تحت أشعة الشمس الحارة، كانت "مروة" الأم لـ7 أبناء، تسير شاردة في ميدان عبد المنعم رياض بالتحرير وهي تبحث عن أرخص مواصلة بديلة للمترو، الذي زادت سعر تذكرته، لكي تقلها إلى منزل والدتها في السيدة زينب، قائلة "رايحة لأمي أخد منها 50 جنيهًا عشان أجيب حتة فرخة للعيال في رمضان"، في نفس الوقت تتخوف صاحبة الـ37 عام من رفع سائقي الميكروباصات أسعار التعريفة أسوة بقرار ليلة الخميس.
وبدأ، صباح اليوم الجمعة، تطبيق قرار زيادة أسعار تذاكر المترو بحسب عدد المحطات والمناطق، حيث تم تقسيم المحطات إلى 3 مناطق. وشمل الحد الأدنى لتذكرة المترو 3 جنيهات للمنطقة الأولى والمحددة من "محطة إلى 9 محطات"، و5 جنيهات للمنطقتين بمجموع "16 محطة"، و7 جنيهات للثلاث مناطق والتي تبدأ من "16 محطة فيما فوق".
"مروة" تبحث عن "أرخص مواصلة" بديلة للمترو للذهاب لوالدتها
تقول "مروة"، التي تعمل في مصنع للملابس بمنطقة جسر السويس، إنها للمرة الأولى لن تستقل المترو من محطة التحرير القريبة من الميدان الشهير بعد علمها بالقرار، وستبحث عن أتوبيس النقل العام الأحمر الذي تبلغ قيمة تذكرته جنيه ونصف، فهي لا تقوى على تحمل فارق جنيهان في ثمن التذكرة لعدد 3 محطات ذهابًا وإيابًا "من ساعة ما عرفت وأنا على آخري، ده أنا في عرض كل قرش".
وداخل الميكروباص الذي استقلته السيدة الثلاثينية من شقتها بجسر السويس ودفعت تعريفة قيمتها جنيهان ونصف، كانت الأحاديث الغاضبة تدور بين الركاب حوال القرار، فالتقط السائق أطراف الحديث معلنًا أنه يفكر في رفع تعريفته "قال هغلي الأُجرة أنا كمان اشمعنا المترو"، تمسح قطرات العرق التي تتصبب من جبينها وتقول "بكرة تلاقي بتوع الميكروباصات هيغلوا".
ولا يستبعد "مرتضى" سائق الميكروباص الذي يعمل على خط (المؤسسة - التحرير) أن يستغل بعض السائقين القرار ويرفعوا تعريفتهم "لأن الميكروباص مش هيلاحق، والناس هتسيب المترو وتتزاحم على العربيات عشان أوفر"، بينما يؤكد أنه لن يزيد أجرته التي تبلغ قيمتها جنيه و75 قرش إلا مع زيادة سعر البنزين.
ويرى السائق الستيني، أن المواطنين هم المسؤولين عن استغلال السائقين لهم وذلك باستجابتهم لجشع بعضهم برفع تعريفته "الناس هي اللي بتشجع السواق"، وينصحهم بإبلاغ مسؤولوا السرفيس أو أفراد الشرطة إذا استغلهم أي سائق "لازم الزبون يُربط على الأجرة بتاعته وميرضاش حد يستغله".
وزيادة للضعف، سيتكبدها "نبيل" الذي يعمل محاميًا، بعد القرار للوصول إلى مكان عمله في محكمة مصر الجديدة. يقول وهو يجلس على سور رصيف بالميدان، إنه كان يدفع 10 جنيهات يوميًا ذهابًا وإيابًا "جنيهان ثمن تذكرة المترو من منزله بفيصل حتى محطة الأهرام، و3 جنيهات أجرة الميكروباص لمقر المحكمة"، بينما سيضطر لشراء التذكرة فئة 7 جنيهات لتخطي مشواره 9 محطات.
وبعد الزيادة، اتخذ "نبيل" قراره بالعدول عن استقلال المترو إلا في المشوار الذي يقل عن 7 محطات. يقول إنه بحسبة بسيطة وجد الميكروباص هو الأوفر بالنسبة له، بينما يختلج القلق نفسه من رفع سائقي المركبات تعريفتهم "متأكد إن سواق الميكروباص هيزود الأجرة، هيقولك أستغل الفرصة أنا كمان" وأنه سيكون مضطراً للخضوع إلى جشع بعض السائقين "غصب عني لأن لو السواق زود عليا نص جنيه هيبقى أوفر ليا من المترو وهوفر 4 جنيه بحالهم"
ويقول الشاب صاحب الـ30 ربيعًا، إنه يفكر جديًا في زيادة أتعاب المحاماة التي يتقاضاها من موكليه "مش بمزاجي، لو مزودتش أتعابي مش هقدر أعيش"، يصمت قليلاً ويضيف أنه متعاطف مع زبائنه الذين سيصدمهم قراره هو الآخر "عارف إن ظروفهم صعبة، هما برضو هيجيبوا منين".
وعلى الرغم من عدم استخدام "أبو إسلام" 53 عامًا للمترو، إلا أنه يحبس أنفاسه منذ علمه، صباح اليوم الجمعة، بقرار رفع سعر تذكرته "خايف سواقين الميكروباص يغلوا الأجرة هما كمان"، فالرجل صاحب الأبناء الـ7، يدفع قرابة 15 جنيهاً يومياً ذهاباً وإياباً إلى وظيفتين يعمل بهما في الوقت الذي لا يتخطى راتبه منهما 2500 جنيه.
7 جنيهات يدفعها "أبو إسلام" للوصول من بيته في الوراق إلى عمله في مبنى ماسبيرو بالتحرير، ما بين توكتوك و2 ميكروباص، بعدها يتحرك في الخامسة عصراً ليلحق عمله كفرد أمن بشركة في الدقي وبعدها يعود إلى منزله مع منتصف الليل.
أرسل تعليقك