c أطفال مُقاتلي تنظيم "داعش" القادمون من الحرب يعانون بشدة - مصر اليوم
توقيت القاهرة المحلي 19:51:11 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أطفال مُقاتلي تنظيم "داعش" القادمون من الحرب يعانون بشدة

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - أطفال مُقاتلي تنظيم داعش القادمون من الحرب يعانون بشدة

أحد آخر الفارين من غرب الموصل
بغداد - نهال قباني

عالج أبو حسان، وهو طبيبٌ في الجيش، الأشخاص المحطَّمين واليائسين القادمين من مستنقع الحرب في مدينة الموصل العراقية. وغالباً ما ترتجف أجسام الجنود، والنساء، والأطفال لا إرادياً من الخوف أمامه، بعد ساعاتٍ من الفرار من الاشتباكات الدامية، بينما تقاتل القوات العراقية لاستعادة السيطرة على المدينة من مقاتلي تنظيم "داعش". لكن، لم يكن الأمر مماثلًا بالنسبة لمحمد، البالغ من العمر 9 أعوام.

أطفال مُقاتلي تنظيم داعش القادمون من الحرب يعانون بشدة

 وقال أبو حسان بعد وقتٍ قصير من معالجته لمحمد، وهو أحد آخِر الفارين من غرب الموصل أوائل شهر يوليو/تموز الجاري، إنَّه "لم يكن صبياً طبيعياً، لم يبدُ خائفاً. تحدثتُ معه، وطرحتُ عليه أسئلةً اعتيادية مثل: ماذا تريد أن تصير عندما تكبر؟ وأجابني: أريد أن أكون قناصاً". وأضاف أبو حسان، "لقد صُعقت، ليس هذا أمراً طبيعياً يقوله طفل. سألتُه: ماذا يعمل والدك؟ فقال: كان أمير القناصين".

 وتابع "لاحقاً، تلقيتُ معلوماتٍ كثيرة من أشخاصٍ من الموصل يقولون إنَّ والده كان شخصاً مهماً. فقد عثرت القوات الخاصة على الصبي في قبوٍ مع العديد من مقاتلي داعش المتوفين. وأحضر الجنود الصبي إليّ". وتركت الحرب مئات، وعلى الأرجح آلاف، الأطفال أيتاماً. ويتحمَّل البعض عبئاً ثانياً، أيديولوجية جردتهم من البراءة. فبالنسبة للكثيرين في مجتمعهم، هم ذرية الشيطان (أبناء مقاتلي داعش)؛ مشردون بلا جنسية، ولا يستحقون الرعاية الأساسية. ولا ترغب وكالات المعونة ونظم الرعاية الحكومية في الاعتراف بهم.

 ويُخبَّأ أطفال عناصر داعش بعيداً في مخيمات المساعدات على طول شمال العراق، في منازل سرية بالجزء الشرقي المحرَّر من الموصل وفي الشمال الكردي، حيث يقدم أفراد عائلاتهم، والعمال المتطوعون، وعددٌ قليل من المسؤولين غير المؤهلين ومحدودي التمويل أي دعمٍ يمكن لهم جمعه.

 وتدير سُكَينة محمد يونس، مديرة مكتب المرأة والطفل في محافظة نينوي، أحد برامج المساعدة المؤقتة. استقبلت سُكَينة محمد من طبيب الجيش العراقي، وأعادت لمَّ شمله مع عمه في أربيل، بعيداً عن السكان المحليين في الموصل الذي يفكرون في الانتقام. وقالت إنَّ حجم المشاكل الاجتماعية التي تواجهها العائلات عقب طرد داعش من المناطق التي كان يسيطر عليها- كان عارماً.

وأوضحت سُكينة قائلة "استقبلنا أطفالاً فقدوا آباءهم وأمهاتهم، يمكنك القول إنَّ 75% منهم من عائلات داعش. ليس لدينا رقمٌ محدد؛ لأنَّ بعض الأطفال ليس لديهم رقمٌ قومي؛ لذلك لا نستطيع التعرف عليهم. يمكنني أن أقول لك إنَّ 600 من أيتام داعش موجودون في مخيم حمام العليل للاجئين".

 وأضافت "إلى الآن، ليس هناك برنامج للتعامل مع هذه الحالات. قدمتُ مقترحاً للحكومة. كنا نفكر، سابقاً، في إيداع كل أطفال داعش الأيتام... بمعسكرٍ أمني مشدد. لكن، لا أعرف ماذا حلَّ بذلك الأمر. المشكلة تتمثل في أنَّ الأشخاص لا يقبلون عائلات (مقاتلي) داعش بعد الآن".

 

وتابعت سكينة "هناك مشكلةٌ تهدد أطفال مقاتلي تنظيم داعش، ألا وهي الانتقام. هل تظن أنَّ الأشخاص العاديين المتضررين من تنظيم داعش سينسون كل ما حدث لهم؟ سيكون ذلك أصعب بكثير من تنظيم داعش نفسه، وأصعب بكثير من العملية العسكرية. حين حُرِّر الجانب الشرقي (من مدينة الموصل)، التقيتُ امرأةً فقدت كل عائلتها بسبب تنظيم داعش، وقالت: لن أنسى جاري، لقد اصطحب ابني إلى المسجد، وبعد بضعة أيامٍ بدأ ابنى ينعتني بالكافرة، وينعت أباه بالكافر".

وفي مدينة أربيل، قال الطفل محمد، الذي غيَّرت صحيفة الغارديان اسمه؛ حفاظاً على سرية هويته، إنَّه كان في قبوٍ مع 7 رجالٍ، كلهم أعضاء في تنظيم داعش، حين أُنقِذ. وتحدَّث بهدوءٍ واضح عن الحياة في غرب الموصل، إحدى أكثر المناطق فتكاً في العالم، وآخر مقاومةٍ أبدتها الجماعة الإرهابية في المدينة قبل تعرُّضها للاجتياح هذا الشهر، يوليو/تموز. ويعتقد المعتنون بشؤون محمد أنَّ والديه قُتِلا في أيام المعركة الأخيرة، وأنَّ كليهما كان من أنصار أيديولوجية التنظيم، ولعبا دوراً أساسياً في تلقينه هذه الأيديولوجية.

 وبيَّن وصفه مشاهد العنف الشديدة والقتال في وحدة أطفال تنظيم داعش (فتيان الجنة)، تحدث محمد أيضاً عن والده الذي كان يصطحبه إلى الملعب، واشترى له دراجة، بالإضافة إلى التشاجر مع الأولاد في المدرسة. وقال محمد "كانت شقيقاتي يتشاجرن معي طوال الوقت، لم أرغب في البقاء مع النساء والفتيات، ولذلك، قررتُ الذهاب مع والدي، ولكنَّني لا أعرف أين هو الآن، لقد ذهب مع تنظيم داعش. وتزوج أبي امرأةً روسية، كان اسمها مدينا".

 وبيّن محمد أنَّه جُنِّدَ ضمن القناصين؛ لأنه كان ماهراً في إطلاق النار، وقال "أعطاني بعض أفراد التنظيم 5 رصاصاتٍ، وكنت مكلَّفاً إصابة 4 أهداف، وفشلتُ في إصابة آخر هدفٍ منها. كنتُ أستخدم بندقية، من نوع كلاشينكوف، وكنت أُتقن إطلاق النار، حتى حين كنتُ طفلاً صغيراً، كنتُ ماهراً جداً في إطلاق النار، ولكن ليس بالبندقية؛ بل بالمسدس. حتى حين لم يكن والدي يطلب مني إطلاق النار، كنت أفعل ذلك. كل من كان يصيب الحجر كان يفوز. لقد كنتُ الأفضل، وتفوقتُ على جميع الأطفال. شعرت بسعادةٍ حين التحقتُ بـ(فتيان الجنة)، لا أعرف لماذا، ولكنَّني أفتقدها".

 ومنذ حديثه مع صحيفة الغارديان، يحاول عم محمد إبقاءه بعيداً عن سكان الموصل الآخرين، ولا سيما أولئك الذين عاشوا معه في الحي نفسه. وفي الفوضى التي أعقبت الحرب، ووسط المناخ القابل للاشتعال المحيط بمن كانوا جزءاً من بيئة تنظيم داعش، هناك أملٌ ضعيف في الحصول على أي دعمٍ من الدولة أو عقد مصالحة بطريقةٍ أو بأخرى. وقالت بلقيس واللي، وهي باحثةٌ بارزة مختصة في الشأن العراقي بمنظمة هيومان رايتس ووتش، إنَّ القضاء العراقي عامَل أطفال تنظيم داعش كالكبار.

وواصلت "الفرق الوحيد أنَّ الأطفال في العراق لا يُمكن معاقبتهم بالإعدام. ليست لديهم فكرةٌ عن أنَّ الأطفال الذين جنَّدهم تنظيم داعش مجرَّد ضحايا. لا يفهمون ذلك، ولا يتبنون أي برامج تهدف إلى إعادة التأهيل أو نزع التطرف. أتريدون معرفة السبب؟ لأنَّهم ببساطة يقولون إنَّ هؤلاء المدانين إمَّا سيُسجنون للأبد، وإما سيخضعون لعقوبة الإعدام، فلماذا تهتمون بإعادة تأهيلهم؟! وينطبق الأمر نفسه على الأطفال، فما الحاجة إلى تكبُّد العناء؟".

وفي مخيمات شمال العراق، تبذل الأمهات اللاتي أنجبن أطفالاً من مقاتلي داعش الراحلين، وكثيرات منهن أجنبيات، كل ما في وسعهن لإخفاء تاريخ هؤلاء الأطفال. ولتجنب استهدافهم بسبب التعصب، أو ما هو أسوأ من ذلك، كثيراً ما تزعم هؤلاء النساء أنَّ أطفالهن هم أبناء أو بنات إخوتهن أو أخواتهن. وإذا عُرفت أنسابهم، فأفضل ما يمكن أن تتمناه أمهاتهم في الظروف الحالية هو نَفيهُم مرةً ثانية.

وفي ظل صعوبة التوصُّل إلى مصالحة في الوقت الجاري، تعتقد سكينة أنَّ إعادة التأهيل لا تزال ممكنةً بالنسبة لبعض شباب الموصل. وقالت سكينة إنَّ أولى الخطوات الضرورية التي يمكن أن تبدأ، على الأقل من خلال الدعم المجتمعي، هي التخلِّي عن المعتقدات المتأصلة من خلال العقيدة والقهر. وأضافت "أعتقد أنَّه من السهل مساعدة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين الثامنة والثانية عشرة على الرجوع إلى الحالة السوية، أمَّا بالنسبة للمراهقين، فالأمور أصعب بكثير؛ لأنَّ لديهم أيديولوجيةً قوية".

وأردفت سكينة حديثها قائلة "لا تقتصر الحاجة إلى إيجاد سُبُل للتعامل مع هذه المشكلة على الحكومة العراقية؛ بل ينبغي أن يساعدنا المجتمع الدولي على إيجاد حلٍّ لهؤلاء الأشخاص فبدون مساعدته، سيكون الأمر صعباً؛ طالما أن التعامل مع هؤلاء الأطفال يحتاج إلى أشخاصٍ ذوي قدراتٍ خاصة".

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أطفال مُقاتلي تنظيم داعش القادمون من الحرب يعانون بشدة أطفال مُقاتلي تنظيم داعش القادمون من الحرب يعانون بشدة



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:02 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
  مصر اليوم - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:09 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
  مصر اليوم - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
  مصر اليوم - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 17:42 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن الفترات الصعبة في مشواره الفني
  مصر اليوم - أحمد عز يتحدث عن الفترات الصعبة في مشواره الفني

GMT 14:07 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"يوتيوب" يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي
  مصر اليوم - يوتيوب يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي

GMT 09:04 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

فولكس واغن تعيد إحياء علامة الأوف رود الأميركية "سكاوت"

GMT 17:01 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس

GMT 02:21 2016 الثلاثاء ,27 أيلول / سبتمبر

تعرّف على أشهر 9 رؤساء للبرلمان المصري

GMT 11:00 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الراحة النفسية في ارتداء الملابس أهم من المنظر الجذاب

GMT 12:06 2024 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

أحدث صيحات حقائب الشاطئ لهذا الصيف

GMT 10:16 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما يزهر الخريف

GMT 09:39 2024 الجمعة ,05 تموز / يوليو

الفرق بين العطور الصيفية والشتوية

GMT 21:14 2021 الأربعاء ,02 حزيران / يونيو

هواوي تطلق رسميا نظام HarmonyOS لـ 100 مليون جهاز الليلة

GMT 09:33 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج القوس

GMT 22:33 2021 الجمعة ,19 شباط / فبراير

أول إعلان رسمي من إدارة بايدن بشأن سد النهضة

GMT 02:37 2018 السبت ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إيمان سلامة توضح أن شخصية ليلي في"الأب الروحي" كانت تحدي

GMT 08:22 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

Casio" " تُعلن عن ساعتها الجديدة الذكية "WSD-F20A"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon