القاهرة – محمود الرفاعي
القاهرة – محمود الرفاعي
اقتحمت ظاهرة برامج المواهب الغنائية القنوات الفضائية، وبدأ ظهور هذه البرامج في ثوبها الجديد منذ قرابة 10 سنوات، حيث أطلقت قنوات كثيرة برامج المواهب الغنائية، وعلى الرغم من أن هذه البرامج اكتشفت مواهب كثيرة إلا أن غالبيتهم اختفوا لأن مكتشفيهم تركوهم في منتصف الطريق، ورأى البعض أن هذه البرامج مجرد مصدر ربح، وأن هذه القنوات تهدف فقط إلى تحقيق مكاسب مادية. بدأ ظهور هذا النوع من البرامج مع بداية السبعينات
وبالتحديد العام 1970 عندما أطلق المخرج اللبناني سيمون أسمر، برنامجًا غنائيًّا يرعى المواهب الغنائية بعنوان "ستوديو الفن"، والذي يعتبر البرنامج الوحيد الذي خدم الأغنية العربية، وعلى الرغم من أنه كان مخصصًا لأبناء دولة لبنان إلا أنه طيلة فترة إذاعته التي استمرت إلى منتصف التسعينات نجح في تخريج عدد كبير من المطربين، كان أولهم المطربة الكبيرة ماجدة الرومي ووليد توفيق، إضافة إلى راغب علامة وعاصي الحلانى وفضل شاكر ووائل كفوري ونوال الزغبي، واختتم البرنامج رحلته مع فارس كرم وإليسا ورامي عياش وميريام فارس وديانا حداد، وعلى الرغم من توقف البرنامج، إلا أن جميع المواهب التي خرجت منه أصبحوا نجومًا كبارًا.
سمعنا صوتك
بعد توقف هذا النوع من البرامج ظهر برنامج ستار ميكر "سمعنا صوتك" الذي كان يرعاه المنتج محسن جابر، وعلى الرغم من أن البرنامج كان يضم لجنة تحكيم على درجة كبيرة من الوعي مثل الملحن حلمي بكر والملحن الراحل حسن أبو السعود والشاعر بهاء الدين محمد إلا أنه كان السبب الحقيقي وراء انتشار ظاهرة اتصل وحدد الموهبة، والتي بسببها الآن أصبحت جميع نوعيات تلك البرامج تهدف إلى الربح والكسب المادي وليس الموهبة فقط.
بدأ البرنامج العام 2003 واستمر لمدة ثلاثة مواسم، واكتشف في موسمه الأول المطربة المحجبة شاهيناز، والتي أطلقت ألبومين غنائيين، ثم اتجهت إلى الغناء الديني، والموهبة الثانية التي أبرزها البرنامج في موسمه الثاني كان المطرب إيساف الذي طرح ألبوم واحد العام 2007 ولم يحقق أي نجاح، وفى الموسم الأخير للبرنامج تم اكتشاف المطربة "تبارك"، ولكنها منذ ذلك الوقت لم تظهر مرة أخرى.
ستار أكاديمي
أما البرنامج الثاني والذي ظهر في العام نفسه فكان برنامج "ستار أكاديمي" وهو البرنامج الأبرز في الوطن العربي، فعلى الرغم أن البرنامج يقوم أيضًا على فكرة التصويت الإلكتروني، فهو البرنامج الوحيد المستمر حتى الآن منذ انطلاقه رسميًا في 2003، ولكنه لم يظهر أبدًا موهبة مصرية غنائية حقيقة سوى في موسمه الأخير عندما ظهرت نسمة محجوب، فعلى الرغم من أن أول فائز للبرنامج كان مصريًا هو محمد عطية، إلا أنه اختفى تمامًا من الساحة الغنائية، على الرغم من أنه طرح ألبومًا غنائيًا العام 2005 بعنوان "أنا الحبيب".
من العام 2004 إلى 2011 كشف البرنامج عن قرابة 50 موهبة غنائية مصرية، ولكن القليل منهم استطاع أن يكمل مشواره، ومنهم زيري عادل وراندا حافظ وهاني حسين ومروة نصر ومحمد قماح وميرهان حسين ولارا إسكندر، ومع ذلك لا نستطيع أن نجزم بأن هناك مطربًا منهم استطاع أخذ خطوات ثابتة في مجال الأغنية، سواء لارا إسكندر التي احترفت الغناء الإنكليزي، وأيضًا زيزي عادل التي تعاقدت مع "روتانا" ثم تم فسخ العقد، أما عن المواهب العربية التي اكتشفها البرنامج فنجد المطرب الكويتي بشار الشطي، وأيضًا العراقية شذى حسون واللبناني جوزيف عطية.
انفجار البرامج الغنائية
بسبب شهرة برنامج "ستار أكاديمي" ونجاحه في حشد الملايين من أجل مشاهدته انفجرت ظاهرة البرامج الغنائية، حيث ظهر العام 2005 ظهر برنامج "سوبر ستار العرب"، الذي استمر لمدة 5 مواسم، وخلال فترة بثه قدم المطربة الأردنية ديانا كرازون التي بدأت مشوارها بنجاح، ولكنها تعثرت في منتصف الطريق بين الغناء والتمثيل، واكتشف أيضًا الصوت اللبناني ملحم زين والمطربة السورية وعد البحري، وأما الموهبة المصرية الوحيدة التي خرجت من البرنامج فكانت هيثم سعيد.
ومن بعدها ظهرت برامج "نجم الخليج" و"أكس فاكتور" و"ستوديو الفن المصري"، إلى أن بدأت قنوات "mbc" في تعريب برامج المواهب العالمية، وأطلقت برامج "أراب أيدول" و"أراب جوت تالانت" و"ذا فويس".
مليء بالمواهب
عن ذلك الأمر يقول الملحن الكبير حلمي بكر أن برامج اكتشاف المواهب الغنائية يمكن أن تستثمر بشكل إيجابي، وتقدم عددًا من المطربين الواعدين، ولكن ذلك يتوقف على نيات الجهة المنتجة لها وإذا ما كانت ترغب بالفعل في دعم الفن العربي، أو أن هدفها الرئيسي تحقيق مكاسب مادية عن طريق جلب الإعلانات، وتشجيع المشاهدين على إرسال آلاف الرسائل النصية التي تحقق ربحًا ماديًا.
وأكد بكر أن بعض الفضائيات العربية تستخدم برامج المواهب في تأجيج الصراعات بين الشباب العربي، وإثارة مشاكل وهمية بين المتسابقين كنوع من أنواع الدعاية لهذه البرامج، وهذه اللعبة مكشوفة، وعلى الجماهير أن ترفض هذه السياسة.
وعن البرامج التي تذاع حاليًا يرى بكر أن جميع المطربين المتواجدين في تلك البرامج لا يصلحون لتقييم المواهب، سواء كان ذلك راغب علامة أو نجوى كرم أو شيرين عبد الوهاب ونانسي عجرم، نظرًا إلى أن خبرتهم تنحصر في الغناء فقط، واستثنى من ذلك كاظم الساهر وصابر الرباعي أعضاء برنامج "ذا فويس"، لأنهم في الأصل ملحنون.
واعترف حلمي بكر بأن الوطن العربي مليء بالأصوات الغنائية المتميزة التي تحتاج إلى فرص حقيقية من أجل الوصول للناس؛ ولذلك يزداد الإقبال على الاشتراك في برامج اكتشاف المواهب، التي يمكن أن تطور ولا تقتصر على الغناء فقط.
سبوبة مالية
أما الملحن هاني شنودة فيرى أن تلك البرامج ما هي إلا سبوبة مادية يستفيد منها منتج فقط، ويخسر فيها الشباب أصحاب الموهبة والجماهير، مؤكدًا على صحة كلامه بأنه منذ ظهور تلك النوعية من البرامج لم نجد أن هناك موهبة نجحت في تحقيق نجومية وشعبية لها على أرض الواقع.
وأكد الملحن الكبير أن تلك البرامج تترك الموهبة في منتصف الطريق بعد أن تنتهي حلقات البرنامج، فرحلة النجاح ليست بإعلان فوزه في البرنامج، ولكن الرحلة الحقيقة تبدأ عقب انتهاء البرنامج، وهنا نجد أن الموهبة التي تخرجت من البرنامج أصبحت وحيدة لا تجد من يرعاها، وبسبب ذلك نجد أن جميع المواهب المصرية التي تخرجت من تلك البرامج لم تقدم شيئًا.
اختفاء الإنتاج
أما عن رأي بعض المواهب التي تخرجت من تلك البرامج فتقول المطربة الأردنية ديانا كرازون، التي حققت شهرتها عن طريق برنامج "سوبر ستار العرب" في نسخته الأولى، إن مهمة البرنامج تنتهي في دعم المتسابق بمجرد نهاية آخر حلقة، وتبقى موهبته هي الفيصل في تحديد إمكان استمراره في الوسط الفني، خصوصًا أن الجمهور لن يتواصل مع فنان لا يمتلك موهبة.
وترى ديانا أن اختفاء الكثير من الأصوات الغنائية التي ظهرت في برامج اكتشاف المواهب بعد فترة قصيرة من تحقيقها الشهرة لأمور عدة، منها عدم وجود شركات إنتاج تدعمها، وغياب الثقة بينها وبين الجمهور الذي لا يثق في موهبتها، وكذلك زيادة عدد الأصوات الغنائية بشكل كبير في الوطن العربي خلال الفترة الأخيرة.
كساد الكاسيت
أما المطرب إيساف الذي عرفه الناس من خلال برنامج "ستار ميكر" أوضح أنه يدين بالفضل للبرنامج الذي اكتشفه، ولكنه عانى بعدها من كساد سوق الكاسيت وقلة الحفلات الغنائية وأشياء سلبية اعترضت طريق مشواره الغنائي لذلك اتجه للتمثيل، ويحاول جاهدًا المحافظة على الثقة التي منحها له الجمهور المصري والعربي.
وأشار إيساف إلى أن اهتمام الجمهور المصري والعربي بالبرامج الترفيهية والمنوعة في الفترة الأخيرة يرجع لرغبته في الخروج من دائرة الأخبار والبرامج السياسية التي حاصرته في الفترة الأخيرة.
وأوضح المطرب الشاب أن القنوات الفضائية التي تعرض تلك البرامج من حقها أن تحقق ربحًا ماديًا، ومن حقها أن تعوض ما تكلفته في رعاية تلك المواهب، مؤكدًا أنه لا يوجد إنسان لا يهدف إلى الربح.
الموهبة تفرض نفسها
أما كارمن سليمان التي خرجت من برنامج "آراب آيدول" فترى أن البرنامج له فضل عليها، ولكنها قبل أن تشترك فيه كانت نجمة في دار الأوبرا المصرية، واكتشفها الملحن حلمي بكر، وغنت مع المطرب هاني شاكر في إحدى حفلات مهرجان الأغنية على المسرح الكبير.
ترى كارمن أن مشوارها سيكون أفضل بكثير من المواهب التي سبقتها من البرامج الأخرى، نظرًا إلى أن برنامجها "أراب أيدول" قد جعلها تنضم إلى شركة إنتاجية كبيرة مثل "بلاتنيوم ريكوردز"، مما سيسهل عليها المشوار.
وأشادت كارمن ببرامج اكتشاف المواهب، وترى أنها فرصة ذهبية لشباب الوطن العربي لكي يبرزوا موهبتهم، مؤكدة أن الفنان صاحب الموهبة الحقيقية سيفرض نفسه وبكل قوة على الجماهير.
أرسل تعليقك