واشنطن - مصر اليوم
فاجأ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، جميع المراقبين والمهتمين بزيارته إلى أميركا بتصريحات تزيد من حدة الصراع بين "أركان النظام الأميركي"، وذكرت وكالة "بلومبرغ" الأميركية، أن التصريح بشأن أن "بلاده ستقوم بتطوير سلاح نووي إذا فعلت إيران ذلك"، أثار قلقًا أميركيًا فوق القلق الحاصل، وربما يتسبب في توقف المفاوضات بشأن الصفقة، كونه يؤكد وجهة نظر الكونغرس الأميركي، الذي يتخوف من أن تحول السعودية هذه التكنولوجيا من سلمية إلى عسكرية، وفق ما قاله مشرعون أميركيون، يحذّرون من أنه دون تقييد صارم، فإن صفقة تزويد السعودية بمحطات للطاقة النووية قد تسمح بإعادة معالجة الوقود المستنفد لاستخدامه في صناعة أسلحة "البلوتونيوم"، وقد أكد ولي العهد تلك المخاوف بتصريحه، وفقا للوكالة.
وبينما توافق إدارة الرئيس دونالد ترامب على مشاركة التكنولوجيا النووية مع السعودية، فإن الصفقة تواجه انتقادات من الحزبين في الكونغرس، ويتطلب القانون الفيدرالي موافقة الكونغرس والتشاور بشأن أي اتفاقية تحدد إطار التعاون النووي، مع تخصيص دور خاص للجنة مجلس النواب المعنية بالشؤون الخارجية، ولجنة مجلس الشيوخ المعنية بالعلاقات الخارجية كذلك، بينما يعارض الكونغرس هذه الصفقة لأنه قد لا يرقى إلى ما يسمى "المعيار الذهبي" أو "اتفاقية 123" لحظر تخصيب وإعادة معالجة اليورانيوم المخصب، الذي كان جزء لا يتجزأ من اتفاق التشارك النووي مع دولة الإمارات العربية المتحدة قبل عقد من الزمان، لكن يمكن أن تدخل اتفاقية 123 حيز التنفيذ بعد 60 يوما، ما لم يعتمد الكونغرس قرارا مشتركا يعارضها.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أبدى مخاوفه بشأن أهداف الطاقة النووية في الرياض، وهي نفس المخاوف لدى لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ ، وقال للمشرعين إنه يعارض أي اتفاق يسمح للسعوديين بتخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة البلوتونيوم، وفقا لتقرير سابق للوكالة، وقال السيناتور، إد ماركي، وهو ديمقراطي من ماساتشوستس، وهو أيضا عضو في لجنة العلاقات الخارجية، إن أي تراجع عن المعيار الذهبي "سيشكل سابقة سلبية لكل منطقة الشرق الأوسط، وسيكون من الصعب القول للإماراتيين أو للمصريين أو بالنسبة للبلدان الأخرى في جميع أنحاء العالم، إنه لا ينبغي عليهم أيضا تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة البلوتونيوم".
ويشعر بعض أعضاء الكونغرس الأميركي بالقلق من أن تكون إدارة ترامب ماضية بشكل سريع جدا في صفقة قد تخفف معايير منع الانتشار النووي وتساعد يوما على حدوث سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط، وإذا وقّعت السعودية صفقة تخفف الضمانات، فقد تتحلل الإمارات من اتفاقية وقعتها مع واشنطن منذ سنوات لتخصيب اليورانيوم، وبحسب تقرير لصحيفة واشنطن بوست، فإن الصفقة تضع ترامب أمام خيار شائك، بين تعزيز الشركات الأميركية بقيادة "ويستينغهاوس" بهذه الصفقة التي تبلغ مليارات الدولارات، وبين مكافحة الانتشار النووي، فإذا أرادت إدارة ترامب دعم "ويستينغهاوس" سيكون عليها التخلي عن بعض الضوابط التي تقيد الانتشار النووي، الأمر الذي من شأنه أن يزيد التهديدات الأمنية ويشجع الدول في الشرق الأوسط على اتباع المسار نفسه.
وكانت خمس شركات عالمية بمن فيهم الشركة الأميركية قدمت عروضاتها إلى المسؤولين السعوديين في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وقال وزير الطاقة السعودي في كانون الأول/ديسمبر إنه يطمح لتوقيع العقود بحلول نهاية العام لكن ذلك لم يحصل، بينما أكدت "واشنطن بوست" أن تزويد السعودية بالقدرة النووية أحدثت انقساما في دوائر صنع القرار السياسي في واشنطن، ونقلت عن هنري سوكولوسكي المدير التنفيذي لمركز سياسة حظر الانتشار النووي الذي عمل في البنتاغون في عهد جورج بوش الابن، تساؤلاته عن استقرار المملكة "حيث إن المفاعلات ستبقى قائمة لما لا يقل عن أربعين عاما ولمدة أقصاها ثمانين عاما وهي المدة الكافية لأن يتغير العالم بأكمله"، لكن آخرين قالوا إنه في حال عدم قيام الولايات المتحدة ببناء هذين المفاعلين فإن الروس أو الصينيين سيقومون بذلك ولكن مع توفير ضمانات أقل ضد الانتشار وبما يؤدي إلى تآكل القوة الدبلوماسية الأميركية في المنطقة، بحسب الصحيفة.
وتأكيدا لذلك، قال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، الخميس، إن المملكة لديها شركاء دوليون يمكنها العمل معهم إذا أحجمت الولايات المتحدة عن الصفقة، مضيفًا "إذا لم تكن الولايات المتحدة معنا فإنها ستفقد فرصة التأثير على البرنامج بطريقة إيجابية"، كما أشار إلى أنه يأمل في التوصل لصفقة مع واشنطن موضحا "من الطبيعي أن تكون الولايات المتحدة معنا وأن تمدنا بالتكنولوجيا بل وتساعدنا بدورة الوقود والمتابعة والتأكد من أننا ننفذها على أعلى مستوى"، وقال: "المفارقة هي أن تختار الولايات المتحدة ألا تفعل (تبرم صفقة) ثم يأتي أحد ويبرمها. ونحن محظوظون لأن لدينا مصادر بديلة كثيرة أخرى وافقت على العمل معنا وستتنافس على برنامجنا". وتابع أنه في تلك الحالة "لن يكون للولايات المتحدة مقعد على الطاولة".
أرسل تعليقك