ملامحه الطفولية، ضحكته المميزة، وخفة ظله التي لا مثيل لها، جعلته واحدًا من أهم نجوم الكوميديا في تاريخ مصر، إنه عبد المنعم إبراهيم محمد حسن الدُغبشي، الشهير بـ "عبد المنعم إبراهيم" الذي تحل اليوم ذكرى رحيله.
ولد عبد المنعم إبراهيم في 24 ديسمبر/ كانون الأول 1924، ورحل في 17 نوفمبر/تشرين الثاني من العام 1987، بعد أن قدم تاريخًا طويلًا من الإبداع خلد ذكراه في وجدان محبيه.
وفي الذكرى الحادية والثلاثين لرحيله، يرصد "مصراوي"، مواقف في حياة "عصفور طاقية الإخفاء"، و"سكر هانم" التي لا يمكن نسيانها.
"سكر هانم" وش النحس
كتب أبو السعود الإبياري، فيلم "سكر هانم" ليقوم ببطولته صديق عمره الفنان إسماعيل ياسين، وكان من المقرر أن يبدأ إسماعيل ياسين في تصوير الفيلم بعد عرض فيلم "الآنسة حنفي" مباشرة، ولكن لسوء الحظ صدر قرار من جهاز الرقابة في ذلك الوقت، بمنع ظهور إسماعيل يس في أدوار نسائية بعد فيلم الآنسة حنفي، بسبب كثرة ظهوره في أدوار سيدات.
وكان المشروع الفني على وشك التأجيل مرة أخرى للبحث عن بطل للعمل، ما جعل إسماعيل يس، يرشح صديقه عبد المنعم إبراهيم، ليقوم بدور "سكر هانم" بدلًا منه، وبالفعل وافق المؤلف أبو السعود الإبياري ومخرج العمل السيد بدير.
الفيلم لم ينجح في دور العرض، واعتبر عبد المنعم إبراهيم، شخصية "سكر هانم" مصدر نحس له.
وقدم إسماعيل ياسين نفس الشخصية في مسرحية حملت عنوان "عمتي فتافيت السكر"، عن نفس النص، وحققت المسرحية نجاحًا كبيرًا.
مسرحية "عمتي فتافيت السكر"
التمثيل بالعربية الفصحى
طوال تاريخه الفني، برع الفنان عبد المنعم في التمثيل باللغة العربية الفصحى، وقدم هذه الشخصية في أكثر من دور كان أشهرها "الشيخ عبد البر عبد الواحد"، المجند في البحرية بفيلم "إسماعيل ياسين في الأسطول" في العام ١٩٥٧، وشخصية "الأستاذ حكم"، مدرس اللغة العربية في فيلم "السفيرة عزيزة" في العام ١٩٦١، ودور "الشيخ منعم" في فيلم "جواز في خطر" في العام ١٩٦٣، ودور "الشيخ مهران"، مدرس اللغة العربية في فيلم "المدير الفني" عام ١٩٦٥، وشخصية "الأستاذ يونس"، مدرس اللغة العربية في فيلم "المراية" في العام ١٩٧٠، و"الشيخ سنوسي" في فيلم "الانتقام" في عام ١٩٨٦، كما أدى نفس الشخصية في مسرحية "أنا عايزة مليونير" في عام ١٩٥٦.
"كده برضه يا سونة يا خاين"
في زمن الإنترنت ابتكر رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ما يُسمي بـ"الداب سماش"، وهو تمثيل فيديو على صوت فنان مشهور، لكن الفنان عبد المنعم إبراهيم سبق الجميع في هذا في مشهده الشهير من فيلم "إشاعة حب"، حين قام بالحديث على صوت الفنانة هند رستم، في جملة لم ينساها كل من شاهد الفيلم "كده برضه يا سونة يا خاين، أحبك أعبدك، أموت في هواك"، هذا الإيفيه الذي لم يستطع الزمن أن يمحوه من ذاكرة جمهوره.
رغم الضحك والكوميديا التي قدمها عبد المنعم إبراهيم، إلا أن حياته كانت مأساة طويلة، فقد خلالها الزوجة والحبيبة والأخ والابن الوحيد.
وفاة زوجته وشريكة عمره
كان عبد المنعم إبراهيم يصور أحد أفلامه في أثينا، حين اتصلوا به وأخبروه أن زوجته تموت وتريد أن تراه، وحدث أن تعطلت الطيارة 17 ساعة، قال عنها إنها كانت أطول فترة مرت عليه في حياته، قبل أن يحضر إلى القاهرة، ويخبره الدكتور بأن زوجته لن تعيش أكتر من ستة أشهر، "أنا كنت بنام صاحي، ما كنتش بنام، بقعد أبص لها كده وأقوم أخرج للبلكونة، عايز أزعق وأصرخ عايز أقول ليه يا رب؟، كانت حاجة أرجو أن محدش يشوفها إطلاقًا لأنها حاجة قاسية جدًا، خاصة إني تعبت جدًا أثناء مرضها، وكانت يمكن سبب أعطاني قوة تقديم أعمال تراجيدية"، وتوفيت زوجته تاركة له 4 أطفال كان أصغرهم لم يتجاوز عامه الثاني.
وفاة شقيقه
بعدها بعامين توفي شقيقه عن 35 عامًا، تاركًا له 6 أبناء ووالدتهم، ليجد نفسه يعول أسرة مكونة من 11 فردًا، في حياة وصفها بالمأساة القوية.
زواجه من شقيقة زوجته
تزوج عبد المنعم إبراهيم، بعدها من شقيقة زوجته التي كانت مُطلقة ولا تُنجب، إلا أنه طلقها بعد يومين فقط، نظرًا للتشابه الكبير بينها وبين أختها المتوفاة، ولم يستطع العيش مع هذا التشابه.
وفاة ابنه طارق
أنجب عبد المنعم إبراهيم من زوجته الأولى سلوى وسهير وسمية وطارق، وأنجب من زوجته الثالثة اللبنانية عايدة تلحوم، والتي كانت تعمل في مكتب طيران الشرق الأوسط، ابنته الرابعة نيفين، وتعيش حاليًا في بيروت.
وتزوج من الزوجة الرابعة، الفنانة كوثر العسال، دون أن يخبر زوجته الثالثة، حفاظًا على مشاعرها، وماتت عايدة تلحوم بسرطان الطحال، ولكن أكثر ما آلمه، كان وفاة نجله طارق في عمر السابعة والثلاثين، بسبب مرض خبيث.
رفض دخول ابنته التمثيل
قالت سمية عبد المنعم إبراهيم، إن المنتج رمسيس نجيب رشح شقيقتها سهير للعب دور في فيلم "إمبراطورية ميم" مع الفنانة فاتن حمامة، لكن والدها رفض طالبًا منها أن تلتفت لدراسة التمثيل لو أرادت أن تحترفه، وذهب الدور في النهاية للفنانة ليلى حمادة.
أمنية لم تتحقق
قالت سمية عبد المنعم إبراهيم، في حوار صحافي في إحدى الصحف المصرية، إن والدها تمنى تجسيد شخصية البخيل لموليير، وبدأ العمل مع سميحة أيوب على هذا الدور لكن الموت لم يمهله، وأوصى أن تخرج جنازته من المسرح القومي وأن يدفن في مسقط رأسه بقرية "ميت بدر حلاوة"، في محافظة الغربية.
أرسل تعليقك