل مع الجهات المعنية ذات الصلة لتيسير إنهاء الإجراءات والتصاريح اللازمة لبدء نشاط هذه المشاريع، ووضع الضوابط اللازمة للتنسيق بين الجهاز وبين الجهات والمبادرات العاملة فى هذا المجال، وكذا إنشاء قاعدة بيانات بالمشاريع الصناعية المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وريادة الأعمال، وإتاحة المعلومات لكافة الجهات المعنية بتنمية وتطوير هذه المشاريع، إلى جانب وضع نظم الحوافز لمثل هذه المشاريع، ونشر بيان بالخدمات التي يقدمها الجهاز لها.
ورحّب رئيس الهيئة العامة للرقابة المإلىة، شريف سامي، بصدور قرار رئيس الوزراء بإنشاء جهاز لتنمية المشاريع المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، مؤكدًا على أن وجود جهة معنية بالمنشآت الصغيرة على اختلاف أحجامها من المتوقع أن يساهم في إزالة المعوقات التي تقابلها ويعمل على تنشيط أعمالها وزيادة فرص العمل المرتبطة بها. وأشار إلى دور الهيئة يتكامل مع الجهاز الجديد المنشأ بقرار رئيس الوزراء رقم (974) لسنة 2017، حيث إن الهيئة حريصة على النهوض بالخدمات المإلىة وتنميتها بما يدعم المنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر، كما أن الكثير من مبادرات وجهود الهيئة حإلىا تصب فى قناة توسيع "الشمول المإلى" لزيادة استفادة المواطنين من الخدمات المإلىة غير المصرفية وتيسير إتاحة التمويل متناهى الصغر والوصول إلى تغطية تأمينية. ووفقًا للقرار يقوم الجهاز بوضع وتطوير السياسات والخطط الاستراتيجية المتعلقة بتنمية المشاريع المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وريادة الأعمال، وكذا الضوابط اللازمة للتنسيق بين الجهات والمبادرات العاملة في هذا المجال، إضافة إلى وضع البرامج اللازمة للنهوض بهذا القطاع من المشاريع والقواعد والشروط المتعلقة بالاشتراك فيها. ومن ذلك برامج تنمية قدرات ومهارات الموارد البشرية العاملة، وبرامج ربط وتكامل تلك المشاريع بسلاسل الإمداد، فضلًا عن برامج تنمية المهارات في مجال التسويق داخل البلاد وخارجها.
ووضع الجهاز نظم الحوافز للمشاريع المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وريادة الأعمال، وكذا تيسير سبل التفاوض الجماعي لتوفير المواد الأولية من مصادر جيدة بأنسب الأسعار، بالإضافة إلى المساهمة في إجراء الدراسات السوقية ودراسات الجدوى وإتاحتها لها، إلى جانب تقديم وتيسير حصولها على التمويل اللازم لبدء النشاط وزيادة رأس مالها، فضلًا عن العمل على تيسير إنهاء الإجراءات والتصاريح اللازمة لبدء النشاط، وإنشاء قاعدة بيانات خاصة بهذه المشاريع.
الخطايا الخمسة للصندوق الاجتماعي للتنمية
1- فشل فى تقديم فائدة ميسرة للمشاريع
تسعى الدولة إلى تبني ملف المشاريع الصغيرة ومتناهي الصغر كقضية أمن قومي من خلال توفير تمويل للعميل يصل إلى 5% فقط وهي معدلات فائدة ميسرة جدًا بالنسبة لقروض الصندوق الاجتماعي التي تتجاوز 15% و20%، بجانب أن الصندوق لم يستطع استقطاب أموال خارجية بفائدة ميسرة سوى 250 مليون جنيه فقط من الصندوق السعودي.
2- فشل في التوسع في تمويل المحافظات الحدودية:
قدم الصندوق الاجتماعي للمحافظات الحدودية من شمال سيناء وجنوب سيناء والوادي الجديد والبحر الأحمر نحو 172 مليون جنيه فقط خلال 2016، مقارنة بـ 1.643 مليار جنيه في محافظات الوجه القبلي، و 1.55 مليار جنيه في محافظات الوجه البحري، وهو ما لا يتواكب مع خطة الدولة في تحقيق تنمية حقيقية في سيناء.
3- فشل في الإقراض المباشر:
اعتمدت سياسة الصندوق الاجتماعي على الحصول على منح وقروض من المؤسسات الدولية ومنحها للبنوك والجمعيات فقط بدون أن يكون له دورًا بارزًا في عمليات الإقراض المباشر بشكل جعل العميل يواجه أزمة ارتفاع العائد لتمرير التمويل لأكثر من جهة حتى يصل إلى البنك في النهاية. ومول الصندوق مشاريع صغيرة بالإقراض المباشر بنحو 536.4 مليون جنيه خلال 2016، مقابل 1.7 مليار جنيه للجهات الوسيطة من البنوك.
4- فشل في توفير معارض بتكلفة منخفضة للشركات
كان دائمًا هناك شكوى من جانب أصحاب المشاريع الصغيرة بعدم قدرتهم على المشاركة في معارض الصندوق الاجتماعي نظرًا لارتفاع أسعار الاشتراك في هذه المعارض.
5- تجاهل تمويل النشاط الصناعي:
بلغت تمويلات الصندوق الموجهة للقطاع الصناعي نحو 355 مليون جنيه لتستحوذ على نسبة 9% فقط من تمويلات الصندوق، مقابل 2.3 مليار جنيه للنشاط التجاري ليستحوذ على نسبة 61% من محفظة الصندوق.
أرسل تعليقك