بقلم - عمرو الشوبكي
كما هى العادة منذ سنوات أشاهد فى شهر رمضان مسلسلا واحدا بانتظام، وآخر وثالثا بالصدفة أو كلما تيسر، ولم يخرج هذا العام عن القاعدة، حيث ظل عادل إمام هو الثابت، والباقى متغيرا مثل مسلسلى «طايع وأوجينى».
لم يخف بعض أصدقائى التقدميين امتعاضهم من تمسكى بعادل إمام وبموهبته الاستثنائية، وكيف أنى لا أرى بعين نقدية البعد التجارى فى أعماله وما يصفه البعض بمحاباته للسلطة.
وقد استقر عادل إمام منذ 2012 على القيام بمسلسل رمضانى واحد، بدأه بـ«فرقة ناجى عطا الله» ثم «العراف» فـ«صاحب السعادة» ثم «أستاذ ورئيس قسم» ثم «مأمون وشركاه» و«عفاريت عدلى علام» وأخيرا مسلسل هذا العام «عوالم خفية».
ويعد مسلسل «عوالم خفية» من أفضل مسلسلات الزعيم، فهو ملىء بالرموز والرسائل السياسية بعضها كان غير مباشر وبعضها الآخر كان مباشرا مثل مشهد جلوس ضابط الأمن الوطنى على مكتب الصحفى هلال كامل (عادل إمام فى المسلسل) بدون استئذان وهو مشهد له أكثر من معنى ودلالة.
«عوالم خفية» هو مزيج من الإثارة والرسائل الفنية والسياسية، فتحدث عن الجوانب الإيجابية والسلبية فى دور الأجهزة الأمنية، وعن الفساد الذى يجرى خلف الكواليس وشخصية المسؤول الكبير الذى قدم وجها شريفا لفنانة موهوبة حتى ينال منها ويتزوجها، وبعدها أظهر وجها آخر اتضح فيه فســـاده الخلقى والمالى.
والحقيقة أن عادل إمام قدم أعمالا رائعة ومهمة من الناحية الفنية سواء بالنسبة لكثير من أفلامه أو مسرحياته أو مسلسلاته حتى لو اختلفت مع بعض مضمونها أو بعض مواءماته السياسية إلا أنه يبقى أسطورة حقيقية بالمعنى الإيجابى مقارنة بأسطورة البلطجة والابتذال التى راجت على أيدى بعض النجوم الجدد، بل يمكن اعتبار كثير من أعماله تمثل حائط صد حقيقيا فى مواجهة نوعية متدنية من الأعمال الفنية، لأنه ليس فنانا نخبويا إنما نجح فى أن يصل لقطاعات عريضة من المجتمع بصورة لم ينازعه فيها نجم آخر، فمثل حائط صد أمام نوعية من الأفلام والمسلسلات المخربة بكل معنى الكلمة.
رمضان بدون عادل إمام كان سيعنى تنميط كل المسلسلات لتصبح إما بعيدة عن السياسة أو مؤيدة بشكل كامل دون أى رؤية نقدية وتتحدث فقط عن الوجه الإيجابى لأجهزة الأمن فى محاربة الإرهاب والخارجين عن القانون دون أى حديث عن الجوانب السلبية.
سيظل عادل إمام ظاهرة استثنائية فى تاريخ الفنانين الكبار على مستوى مصر والعالم لأنه نجح دون غيره فى أن يبقى لمدة نصف قرن نجما أول وزعيما حقيقيا؛ فشكرا عادل إمام.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع