المنيا- جمال علم الدين
أكّد محافظ المنيا، عصام البديوي، أن هناك عوامل نفسية أدت إلى انتشار ظاهرة العنف، والدليل أننا وجودنا أطباء ومهندسين يحملون سلاح ويتبنون العنف في فترة ما، وفوجئت بمطران كوبنهاجن يقول أننا نستفيد من التجربة المصرية في تطبيق التعايش السلمي ومعني كلامه أنهم في أوروبا يرون فينا قدوة لا نراها نحن، بل أننا كنا نعتقد أن التجربة الأوروبية نموذج لنا في التعايش، وهذا الكلام معناه أننا في حاجة إلى التضافر بيننا لنبذ العنف والإرهاب.
جاء ذلك خلال ندوة "معاً ضد العنف"، التي نظمتها الهيئة القبطية للخدمات الاجتماعية بالمنيا، بحضور، الدكتور أندرية زكي، مدير عام الهيئة، والمطران بيتر فيشر موللر رئيس هيئة دان ميشن، والدكتور محي الدين عفيفي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والدكتور عماد جاد عضو مجلس النواب.
وأضاف البديوي أنه لدينا تجارب قوية في محاربة التطرف والإرهاب منها تجربة عام 1993 عندما دخل مشايخ الأزهر السجون لتغير المفاهيم الخاطئة لدى قيادات جماعة الجهاد والجماعة الإسلامية، حتى أنهم ألفوا كتباً تتضمن تصحيح المفاهيم الخاطئة ونبذ العنف، وهذه الكتب انتشرت وقتها، وحققت رواجاً وهدوءاً كبيراً في الشارع المصري.
وأشار البديوي إلى أن هناك تجربة ناجحة وهي بيت العائلة المصرية، وهي تجربة مصرية خالصة تقوم على مجموعة من رجال الدين الإسلامي والمسيحي والعقلاء بالقرى، وهم ينتقلوا فور حدوث مشكلة طائفية، ويتم تصحيح المفاهيم الخاطئة، وتوضيح الحقائق وذلك دون الإخلال بالقانون، وهناك البعض يسعي لتسييس المشاكل الدنيوية فليس هناك عالم خال من العنف، ولكن يجب إبعاد المشاكل الدنيوية عن الطائفية وتكون الخلافات العادية مجرد صراع على شيء ما ينتهي بعد وقت محدد، بعيداً عن الزج بالدين.
وشدد البديوي على تجفيف تمويل منابع الإرهاب والعنف، وقال يجب أن نفرق بين تمويل الإرهاب وتمويل الجمعيات الأهلية التي تتلقى تمويلاً لعمل أنشطة تنموية تخدم الصالح العام في المجتمع، ويجب مواجهة كل من يوفر ملاذاً أمناً للعناصر الإرهابية فهناك دول تؤوي عناصر إرهابية بل وتدعم الإرهاب، ولذلك يجب أن يكون هناك تعريف دولي للإرهاب، وأن تؤخذ أراء النظم الشرعية في تصنيفها للإرهاب.
وقال بيتر فيشر موللر رئيس هيئة دان مشن، ومطران كوبنهاجن أن الأوربيون أصبح لديهم خوف أو فوبيا من الإسلام وأصبحوا ينظرون إلى الإسلامي أنه مشكلة كبيرة فيما يتعلق بالعنف والإرهاب، وهناك تجربة عمرها 1300 سنه من التعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين وممكن تكرارها في أوروبا، مضيفًا أن معظم أسباب العنف مشتركة في كل دول العالم ومن ثم فالسؤال الذي يطرح نفسه لماذا نتعرض لهذه الموجه من الإرهاب في هذا الوقت، فالأمر له صله ببعض الأشخاص الذين يشعرون بعدم الانتماء أو التهميش وأعتقد أن من الأسباب المشتركة في كل المجتمعات ولا سيما في فئة الشباب عندما يشعر الشاب بعدم الاندماج في المجتمع فإنهم يلجئون للعنف لإثبات أن لهم صورة من صور الأهمية، كما أن هناك أوضاع جديدة في الدنمارك فبعد أن كنا منغلقين ثقافياً وأستمر ذلك الوضع لأجيال ولكن الدنمارك تشهد الآن هجرة ولاجئين وبذلك تصلها ثقافات جديدة، وهناك خوف واضح من الدين ولكني أرى أن الدين هو جزء من حل المشكلات والحوار سوف يكون حل لمشكلات لأن الأديان تسعى لإدماج الأفراد وحمايتهم من التهميش، وكل شيء يساء استخدامه يأتي بضرر فالدين قد يستخدم لتهميش الأفراد وطالب باستعمال الدين استعمالا سليماً في هذا العالم حتى نعيش معا، وأن السبيل لمواجهة العنف هو الحوار الذي نبني به الثقة للأفراد ويمكن أن نبدأ بالأطفال في سن المدرسة فلدينا برنامج في الدنمارك عنوانه "دينك ديني" يجتمع فيه الشيوخ والقساوسة لتعليم الأطفال، ما هو الدين، وأكد على ضرورة التحلي بالشجاعة لمواجهة الأفكار المتطرفة.
وأفاد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، الدكتور محيي الدين عفيفي، أن هناك فرق بين انتقاد الدين وانتقاد التدين فانتقاد الدين غير مقبول لأنه من عند الله أما انتقاد التدين جائز لأنه عبارة عن أسلوب معين في العبادة يحمل الثواب والخطأ، وأضاف أنه من الخطأ أن نترك الأماكن التي تعاني من الفقر والبطالة ونقص الخدمات لبعض من يرفعون الشعارات الدينية ويقدمون لهم الخدمات في غياب الدولة مقابل اعتناق أفكار واتجاهات معينة.
ونوّه عضو مجلس النواب، الدكتور عماد جاد، إلى أن عامل الدين كان في أحيان كثيرة شرارة لاندلاع حروب بين البشر، ولعب دوراً في الحروب التي ظلت لمدة 70 سنه بين الكاثوليك والبروتستانت، بسبب خلط الدين بالسياسية، كما أن الدولة المصرية أهملت الصعيد كثيراً مما أدى إلى انتشار العنف وتمدده، مشددًا على أن خلط الدين بالسياسية يلوث كل شيء، وأعطى مثالاً على ذلك أن إيران التي تتشدق بالمذهب الشيعي سهلت عملية وصول السلاح للأرمن من الكاثوليك لمحاربة دولة أوذبجيان الشيعية، وذلك مقابل مصالح سياسية، وهناك الكثير من الأمثلة على ذلك، وشدد على تفعيل دور بيت العائلة ولكن بعد تطبيق القانون واحترام نصوصه وألمح أن تدخل بيت العائلة في أزمة تعرية سيدة الكرم في البداية لم يكن مقبولاً، حتى وصل بنا الأمر أنه تم تعريتها وحفظ التحقيقات، ومن المقرر أن نشهد وقائع مماثله في حالة غياب دولة القانون.
أرسل تعليقك