توقيت القاهرة المحلي 08:19:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خطبة الوداع من محمد رسول الله إلى عباد الله

  مصر اليوم -

خطبة الوداع من محمد رسول الله إلى عباد الله

معتز بالله عبد الفتاح


أرجو أن يستحضر أحدنا كامل طاقته النفسية والذهنية ليقرأ ما قاله سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فى حجة الوداع يوم عرفة من جبل الرحمة، وقد نزل فيه الوحى مبشراً أنه «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام ديناً»

قال الرسول الكريم:

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أوصيكم عباد الله بتقوى الله وأحثكم على طاعته وأستفتح بالذى هو خير. أما بعد أيها الناس اسمعوا منى أبين لكم فإنى لا أدرى لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا فى موقفى هذا.

أيها الناس إن دماءكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى بلدكم هذا، ألا هل بلغت، اللهم فاشهد، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها.

وإن ربا الجاهلية موضوع ولكن لكم رؤوس أموالكم لا تظلِمون ولا تظلَمون، وقضى الله أنه لا ربا. وإن أول ربا أبدأ به عمى العباس بن عبدالمطلب.

وإن دماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم نبدأ به دم عامر بن ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب وإن مآثر الجاهلية موضوعة غير السدانة والسقاية والعمد قود وشبه العمد ما قتل بالعصا والحجر وفيه مائة بعير، فمن زاد فهو من أهل الجاهلية، ألا هل بلغت اللهم فاشهد.

أما بعد، أيها الناس إن الشيطان قد يئس أن يعبد فى أرضكم هذه، ولكنه قد رضى أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحرقون من أعمالكم فاحذروه على دينكم، أيها الناس إنما النسىء (أى تغيير مواعيد الأشهر الحرم) زيادة فى الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً ليوطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله ويحرموا ما أحل الله. وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً فى كتاب الله يوم خلق الله السماوات والأرض، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات وواحد فرد: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذى بين جمادى وشعبان، ألا هل بلغت اللهم فاشهد.

أما بعد، أيها الناس إن لنسائكم عليكم حقاً ولكم عليهن حق. لكم ألا يواطئن فرشهم غيركم، ولا يدخلن أحداً تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم ولا يأتين بفاحشة، فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تعضلوهن وتهجروهن فى المضاجع وتضربوهن ضرباً غير مبرح، فإن انتهين وأطعنكم فعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، واستوصوا بالنساء خيراً، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئاً، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، فاتقوا الله فى النساء واستوصوا بهن خيراً، ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد.

أيها الناس إنما المؤمنون إخوة ولا يحل لامرئ مال لأخيه إلا عن طيب نفس منه، ألا هل بلغت اللهم فاشهد.

فلا ترجعن بعدى كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض، فإنى قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعده: كتاب الله وسنة نبيه، ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد.

أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب أكرمكم عند الله أتقاكم، وليس لعربى على عجمى فضل إلا بالتقوى، ألا هل بلغت.. .. اللهم فاشهد، قالوا نعم، قال فليبلغ الشاهد الغائب.

أيها الناس إن الله قد قسم لكل وارث نصيبه من الميراث ولا يجوز لوارث وصية، ولا يجوز وصية فى أكثر من ثلث، والولد للفراش وللعاهر الحجر. من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل، والسلام عليكم.

ولما فرغ من خطبته نزل عليه قوله تعالى: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلاَمَ دِيناً» [المائدة: 3].

وعندما سمعها عمر رضى الله عنه، بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: إنه ليس بعد الكمال إلا النقصان. أخرجه البخارى.

سمعنا يا رسول الله وقرأنا.

هذه الوصايا المجملة فى هذه الخطبة القصيرة نسبياً مقارنة بخطب الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، تمثل منهجاً متكاملاً فى علاج أمراض المجتمع ومشاكله.

أقترح على السادة المسئولين عن الخطاب الدينى ومقررات التعليم فى مصر أن تتصدر هذه الخطبة العظيمة ما يقدمونه للعقل المسلم من أفكار وقيم، لأنها تلخص الكثير من منهاج النبوة وتفتح الباب للكثير من قيم الخير.

والحقيقة أن الإنسان حين ينظر إلى معظم مشاكلنا اليوم يجدها ترتبط بمشاكل استباحة الدم واستباحة الأعراض واستباحة المال، وشيوع الربا (وبالمناسبة لا أساوى بين فوائد البنوك والربا، وهذا موضوع مقال آخر إن شاء الله)، والمشاكل الزوجية ومشاكل المواريث.

صدقت يا رسول الله. بلّغت يا رسول الله. نشهد يا رسول الله.

اللهم أعنا على حسن ذكرك، وحسن فهم مرادك.

اللهم أعنا على حسن العمل، وحسن الإخلاص لك.

كل عيد وحضراتكم بخير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطبة الوداع من محمد رسول الله إلى عباد الله خطبة الوداع من محمد رسول الله إلى عباد الله



GMT 09:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 09:10 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 09:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 09:06 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 09:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 09:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 08:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الاستقلال اليتيم والنظام السقيم

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon