القاهرة - مصر اليوم
تحيي منظمة الصحة العالمية يوم 25 أبريل الحالى يوم الملاريا العالمي 2015 تحت شعار" استثمروا في المستقبل .. واهزموا الملاريا" ، وتدعو ن خلاله الى قطع التزام رفيع المستوى بشأن تكوين رؤية عن عالم خال من الملاريا.
ويشير تقرير منظمة الصحة العالمية الى انخفاض عدد ضحايا مرض الملاريا بنسبة 47 % خلال الفترة ما بين عامي 2000 - 2013 في العالم أجمع ، وبنسبة 54 % في أفريقيا ، مما يعكس الأهداف والغايات الطموحة المبينة في مسودة استراتيجية ما بعد عام 2015 ، والتى تهدف الاستراتيجية الجديدة إلى تقليل حالات الملاريا والوفيات الناجمة عنها بنسبة 90% بحلول عام 2030 عن مستوياتها الحالية ، بعد أن تم الإعلان في العقد الماضي على خلو أربعة بلدان من الملاريا، وتحدد استراتيجية ما بعد عام 2015 هدف القضاء على هذا المرض في 35 بلداً آخر بحلول عام 2030.
وكانت جمعية الصحة العالمية قد أقرت في دورتها ال 60 في مايو عام 2007 ، إلي اعتماد يوم 25 أبريل للاحتفال بيوم الملاريا العالمي ، وهو يهدف إلي فهم الملاريا ونشر المعلومات حول تنفيذ لاستراتيجيات مكافحة الملاريا الوطنية، بما في ذلك الأنشطة المجتمعية للوقاية من وعلاج الملاريا في المناطق الموبوءة .
الملاريا هي مرض معد يتسبب في حدوث كائن طفيلي يسمى ( البلازموديوم المتصورة) ، ينتقل عن طريق البعوض ويتسلل هذا الطفيلي داخل كريات الدم الحمراء في جسم الإنسان فيدمرها ، ويترافق ذلك مع مجموعة من الأعراض أهمها الحمى ، فقر الدم ، وتضخم الطحال. وينتشر هذا المرض في بلدان العالم الثالث وينتقل إلى الأطفال عبر أكثر من طريقة أهمها البعوض الذي يكثر بعد هطول الأمطار وخاصة في المناطق التي لا يوجد فيها تصريف صحي لمياه الأمطار والمجاري ، والملاريا مرض خطير وقد يؤدى إلى الوفاة أو مضاعفات كثيرة إن لم يتم علاجه ، وعندما تلدغ البعوضة شخصاً مصاب بالملاريا فإنها تمتص كمية معينة من دمه حيث يصل الطفيل الموجود في دم المريض إلى معدة البعوضة ، حيث يتكاثر هناك ومن ثم ينتقل إلى غدد لعابها وعندما تلدغ هذه البعوضة شخصاً آخر غير مصاب بالمرض فإنها تنقل الطفيل من غدة لعابها إلى دم الشخص الذي لدغته ، حيث يصل الطفيل إلى كبد الشخص المصاب ويتكاثر هناك ، بعد مدة من الزمن يعود الطفيل من الكبد إلى الدم ويدخل إلى خلايا الدم الحمراء فيقوم بعملية التكاثر فيها ويدمرها ، وفي بعض الحالات نجد أن الطفيل يظل في حالة خمون وعدم نشاط في الكبد لفترة طويلة من الزمن ثم ينشط ويسبب انتكاسة.
وتختلف فترة الحضانة ما بين دخول الطفيلي إلى جسم المريض وظهور أعراض المرض بحسب نوع الطفيلي وفي اغلب الحالات يتراوح بين 7 إلى 30 يوما ، وعدوى الملاريا عموما تتميز بالعلامات والأعراض التالية : حمي متوسطة أو حادة ؛ أرتفاع درجة الحرارة ؛ عرق غزير بعد انخفاض درجة الحرارة ؛ الشعور العام بالتعب وعدم الارتياح. وهنالك أعراض وعلامات أخرى وتشمل : صداع ؛ غثيان وقيء ؛ الأسهال. وتمر الحمى بثلاث مراحل ، الارتعاش ثم ارتفاع في درجة الحرارة والتي قد تصل إلى 40م ، ثم عرق مصحوب بانخفاض في درجة الحرارة ، وتتكرر الدورة كلما حدث تكسر لخلايا الدم الأحمر بفعل طفيل الملاريا. والإصابة بالملاريا في كثير من الأحيان في البداية يبدو وكأنه يشبه الأنفلونزا أو بعض الأمراض الفيروسية الأخرى، ويجب التنبه إذا ظهرت أعراض المرض مصحوب بارتفاع بدرجة الحرارة وخاصة إذا كانت هناك إقامه في المناطق التي ينتشر بها الوباء لذلك يجب الرجوع إلي الطبيب .
ومسببات الملاريا تصل الى حوالي 170 نوعا من المتصورات، ولكن 4 فقط يسبب الملاريا في البشر وهما : المتصورة المنجلية ، وهذا النوع السائد في أفريقيا، وهو أكثر الأعراض شدة، وهي مسئولة عن معظم الوفيات الناجمة عن الملاريا ، والمتصورة النشيطة ، وهذا النوع وجدت معظمها في أسيا، ويسبب أعراض أقل في الحدة ولكن الطفيلي يبقى في الكبد ويسبب انتكاسات لمدة تصل إلى 4 سنوات ، والمتصورة الملاريية ، وهذا النوع وجدت في أفريقيا، ويمكن أن يسبب أعراض الملاريا النمطية، ولكن في حالات نادرة من الممكن ان يبقى الطفيل في مجرى الدم لسنوات بدون ظهور أي أعراض، في هذه الحالات من الممكن أن ينقل الشخص الحامل للطفيل العدى إلى أخر سليم إذا قامت البعوضة بلدغه ثم لدغ الشخص السليم ، وخيرا المتصورة البيضوية ، ويتواجد هذا النوع ومعظمها في غرب أفريقيا، على الرغم من ندرته إلا أنه يبقى في الكبد ويسبب انتكاسات لمدة تصل إلى 4 سنوات.
كما توجد وسائل أخرى لنقل المرض عن طريق المرأة الحامل يمكن أن تنقل المرض لطفلها في الرحم ؛ كذلك ينتقل المرض عن طريق نقل الدم ؛ التواجد في المناطق التي تكون فيها الملاريا وباء . ويمنع الأشخاص الذين سبق لهم التواجد في المناطق الموبوءة بالملاريا أو المقيمون أقامه دائمة في تلك المناطق أو الذين سبق أن تلقوا علاجا لمرض الملاريا من التبرع بالدم لمدة سنة بعد عودتهم أو انتقالهم من تلك المناطق أو التوقف عن آخذ الدواء.
ومعظم المضاعفات الخطيرة للملاريا ترتبط بعدوى الطفيلي المتصورة المنجلية ، ومن بين المضاعفات التي قد تحدث : فقر الدم ،ويمكن أن ينتج بسبب تدمير واسع النطاق في خلايا الدم الحمراء ؛ الملاريا الدماغية ، إذا قامت خلايا الدم المليئة بالطفيليات بسد الأوعية الدموية الصغيرة في الدماغ ، ثم يحدث تورم في الدماغ وضمور لخلاياه. ومن المضاعفات الأخرى المحتملة ، اضطرابات في التنفس وأحيانا تكون حادة بسبب تراكم السوائل في الرئتين ؛ الجفاف ؛ فشل الكبد ؛ الفشل الكلوي ؛ تضخم الطحال. وإذا لم يتم علاج الملاريا المنجلية تكون قاتلة في غضون بضع ساعات.
وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية لعام 2014 إلى أن عدد السكان المعرضين لخطر الإصابة بالملاريا حول العالم يبلغ 3.2 مليار شخص أي نصف سكان العالم في 97 دولة ، منهم 1.2 مليار شخص هم في خطر كبير . وتشير المنظمة إلى أنه في عام 2013 انخفض عدد الإصابات مقارنة بالسنة السابقة من 207 ملايين إلى 198 مليون اصابة، كما انخفض عدد الوفيات أيضا حيث بلغت عدد الوفيات قرابة 584 ألف وفاة بسبب الملاريا، وأن 90 % من جميع الوفيات الناجمة عن الملاريا تحدث في أفريقيا جنوب الصحراء الكبري ، 80 % من الوفيات الناجمة عن الملاريا تقدر تحدث في 18 بلدا الأكثر تضررا ، وحوالي 40٪ من وفيات الملاريا تحدث في البلدان اثنين فقط: نيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية . وأن 78 % من الوفيات تحدث في الأطفال دون سن الخامسة وخاصة في البلدان التي يتفشى فيها وباء "ايبولا"، حيث لا تمر دقيقة واحدة إلا وتشهد وفاة طفل جراء الملاريا.
وتعلل المنظمة أن انخفاض عدد الوفيات يعود إلي استخدام الناس الناموسية التي تحميهم من البعوض ، إضافة الى توفر أجهزة ومعدات تشخيص المرض وكذلك الأدوية والعقاقير اللازمة للعلاج. وتقول مارغريت جان، المديرة العامة للمنظمة "يمكننا التغلب على الملاريا، لأننا نملك الوسائل اللازمة. ولكن علينا ايصال هذه الوسائل الى أكبر مجموعة من الناس، إذا كنا نريد أن يكون انتصارنا جذريا".
وأشار تقرير منظمة الصحة العالمية إلي انتشار الملاريا في إقليم شرق المتوسط حيث تسود المتصورة المنجلية في شمال إفريقيا. وفي المملكة العربية السعودية، واليمن والدول جنوب الصحراء الكبرى للإقليم (جيبوتي، الصومال، السودان، وجنوب السودان) . في حين تسري المتصورة المنجلية والنشيطة في الدول المتوطنة الأخرى، وخاصة أفغانستان، جمهورية إيران الإسلامية وباكستان . ولا تزال الملاريا تمثل تحدياً كبيراً في إقليم شرق المتوسط ، فأكثر من 50 % من سكان الإقليم يعيشون في مناطق معرضة لخطر الإصابة بهذا المرض. وبناء على تقديرات عام 2010، تأثر حوالي 10.4 مليون شخص بالملاريا، ويتوفي سنوياً 15 ألف شخص في الإقليم جراء الإصابة بالملاريا .
كما أشار التقرير إلي ظاهرة مقاومة الأدوية المضادة للملاريا من المشكلات المتكررة. وأصبحت مقاومة المتصورة المنجلية لأجيال الأدوي السابقة، مثل الكلوروكين والسلفادوكسين- البيريميثامين، منتشرة على نطاق واسع في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، مما أسهم في تقويض جهود المكافحة وعكس المكاسب التي تحققت في مجال بقيا الأطفال. وقد أبلغ عن مقاومة الطفيلي لأدوية الآرتيميسينين على الحدود بين كمبوديا وتايلند في عام 2009، وأبلغ عنها بعد ذلك في ميانمار وفيتنام. وعلى الرغم من احتمال وجود الكثير من العوامل التي تسهم في ظهور المقاومة وانتشارها، فإن البعض يرى أن استخدام الأدوية التي لا تحتوي إلا على الآرتيميسينين كمعالجة أحادية من العوامل الرئيسية في هذا الصدد. وقد يميل المرضى، عندما يعالجون بالأدوية التي لا تحتوي إلا على مادة الآرتيميسينين، إلى وقف العلاج مبكراً عقب تلاشي أعراض المرض بسرعة. وتؤدي تلك الممارسة إلى عدم اكتمال العلاج واستحكام الطفيليات في دم المرضى. وتتمكن تلك الطفيليات المقاومة، إذا لم يعط دواء ثان في إطار معالجة توليفية (كما يتم في إطار المعالجة التوليفية القائمة على الآرتيميسينين ( من البقاء والانتقال إلى بعوضة ومنها إلى شخص آخر. وإذا تطورت مقاومة حيال المعالجات القائمة على الآرتيميسينين وانتقلت للانتشار في مناطق جغرافية كبيرة أخرى، فإن العواقب الصحية العمومية قد تكون وخيمة، ذلك أنه لا توجد أية أدوية بديلة يمكن إتاحتها في السنوات الخمس المقبلة على الأقل لمكافحة هذا المرض.
وتوصي منظمة الصحة العالمية برصد مقاومة الأدوية المضادة للملاريا بشكل روتيني، كما أنها تدعم البلدان لتمكينها من تعزيز جهودها في هذا المجال الهام من مجالات العمل. وتتضمن الخطة العالمية لاحتواء مقاومة الآرتيميسينين، التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية في عام 2011، توصيات أشمل في هذا الخصوص.
وتمثل مكافحة النواقل الأسلوب الرئيسي للحد من سريان الملاريا على الصعيد المجتمعي. وهي تمثل التدخل الوحيد الكفيل بخفض سريان المرض من مستويات عالية للغاية إلى مستويات قريبة من الصفر. أما بالنسبة للأفراد ، فإن الحماية الشخصية من لدغات البعوض تمثل خط الدفاع الأول للوقاية من المرض. وهناك تدخلان رئيسيان لمكافحة النواقل يضمنان فعالية في طائفة متنوعة من الظروف، وهما: الناموسيات المعالجة بمبيدات الحشرات ، حيث تعد الناموسيات المعالجة بمبيدات الحشرات المديدة المفعول الشكل المفضل من ضمن الناموسيات المعالجة بمبيدات الحشرات التي يتم توزيعها في إطار برامج الصحة العمومية ذات الصلة ، وتوصي منظمة الصحة العالمية بضمان تغطية شاملة لجميع الأشخاص المعرضين للخطر، وفي معظم الأماكن. وأكثر الأساليب مردودية لتحقيق ذلك هو توفير الناموسيات المعالجة بمبيدات الحشرات المديدة المفعول حتى يتمكّن كل شخص من النوم، كل ليلة ، تحت واحدة منها.
ويمكن أيضاً استخدام الأدوية للوقاية من الملاريا. فبإمكان المسافرين وقاية أنفسهم من هذا المرض عن طريق الوقاية الكيميائية، التي تزيل المرحلة الدموية لعدوى الملاريا وتمكن بالتالي من توقي الإصابة بالمرض. وبالإضافة إلى ذلك توصي منظمة الصحة العالمية بتوفير العلاج الوقائي المتقطع القائم على مادة السلفاديوكسين - بيريميثامين للحوامل اللائي يعشن في المناطق التي يشتد فيها سريان الملاريا، وذلك في الأشهر الثلاثة الثانية والثالثة من الحمل. كما توصي بإعطاء ثلاث جرعات من ذلك العلاج للرضع الذين يعيشون في المناطق الأفريقية التي يشتد فيها سريان هذا المرض . والحرص في الوقت ذاته على تطعيمهم باللقاحات الروتينية اللازمة. وفي عام 2012، توصي المنظمة بتنفيذ الوقاية الكيميائية الموسمية من الملاريا بوصفها استراتيجية إضافية لمكافحة هذا المرض في مناطق شبه إقليم الساحل بأفريقيا. وتشمل الاستراتيجية إعطاء مقررات شهرية من الأمودياكين زائد السلفاديوكسين - بيريميثامين لجميع الأطفال دون سن الخامسة خلال الموسم الذي يشتد فيه سريان المرض.
أرسل تعليقك