بقلم: خالد منتصر
وداعاً حسن حسنى الجميل البسيط الطيب خفيف الدم، أسطى التمثيل عاشق الفن، الذى تأخرت نجوميته كثيراً، وعانى حتى اقتحم الصفوف الأولى بالجهد والمثابرة والعزيمة، وقبلها بالموهبة الفياضة، أيقونة الكوميديا الحديثة ومعشوق المضحكين الجُدد، الفنان الجميل حسن حسنى، رحل بعد أن اطمأن إلى أن بئر نفط البهجة ومخزون السعادة الذى تركه لنا يكفينا آلاف السنين، ممثل عبقرى صنّفناه خطأً «كوميديان»، فهو أيضاً غول تراجيديا رهيب من مدرسة المليجى وزكى رستم، قادر على سرقة الكاميرا ممن أمامه دون تعمد، فمغناطيس الجاذبية لديه يجمع فى قطبيه كل الأعمار والطبقات والأجناس والفئات، نجوم الكوميديا الجدد كانوا يعتبرون أفلامهم ناجحة قبل أن تنزل إلى صالات السينما بشرط واحد أن يقبل حسن حسنى مشاركتهم البطولة، حتى لو بمشهد، وكأنهم يأخذون منه البركة كلهم بداية من محمد هنيدى حتى محمد سعد، مروراً بأحمد حلمى ورامز جلال وعلاء ولى الدين.. إلخ، استحق بالفعل لقب الجوكر كما أطلق عليه زملاؤه، فما إن يرشح لأى دور تجد الدور اصطبغ بصبغته، وصار علامة مسجّلة باسمه، الكم كبير بالفعل، نحو خمسمائة عمل فنى، وقد انتقد الكثيرون هذا الكم الكبير، لكن الحقيقة أن حسن حسنى كان مخلصاً فى كل دور، حتى لو استغرق على الشاشة خمس دقائق، صارت إيفيهاته «محفوظة صم» للأطفال قبل الكبار، فمن منا لا يتذكر «يا أم نيازى صحى نيازى وقولى له ضبش حرامى (غبى منه فيه)، يا ناس محدش ياخد ميدو ابنى ويدينى بداله مروحة (فيلم ميدو مشاكل)، عايز تحتفل بالالتصاق (عبود ع الحدود)... إلخ»، وأيضاً لا ننسى أدواره التراجيدية التى أبكتنا وهزتنا من الأعماق مع المخرجين عاطف الطيب (دماء على الأسفلت)، وداوود عبدالسيد (سارق الفرح)، ورضوان الكاشف (ليه يا بنفسج)، وأسامة فوزى (عفاريت الأسفلت)، وغيرهم، فى أحد حواراته يقول «بانام والشخصية فى حضنى!»، دلالة على الإخلاص والتبتل فى محراب الفن.
قبلة على جبين من ترك وشم الفرحة على جدران أرواحنا، حتوحشنا يا عم حسن..