القاهرة - مصر اليوم
الكبد ليست كالطحال الذي يمكن أن يعيش الإنسان بدونه. فالكبد مركز حيوي، لا تستمر حياة الانسان بدونه البتة، ولم يستطع الإنسان حتى وقتنا هذا اختراع جهاز أو مكينة أو كبد صناعية بديلا للكبد الطبيعي كما هو الحال في القلب والكلية الصناعيين. وعند توقف الكبد عن العمل أو ما يعرف طبياً بالفشل الكبدي فإنه لابد من القيام بعملية زراعة للكبد والتي هي عبارة عن عملية جراحية لنقل جزء من كبد إنسان سليم او متوفى (حديث الوفاة) لمريض الفشل الكبدي. فلقد تمت أول عملية زراعة كبد ناجحة على يد الدكتور توماس ستارزل بولاية دينفر الأميركية في عام 1967م. قبل هذه العملية وفي البداية، كانت نتائج العمليات السابقة سيئة جدا، حيث إن عددا قليلا من المرضى نجوا في السنة الأولى. ومع ذلك، فإن التقدم في الخبرة الجراحية، وفي اختيار المتبرعين والمتلقين، وفي العناية الطبية والتخدير، وفي الادوية الجديدة في مكافحة العدوى ومنع وعلاج الرفض قد جعل النتائج حاليا أفضل كثيرا من السابق، بحيث عاد الكثير من المرضى إلى حياتهم الطبيعية بنفس جودتها وطولها تقريبا. لا أريد أن أفصل في موضوع الزراعة أكثر فهو ليس مجال الحديث هنا وسأعود للموضوع الأساسي وهو الرضوض والكدمات التي قد تصيب الكبد جراء الشجار والتعارك أو حوادث الطرق.
يعمد الأطباء الى التفريق بين أنواع إصابات الكبد، من إصابات رضحية كليلة ومغلقة الى إصابات رضحية نافذة ومفتوحة، والتي هي نتيجة إصابة الكبد بضربة قوية في تجويف البطن، يسببها مقود السيارة أو الدراجة عند حادثة سير مثلا. تكمن أهمية الإصابات الرضحية الكليلة والمغلقة أن المريض ينزف دون أن تظهر علامات تشخيصية مبكرة عليه داخلية أو خارجية إلا بعد فوات الآوان مما قد يؤدي الى الوفاة. والى زمن ليس بالبعيد كانت مثل هذه الإصابات من الأسباب الرئيسية لفتح بطن المريض دون أي فائدة تذكر بل وبما قد يأتي سلبا على استقرار حالة المريض وسرعة شفائه وذلك لعدم وجود أداة تشخيصية مناسبة للتشخيص المبكر، الى أن تم ابتكار التصوير الطبقي المحوسب أو ما يعرف بالسيتي سكان والذي يستطيع الأطباء المباشرين للحالة معرفة مدى الإصابة الداخلية وعمق جروح الكبد الداخلية بشكل جيد مما قد يغني عن التدخل الجراحي. ويدل الجراح لأولوية وضرورة التدخل الجراحي المبكر في حالات الأضرار الكبيرة والتي ينزف فيها الدم داخل التجويف البطني نتيجة تمزق الكبد. نفس الشيء ينطبق على الإصابات النافذة المفتوحة والتي تكون مثلا بسبب الإصابة بسكين أو آلة حادة.
يعتبر تمزق الكبد من المضاعفات الخطيرة في حالات إصابة الكبد الرضحية. فحسب حجم التمزق قد تتدفق كمية كبيرة من الدم خلال مدة وجيزة جدا، يجعل من العملية الفورية من أجل إيقاف النزيف أمرا ضروريا جداً. قد يحتاج المصاب لعملية واحدة فقط في حالة وجود تمزقات صغيرة والتي يمكن سدها بخياطتها وربط الأوردة والشرايين المتمزقة. يبقى المريض بعدها لعدة أيام في المستشفى. وعند الخروج يُطلب من المريض العودة للنشاط العادي بأسرع ما يمكن، لمنع حدوث اكتئاب بعد الجراحة مع تحاشي التمرينات العنيفة لمدة 6 أسابيع بعد الجراحة وتناول غذاء متوازن يحتوي على كميات كبيرة من البروتينات أثناء الاستشفاء مع زيادة الألياف والسوائل لمنع حدوث امساك
أما في حالات التمزقات الكبيرة فقد يحتاج المصاب الى عدة عمليات إن كتب الله له السلامة بعد العملية الأولى. ففي البداية يقوم الجراحون بحشو اماكن التمزق بفوط جراحية لوقف النزيف وتثبيت حالة الكبد، كما يتم تضييق الأوعية الكبيرة للتخفيف من تدفق الدم النازف. يعود الجراح بعد العملية الأولى بأربع وعشرين ساعة لبطن المريض وذلك للتأكد من توقف النزيف وإخراج الفوط الجراحية التي تركها في العملية الأولى وللبحث عن أية إصابات أخرى لم يتم الكشف عنها في العملية الأولى. عافى الله الجميع ولا تنسَ أخي القارئ أن تتوخى الحذر.
الكبد هي مركز التحكم
تمزق الكبد من المضاعفات الخطيرة
المريض قد ينزف دون أن تظهر علامات تشخيصية مبكرة عليه داخلية أو خارجية
وقد يحتاج لتدخل جراحي
أرسل تعليقك