” لقد فهمت الفصائل الكردية في معظمها حقيقة اللعبة الأميركية التركية, وبخاصة بعد زيارة وزير الخارجية الأميركية تيلرسون إلى أنقرة, وعقده صفقة مع الجانب التركي حول تشكيل “إدارة مشتركة” لمدينة “منبج” ومنطقتها.هذا الوضع حدا بالأكراد إلى إجراء محادثات مع دمشق, وأظهر قادة الوحدات الكردیة مرونة, وموقفا وطنیا بالحديث عن إمكانیة دخول الجیش السوري عفرین, ”
للشهر الثاني على التوالي لم تستطع القوات التركية احتلال “عفرين” رغم إعلان أردوغان في البداية, أن هذه المهمة لن تستغرق سوى أيام معدودة… كتبنا في مقالة سابقة في “الوطن” حول التناقض بين الاسم الذي اختارته تركيا لعمليتها العسكرية “غصن الزيتون” وبين اعتدائها على جارتها سوريا, التي لم تسفر سوى عن قتل مئات المدنيين الأبرياء, أيضا لقد أوضح رئيس الحكومة التركية علي يلدريم في مؤتمر الأمن في ميونيخ, أن العملية العسكرية التركية هي من أجل الدفاع عن حدود “الناتو”. للعلم, حتى اللحظة ترفض غالبية الدول الأوروبية إدخال تركيا في مجموعة دول السوق الأوروبية المشتركة. تركيا متقلبة السياسات, فهي من المفترض أنها من بين ثلاث دول راعية (روسيا,إيران وتركيا) لمناطق “خفض التوتر” في سوريا, ومن أجل رعاية العملية السلمية المفترض أن تجري في البلد المثقل بالصراع منذ سبع سنوات.
تركيا تعلن أنها مع الحل السياسي والمحافظة على وحدة سوريا, لكن الكل يدرك أنها شكلت على الدوام ولا تزال داعما رئيسيا للتنظيمات المسلحة المتطرفة (حتى لا نقول الإرهابية),, وكانت تدخلهم فوجا بعد آخر عبر حدودها ليعيثوا فسادا وإجراما وقتلا وذبحا في هذا البلد العربي. تركيا تدّعي التناقض مع الولايات المتحدة, وأن هدفها من عمليتها العسكرية هو قتال الأكراد , لكنها تلتقي مع واشنطن في استمرار تخريب سوريا وتفتيت وحدتها واستمرار الصراع الدامي فيها, هذا المشروع أصبح مكشوفا للقاصي والداني, أيضا, أميركا تلملم المرتزقة لإنشاء جيش في شمال شرق سوريا, وتعمل على تواجدها الدائم في البلد العربي ببناء قواعد عسكرية عديدة لها. وقد سبق لتركيا هي الأخرى وأن أعلنت عن مشروعها في الشمال السوري كما العراقي.
نعم, لقد فهمت الفصائل الكردية في معظمها حقيقة اللعبة الأميركية التركية, وبخاصة بعد زيارة وزير الخارجية الأميركية تيلرسون إلى أنقرة, وعقده صفقة مع الجانب التركي حول تشكيل “إدارة مشتركة” لمدينة “منبج” ومنطقتها. هذا الوضع حدا بالأكراد إلى إجراء محادثات مع دمشق, وأظهر قادة الوحدات الكردیة مرونة, وموقفا وطنیا بالحديث عن إمكانیة دخول الجیش السوري عفرین, وأن المسألة تبدو مسألة وقت لیس إلاّ, من أجل وحدة أراضي سوريا. للأسف توهم الأكراد ّعندما وثقوا بواشنطن وراهنوا على صداقتها, وصدقوا الوعود التي كانت تطرحها قیاداتها العسكریة والسیاسیة لهم, دون ان یستخلصوا أي عبرة تاریخیة أو سیاسیة من مسيرة الولايات المتحدة الاستعمارية الجوهر والناكرة لكل وعودها, كان ذلك في إدارة ظهرهم لوطنهم السوري , والانخراط في مؤامرة إسقاط الدولة السوریة ِ وتقسیم سوریا, وھي مؤامرة أسهموا بفاعلیة في إنضاجها, عندما أبدوا جشعا زائدا وشعوراً مزیفا بفائض القوة, وانساقوا خلف الأمیركیین كي یسیطروا على مدن وبلدات ومساحات جغرافیة واسعة مثل الرقة وشرق الفرات, وهي مناطق عربیة خالصة لا صلة لها ولا علاقة مع مشروعهم الانفصالي المسمى “روج آفا” , وقد بدأوا بعدها بمد سيطرتهم على مناطق معظم أهلها من العرب, وليس من بينهم كردي واحد.
بالنسبة للأميركيين فلهم مشروعهم في سوريا, وأحد أهدافه المحافظة على الأمن الإسرائيلي, الاستمرار في محاولة تفتيت الدولة السورية, السيطرة على 20% من الأراضي السورية, الغنية بحقول النفط والغاز في البادية, وتأمين الملاذ للإرهابيين بإبعادهم عن الأماكن الخطرة. ولكن مثلما أفشل الجيش السوري وحلفاؤه كافة المخططات التآمرية لتقسيم سوريا وضرب جيشها وإسقاط نظامها على مدى سبع سنوات, ستسقط المخططات والأحلام الأميركية في البقاء على الأرض العربية السورية.
نقلا عن الوطن القاهريه