أكد السفير مجدى عامر سفير مصر لدى الصين الأهمية الكبيرة لزيارة الدولة التى يقوم بها الرئيس الصينى شى جين بينغ لمصر يوم الأربعاء القادم فى إطار جولته بالمنطقة ولقائه بالرئيس عبد الفتاح السيسى.
وقال عامر، فى حديث شامل لمراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط فى بكين اليوم الأحد ، " إن مباحثات الرئيسين ستتناول القضايا الدولية والإقليمية ومكافحة الإرهاب والتنسيق المتزايد بين البلدين فى هذا الصدد".
وأوضح أن هذه الزيارة تعد الأولى لرئيس صينى لمصر من 12 سنة حيث أن آخر زيارة كانت عام 2004 وهى زيارة دولة أى لها وضع بروتوكولى خاص.
كما أوضح أن سبب إتمام الزيارة فى يناير 2016 هو أن هذا العام سيحتفل البلدان فيه بالذكرى الستين لإقامة العلاقات الديبلوماسية بينهما.. حيث كانت مصر والصين اتفقتا على أن هذا الموعد يعد فرصة ممتازة لبدء فعاليات الاحتفال بهذه المناسبة ، فضلا عن أن الزيارة ستتم فى إطار جولة للرئيس الصينى فى الشرق الأوسط والتى تأتى فى وقت حساس جدا بالنسبة للقضايا الإقليمية وفى ظل الرغبة المشتركة للتنسيق بين البلدين للعمل على احتواء ما يعصف بالمنطقة من أزمات وصراعات.
وقال عامر إن عام 2016 يأتى وسط أزمة اقتصادية دولية متزايدة فى العالم، أزمة القت بظلها على منطقة الشرق الأوسط وطالت أيضا دول شرق آسيا بما فيها الصين ولذلك فالزيارة تعد مناسبة مهمة للتباحث حول كيفية التعامل مع هذا الموضوع الذى يمس البلدين والعديد من الدول الاخرى وبالذات الدول النامية.
وأضاف " إن الزيارة تأتى كذلك بالتزامن مع دعوة الرئيس الصينى للرئيس السيسى ليكون ضيف الشرف الخاص فى قمة مجموعة العشرين القادمة والتى ستستضيفها الصين فى شهر سبتمبر القادم وبناء على هذه الدعوة بدأت مصر بالفعل حضور الاجتماعات التمهيدية لهذه القمة فى هذه الأيام فى بكين".
وشدد السفير المصرى على أهمية هذه القمة لأنها تأتى فى ظل المشكلة الاقتصادية الدولية كما ستكون أول لقاء لزعماء مجموعة العشرين بعد الاتفاقية العالمية الجديدة للمناخ التى تم توقيعها فى باريس حيث ستتعامل القمة مع هذين الموضوعين إضافة إلى موضوعات أخرى كثيرة تهم الدول النامية ومنهم مصر والصين لذلك فزيارة الرئيس شى لمصر ستكون فرصة ممتازة للتنسيق الثنائى فى كل هذه المجالات.
وحول المتوقع من الزيارة..قال عامر " أولا سيكون هناك بيان سياسى يصدر عن الزيارة وهو البرنامج التنفيذى لتعزيز العلاقات خلال السنوات الخمس القادمة 2016/2021 وهذا البرنامج مبنى على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة التى تم توقيعها بين البلدين فى ديسمبر 2014 إضافة الى ذلك فسيتم التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات والعقود التى لها صلة بالمشروعات التى ستقام فى مصر وهذه المشروعات وصلت لمراحل مختلفة من التفاوض بعضها مشروعات أصبحت جاهزة لبداية التنفيذ وسيتم توقيع العقد النهائى الخاص بها وبعضها ما زال يحتاج لاستكمال التفاوض حول جزء معين فنى أو مالى خاص بها فيوقع لها عقد ولكن ليس نهائيا.
وأضاف "هناك مشروعات النقل والسكك الحديدية ، وأهمها مشروع القطار الكهربائى فى العاشر من رمضان ، مشيرا إلى أن هذا المشروع أصبح جاهزا للتنفيذ والجانب الصينى أقر القرض بالفعل، وهناك مشروع تجديد جزء من شبكة الكهرباء المصرية وهذا أيضا جاهز للتنفيذ ، وهناك مشروع تخزين الطاقة فى جبل عتاقة وهذا المشروع قاربت الدراسات والمفاوضات حوله على الانتهاء وسوف يوقع عقد بشأنه، وكذا هناك مشروع ضخم ينقسم إلى مرحلتين وهو مشروع إنتاج الكهرباء من الفحم فى الحمراوين وسيتم توقيع اتفاقيتين بشأنه".
وتابع قائلا " هناك أيضا مشروع لمشاركة صينية فى بناء العاصمة الإدارية الجديدة لمصر والتفاوض لم ينته بعد حوله ولكنه وصل لمرحلة متقدمة وتوجد عدة اتفاقيات بشأنه ممكن ان توقع، الى جانب هذا فهناك اتفاقية او اثنتين بشأن مشاركة شركات صينية فى مشروع الصرف الصحى للقرى الاكثر احتياجا وهذا لم يصل لنهاية التفاوض ولكن وصل مرحلة متقدمة، وهناك كذلك المرحلة الثانية لمشروع الالياف الزجاجية فى المنطقة الاقتصادية الخاصة فى السويس وهذا استثمار صينى كامل بحوالى 200 مليون دولار وسيتم التوقيع على اتفاقية بشأنه فضلا عن العديد من المشروعات الاخرى.
وكشف السفير عن أنه سيكون هناك توقيع على اتفاقية قرض للبنك المركزى المصرى بمليار دولار لتعزيز الاحتياطى النقدى واتفاقية قرض للبنك الاهلى المصرى ب700 مليون دولار وهى عبارة عن خط ائتمانى لتمويل مشروعات قادمة وقرض بحوالى 100 مليون دولار لبنك مصر لتمويل مشروعات صغيرة ومتوسطة.
وقال " إنه توجد أيضا مشاريع فضائية ، إلى جانب اتفاقيتين سيتم توقيعهما حول العقد النهائى لإقامة مركز تجميع الأقمار الصناعية فى مصر وهو جاهز للتنفيذ بمنحة صينية كاملة واتفاق فنى بين البلدين حول المشاركة فى تصنيع القمر المصرى القادم "مصر-سات-2" وهذا أيضا بتمويل صينى".
وكشف السفير عن أنه سيتم توقيع اتفاقية هامة فى مجال التعليم العالى تم طرحها عندما التقى الرئيس السيسى برؤساء الجامعات الصينية فى عام 2014 وكان أحد مطالبه هو إعطاء الطلبة المصريين منح دراسية أكثر .. والاتفاقية ترتبط بزيادة المنح للدراسات العليا عن العدد الحالى وهو عشرين منحة سنويا حيث سيتم اضافة 100 منحة أخرى سنويا لمدة خمسة أعوام مما يعنى أنه سيكون هناك 500 منحة جديدة فى شتى المجالات العلمية .. والاتفاقية يمكن تجديدها فيما بعد بناء على رغبة الطرفين.
وأكد السفير أن مصر ساندت منذ البداية مبادرة الرئيس الصينى الخاصة بإعادة بناء طريق الحرير بهدف إقامة علاقات أوثق وافضل بين الدول الواقعة على هذا الطريق الهام ، مشيرا إلى أن هذه العلاقات تشمل مجالات مختلفة من سياسة واقتصاد واستثمار وتجارة وسياحة وثقافة، وأوضح أن مصر والصين بدءتا بالفعل برنامجا ثنائيا واسعا فى إطار هذه المبادرة.
وقال عامر" إن الجانب الصينى يعتبر المشروعات القادمة فى مصر جزءا من البرنامج الصينى الخاص بمشروعات القدرة الإنتاجية وهو البرنامج المعنى بتعزيز القدرات الصناعية والإنتاجية للدول على طريق الحرير والذى يعتمد على ما تتمتع به الصين من إمكانيات عالية فى مثل هذه المشروعات التى تقوم بتنفيذها مع عدد من الدول التى من ضمنها مصر".
وأضاف السفير المصرى " إنه سيتم خلال زيارة الرئيس الصينى لمصر الاحتفال رسميا بافتتاح العام الثقافى المصرى الصينى 2016 وهو الاحتفال الذى يعد مناسبة مهمة جدا لتشجيع السياحة الصينية لمصر خاصة بعد أن دشنت مصر خطوطا جديدة للطيران تربط بكين وشنغهاى بالغردقة، إضافة للرحلات المنتظمة الخاصة بشركة مصر للطيران بين مصر والصين.
واستطرد قائلا " هذا الاحتفال سيكون بمثابة إشارة البدء لإجراء العديد من الفعاليات الثقافية بين البلدين طوال العام" ، مشيرا إلى أن هذا الزخم الثقافى المرتقب لن يكون فقط خلال 2016 ولكن هناك خطة طموحة لضمان استمرارية التبادلات الثقافية لأعوام كثيرة قادمة ولهذا فقد تم إنشاء لجنة ثقافية مصرية صينية مشتركة برئاسة وزيرى الثقافة بالبلدين لإتاحة الفرصة لهما لأن يلتقيا على فترات منتظمة لوضع الأسس لتعاون طويل المدى ولوضع برنامجا زمنيا ممتدا للتبادلات الثقافية المصرية الصينية.
وأوضح أنه حتى وبعد نهاية هذا العام فإن الأنشطة الثقافية ستستمر بقوة.. ليس طبعا بنفس النشاط المكثف الذى من المخطط أن يتم خلال السنة الجارية ولكن على الأقل ستكون اكثر من المعتاد.. فمصر والصين لديهما تراث حضارى ضخم جدا وهما الأقدر من بين دول طريق الحرير على عرض هذا التراث وعلى التبادل الثقافى بشكل عام.
وأوضح عامر أن البرنامج الخاص بتنظيم فعاليات العام الثقافى المشترك تم الاتفاق بشأنه بين البلدين منذ فترة كما خصصت له ميزانية محددة من قبل الطرفين.
وحول إصدار الصين أول وثيقة من نوعها حول سياستها بشأن العالم العربى وانطباعه عنها والجديد الذى تحمله ، قال السفير عامر " إن الوثيقة الجديدة تتضمن شرحا لسياسة الصين تجاه المنطقة العربية .. وهى بالحقيقة سياسة ثابتة وطويلة الأمد.. فالصين كانت وما تزال مساندة للقضايا العربية كلها".
وأضاف " أما عن الجديد فى موضوع الوثيقة من وجهة نظره فهو أن الصين عبرت لأول مرة عن سياستها تجاه العالم العربى فى صورة مكتوبة وموثقة " ، ونوه السفير بما تضمنته الوثيقة من تركيز على موضوع تعزيز العلاقات وأيضا مكافحة الإرهاب ، واصفا هذا بأنه شئ مهم جدا وعنصر مختلف وجديد. وقال " إن توقيت إصدار الوثيقة كذلك كان هاما لأنها صدرت قبل جولة الرئيس الصينى مباشرة وهى جولة ستشمل دولتين عربيتين ولهذا فهى تعد نوعا من التأكيد على السياسة الصينية تجاه المنطقة وهى أيضا تعبير عن رغبة وتطلع لزيادة الدور السياسى الصينى تجاه قضايا المنطقة.
واستطرد عامر، فى حديثه عن هذا الأمر ، قائلا " فى الحقيقة الدور الصينى مطلوب ، فالصين دولة عظمى ودائمة العضوية فى مجلس الأمن كما أنها ثانى أكبر اقتصاد فى العالم ، وأيضا هى حاليا رئيسة مجموعة العشرين، لذا فهناك حاجة شديدة لدورها السياسى والاقتصادى والتنموى وكذا دورها فى مكافحة الإرهاب".
وحول إقامة مراسم الاحتفال الرسمية لافتتاح البنك الأسيوى لاستثمارات البنية التحتية فى بكين ومشاركة مصر بوصفها أحد الأعضاء المؤسسين بالبنك والدور الذى ستلعبه مصر داخل البنك ، قال السفير "إن مصر مشاركة بوفد ترأسه وزيرة التعاون الدولى وأمس عقد اول اجتماع لمجلس المحافظين لتدشين عمل البنك بشكل رسمى بعد أن وصل عدد الدول المصدقة عليه الى 30 دولة ومساهماتها وصلت حوالى 75 فى المائة من رأسمال البنك ، وأضاف " إنه وللأسف فإن مصر حتى اليوم لم تصدق على اتفاقية البنك ولكنها ليست وحدها التى لم تفعل هذا فهناك حوالى 25 دولة أخري مثلها...ونرجو أن تصدق مصر فى الفترة القادمة على تلك الاتفاقية لكى تأخذ مقعدها الكامل فى البنك لأن الدول التى صدقت هى العضو الكامل أم تلك التى لم تفعل فهى عضو غير كامل".
وقال عامر " إن هذا البنك بالرغم من أن اسمه هو البنك الأسيوى لاستثمارات البنية التحتية، إلا أنه يضم أعضاء من خارج آسيا، من أوروبا وأيضا من أفريقيا..فهناك مصر وجنوب أفريقيا وهناك أيضا البرازيل" ، وأشار الى أنه منذ البداية وحتى قبل بداية عمله فإن رئاسة البنك كانت أبدت اهتماما كبيرا بالاستثمار فى مصر خاصة فيما يخص المشروعات التى تتعلق بالربط بين آسيا وأفريقيا وذلك تقديرا لما تتمتع به مصر من موقع جغرافى فريد من نوعه بوصفها همزة الوصل بين القارتين.
وأضاف " إنه يعتقد أن مشروعات منطقة قناة السويس بالذات ستكون مكانا من الأماكن الهامة التى سيكون البنك مستعدا للاستثمار فيها" ، وقال " إن مصر بعد التصديق على الاتفاقية سيكون لها أولا دور مهم فى البنك ، وثانيا ستكون من الدول المستقبلة لاستثمارات البنك".
ووفقا للسفير عامر فإن هذا البنك الضخم ، ستزداد أهميته أكثر وأكثر فى الفترة القادمة خاصة وأن هناك خطة مستقبلية لزيادة عدد الأعضاء به لأن هناك بالفعل حاليا 30 دولة أخرى تريد أن تنضم إليه وبالتالى فإن حجم البنك وحجم رأسماله سيزدادان.
ويتوقع عامر أن يصل حجم البنك فى عدة سنوات إلى حجم صندوق النقد الدولى أو البنك الدولى ، مشيرا إلي أن أهمية مستمدة من أنه يركز على البنية التحتية التى هى المفتاح للتنمية.
وعبر السفير عن اعتقاده بأن مصر ستكون مرشحة بقوة لاستقبال استثمارات كبيرة من البنك وبالذات فى منطقة محور قناة السويس التى ستحتاج الى تمويل مشروعات البنية التحتية الخاصة بها لتستطيع أن تخدم آسيا وأفريقيا وتخدم مشروعات العالم كله بما ستقوم به من زيادة الربط بين القارتين.
أرسل تعليقك