بقلم : مصباح قطب
اسألوا أمهاتكم أنتم أيضا. هذه نصيحتى للذين قرأوا حوار نجيب ساويرس إلى وكالة بلومبرج العالمية الاقتصادية، أو سمعوا عنه، والذى قال فيه إنه يستثمر نصف ثروته حاليا في الذهب، لأنه سيصعد، بينما تحيط الشكوك بأسواق الأسهم، مؤكدا أنه استشار والدته قبل أن يأخذ مخاطرة تركيز استثماراته بهذا الشكل.
لرجال الأعمال الكبار منطق لا نعلمه وقد لا نفهمه.. نريد منهم عادة أن يقوموا بما نتصوره الأكثر ضرورة لنا حتى لو كان غير مربح. المستثمرون لا يطرحون على أنفسهم السؤال الأول الذي جال بخاطر كثيرين ممن قرأوا الحوار، ألا وهو: وهتستفيد إيه مصر أو البشرية من الاستثمار في كتل جامدة اسمها الذهب مهما كان بريقها؟ ومن يستثمر إذن في الزراعة أوالصناعة أوالخدمات الأساسية إذا كان نجيب مشغول إلى هذا الحد بالذهب؟
ظنى أن منطق نجيب ومن هم مثله هو بكل بساطة أن كفاء إدارة الأموال لتحقيق أعلى مردود ممكن لصاحبها أو للمستثمرين/ المساهمين معه هي عنوان براعة رجل الأعمال وقوته، وسط عالم التنافس الرهيب بين أصحاب الثروات.. وبعدها تأتى الأعمال الاجتماعية، وغير ذلك قلة حيلة، أو تفريط في المسؤولية تجاه الذات وتجاه المال وتجاه الشركاء.
التباين الشديد في الرؤيتين لدور رجال الأعمال معضلة عصر ولن تحل في يوم وليلة، والأهم أنى خشيت بشدة عند مطالعة حوار نجيب أن يقول مضاربون محليون للسذج من الأهالى وما أكثرهم:«أرأيتم؟ نجيب ساويرس أشطر الشطار في مصر وبراها يرى أن الذهب طالع طالع.. هاتوا ما تيسر عندكم أو بيعوا ما تملكون واعطونا الأموال لنضارب لكم بها على الأصفر البراق.. ليل الفقر سيذهب وستشرق في حياتكم شمس الذهب من هذه اللحظة».
يا عزيز يا أبوقرش عزيز إياك أن تمشى وراءهم. لست مفتيا ولن أعظ، لكن كل ما أقوله لك: اسأل أنت أيضا أمك قبل أن تخاطر ببيع عفش البيت لتضارب على الذهب... قلب الأم كالطيور البرية يتنبأ بالزلازل قبل وقوعها.. يحس بالخطر والمخاوف وهى لا تزال في المهد .الأم الشقيانة لا تعرف إلا الملموس والمحسوس والمشاهد... تجارة ... أدوات لصنعة... مشروع أمام عينيها يفتح بيت أو يساعد على ذلك. المضاربة عندها- ومهما تحدث آخرون عن قانونيتها أو جدواها- قرين للحمل الكاذب... لا يلبى أشواق أمومة، ولا يرضى رجل متطلع إلى «وليد من صلبه».
الليل الذي يجب أن يذهب هو أوهام بحث العاديين عن ثراء لا يجىء. اللعب في الذهب لعب مع كبار الكبار، فلا تدخلوا مضمار ملاعبة الأسود بقوة 2 كتكوت وتأملوا في معجزة .
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع