بقلم فاروق جويدة
لا احد يتذكر الليلة التى هبطت فيها السحابة السوداء على سكان القاهرة منذ سنوات بعيدة، ومازال هذا الزائر المتوحش يدق أبوابنا كل ليلة ويصيب الاطفال بالنزلات الشعبية، ويصيب الكبار بضيق في التنفس ويسرع الجميع إلى اسطوانات الأوكسجين لإنقاذ أرواحهم ..
هذا الشبح لم نعرف له نهاية حتى الآن، قالوا ان السبب قش الأرز وان الحكومة تطارد كل من يحرق الأرز في الحقول وقالوا ايضا إنها القمامة التى تتجمع حول العاصمة العتيقة كل ليلة وتطارد سكان العشوائيات ثم تحاصر سكان المنتجعات، ولكن الحقيقة انها توزع كل ليلة تلال الدخان بعدالة شديدة وربما كانت السحابة السوداء هى ميزان العدل الوحيد في المحروسة .. قلنا يوما انها تكلف الدولة مئات الملايين في الضحايا الذين يذهبون إلى المستشفيات اذا كانوا من القادرين أو يذهبون إلى نهايتهم في المقابر اذا كانوا من العاجزين .. ان الغريب في الأمر ان وزارة البيئة هبط عليها أكثر من وزير ولم ينجح واحد منهم في إزالة هذه الغمة عن المصريين لقد صدرت مئات التصريحات على لسان السادة المسئولين وكل واحد كان يعد بأن الحل قادم، وتعثرت كل الحلول وبقيت السحابة السوداء شهادة تؤكد استمرار البيروقراطية المصرية العريقة .. هل فشلت الدولة في مواجهة حرائق قش الأرز في المحافظات .. هل فشلت في منع قمائم الطوب والقمامة وماذا يقول المسئولون عن الآثار الصحية لهذه الكارثة في كل بيت في مصر ان ما تتحمله ميزانية الدولة في علاج آثار هذه السحابة يفوق كل محاولات التخلص منها.. حين تدخل القاهرة من اى مدخل تجد السحابة السوداء في استقبالك .. ومع ارتفاع أسعار الكهرباء يحسب الناس الآن تكاليف تشغيل أجهزة التكييف أو المروحة، وتنتشر السحب السوداء في البيوت، وتؤكد فشل الأجهزة المسئولة عن مواجهة الخطر القاتل .. السحابة السوداء تدخل مصر بها موسوعة جينيس حيث ظلت أكثر من عشرين عاما والحكومات المتتالية تعجز عن إيجاد حل لها .. كيف تعجز الدولة المصرية حتى الآن ورغم مرور عشرين عاما عن التخلص من هذه الكارثة.