بعد أن قرر البرلمان فتح ملف قانون الإيجار القديم وتعديله، بعد الحكم الصادر من المحكمة الدستورية، أخذ الصراع بين المالك والمستأجر منحنى آخر، فبدلًا من الحديث عن تعديل قانون الإيجار القديم للوحدات السكنية أم غير السكنية، أصبح الصراع يدور حول تطبيق القانون على الأشخاص الاعتبارية أم الاعتبارية والطبيعية، بعدما استبعد البرلمان تعديل قانون الإيجار القديم للوحدات السكنية، وقصر الأمر على تعديله للأغراض غير السكنية.
وكانت المحكمة الدستورية قضت بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 "في شأن بعض الأحكام الخاصة، بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من إطلاق عبارة لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير الغرض السكني، لقانون الإيجار القديم.
وحدد اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي السنوي لمجلس النواب، اللاحق لنشر هذا الحكم تاريخًا لإعمال أثره، وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية العدد 19 مكرر ب في 13 مايو 2018، وبالتالي فإن آثار هذا الحكم سيجرى تطبيقه عقب انتهاء دور الانعقاد الحالي، وبذلك أصبح إقرار مشروع قانون الإيجار القديم، أمرا واجبا خلال هذا الدور.
وقبل أن نستعرض الوجهة التي يقبل عليها البرلمان بقوة في تعديلاته على قانون الإيجار القديم، نرصد أولًا ما انتهت إليه لجنة الإسكان من تعديلات على قانون الإيجار القديم، والتي جاءت كالتالي:
المادة الأولى تناولت سريان حكم القانون على الأماكن المؤجرة لغير غرض السكنى، بـ قانون الإيجار القديم، التي يحكمها القانون رقم 49 لسنة 1977، والقانون رقم 136 لسنة 1981، والقانون رقم 6 لسنة 1977، مع عدم سريان القانون على الأماكن المذكورة التي يحكمها القانون رقم 4 لسنة 1996 (الأماكن التي لم يسبق تأجيرها ولا على الأماكن التي انتهت عقود إيجارها قبل العمل بهذا القانون أو تنتهي بمدة لأي سبب دون أن يكون لأحد حق البقاء طبقًا للقانون).
فيما تناولت المادة الثانية من قانون الإيجار القديم، حكمًا انتقاليًا يختص بامتداد عقود إيجار الأماكن التي يسري عليها أحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 لصالح المستأجر على أن تنتهي مدة العقد بقوة القانون دون حاجة لاتخاذ أي إجراءات أو صدور حكم قضائي بمضي خمس سنوات من تاريخ العمل بها.
وتضمنت المادة الثالثة، من قانون الإيجار القديم، تحديد قيمة زيادة الأجرة القانونية المستحقة عند صدور هذا قانون الإيجار القديم، يكون بخمسة أمثال القيمة الإيجارية القانونية المحددة طبقًا لأحكام قوانين إيجار الأماكن، كما نظمت تلك المادة زيادة القيمة الإيجارية السنوية خلال مدة امتداد العقد بزيادة سنوية دورية بنسبة 15% من قيمة آخر أجرة قانونية لمدة أربع سنوات.
كما تناولت المادة الرابعة من قانون الإيجار القديم، إلزام المستأجرين بإخلاء الأماكن المؤجرة وردها إلى المالك أو المؤجر في اليوم التالي لانتهاء المدة القانونية المشار إليها بالمادة الثانية من المشروع، كما ورد بالمادة حالة امتناع المستأجر عن تسليم العين المؤجرة إلى صاحبها، حيث أعطت للمؤجر أو المالك الحق في اللجوء إلى طريق استثنائي يتميز بسرعة الفصل في الطلب المقدم بشأن استرداد العين المؤجرة وهو اللجوء إلى قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الواقع في دائرتها العقار، هذا فضلًا عن عدم حرمان المؤجر أو المالك من طلب التعويض عن عدم تسليمه العين المؤجرة إن كان لذلك مقتضى طبقًا للقواعد العامة.
لكن هذه التعديلات على قانون الإيجار القديم، المقدمة من لجنة الإسكان، أخذت مجلس النواب لخلاف كبير حول المخاطبين بالقانون، حيث رأت اللجنة ووافقها في ذلك الدكتور علي عبد العال على تطبيق القانون على الأشخاص الاعتبارية والطبيعية معًا، فيما رأت الأغلبية البرلمانية ممثلة في ائتلاف دعم مصر وحزب مستقبل وطن الارتكان إلى ما جاء بحكم المحكمة الدستورية وقانون الإيجار القديم المقدم من الحكومة وتطبيقه على الأشخاص الاعتبارية فقط.
هذا الاتجاه الذي يذهب إليه كل من ائتلاف دعم مصر وحزب مستقبل وطن، يأخذنا إلى تقدير، قد يكون صادم للملاك، وهو إقرار قانون الإيجار القديم للوحدات غير السكنية، على الأشخاص الاعتبارية فقط.
فانتماء أكثر من 400 نائبًا لائتلاف دعم مصر وحزب مستقبل وطن، قد يجعل أمر تعديلات قانون الإيجار القديم محسومًا بشكل كبير.
وإذا تم تطبيق القانون بهذه الصيغة التي يتجه إليها الأكثرية البرلمانية بقانون الإيجار القديم، فإن ذلك يعني أن القانون سوف يطبق على 488 ألفا و819 وحدة، غير سكنية بقانون الإيجار القديم، بحسب احصائيات صادرة عن وزارة الإسكان، في شهر مايو من عام 2018.
وتوجه أغلبية البرلمان لإقرار قانون الإيجار القديم على الأشخاص الاعتبارية فقط، يتأكد من خلال تصريح عبد الهادي القصبي، زعيم الأغلبية، عندما قال خلال جلسة البرلمان أثناء مناقشة قانون الإيجار القديم،: "ما صدر وما جاء من الحكومة وما جاء من اللجنة، اجتهاد طيب، لكن ما جاء من الحكومة في الحقيقة، جاء فيه التزاما بحكم المحكمة الدستورية، ولكن ما جاء في نص الحكومة راعى آلية التنفيذ تجاه الوزارات والهيئات والمصانع وشركات القطاع العام وأعطى لهم مهلة خمس سنوات. وهي هيئات قادرة على توفيق أوضاعها سريعا، بالتالي إضافة الأشخاص الطبيعية كان يجب التوقف أمامها بدقة".
نفس الأمر أكد عليه وكيل لجنة الإسكان، بالبرلمان، النائب محمد الحصي، بقوله: "هناك توجه عام داخل البرلمان، لحصر المخاطبين في تعديلات قانون الإيجار القديم، للوحدات غير السكنية، على الأشخاص الاعتبارية فقط، دون أن يطبق على الأشخاص الطبيعية، بعد شبه الإجماع الذي كان عليه النواب أثناء مناقشة القانون داخل الجلسة العاملة".
قد يهمك ايضا
الدستورية العليا ترفض مادتين من قانون الشركات المساهمة
حالة من الترقب والحذر تسود أروقة الأحزاب المصرية
أرسل تعليقك