تفجَّرت أزمة رياضية خانقة في السودان أطاحت بالموسم الكروي للعام الحالي 2016 عقب إنسحاب فريق "المريخ" السوداني من مباراة القمة مع نده التقليدي "الهلال" في ختام بطولة "سوداني للدوري الممتاز". وشهد يوم أمس الثلاثاء أحداثًا ساخنة "خارج الملعب" في وقت كانت جماهير الكرة السودانية تنتظر "داخل الملعب" وتتسمر أمام شاشات التلفاز إنتظاراً لمبارة قمة الكرة السودانية التي انسحب منها المريخ وتم في ختامها تتويج الهلال رغم غياب "الأحمر" الذي لم يحضر إلى ملعب المباراة أصلاً. ومن ثم أطلق حكم المباراة الصافرة بتتويج الهلال باللقب بعد مرور ربع ساعة من زمن اللقاء الرسمي.
وكانت قضية لاعب الهلال"شيبوب" بمثابة القشة التي قصمت ظهر الموسم الكروي، حيث دفع فريق المريخ بشكوى للإتحاد العام لكرة القدم بشأن مشاركة "شيبوب"مع الهلال في مباراته السابقه مع "المريخ" إلا أن الإتحاد لم يبت في الشكوى حتى المباراة الاخيرة لنهاية الموسم بين فريقي القمة مادفع "المريخ" للإنسحاب من المباراة الختامية والشروع في تحريك إجراءات لـ "الفيفا" بشأن قضيته ضد لاعب الهلال وتلكؤ الإتحاد السوداني لكرة القدم في حسمها حتى نهاية الموسم، ما أثر على نزاهة المنافسة وحسم النقاط.
ورصد "العرب اليوم" تفاصيل ماحدث بشأن قضية الموسم الكروي في السودان الذي إنتهى بصورة غير متوقعة لكثير من المراقبين، حيث تصاعدت الأزمة أثناء الاجتماع الفني الذي سبق مباراة القمة "المريخ والهلال" في مكاتب الاتحاد السوداني لكرة القدم بقاعة "إستاد الخرطوم" ملعب المباراة. وبعد الترحيب والحديث عن الزي والإجراءات التنظيمية في دخول الفريقين والجماهير، طالب نائب سكرتير المريخ متوكل أحمد علي، ونائب رئيس القطاع الرياضي في "المريخ" حاتم عبدالغفار إستلام البرنامج الكامل للمباراة، ما قبل وما بعد المبارة، في إشارة الى رفض التتويج للهلال بعد نهاية المباراة، الا أن الأمين العام لإتحاد كرة القدم السوداني الدكتور، حسن أبوجبل وأمين مال الاتحاد المحلي للكرة عبدالعزيز نصرالدين رفضا تمليك مندوبي فريق المريخ تفاصيل ما قبل ومابعد المباراة بحجة أن الامر ليس من صميم إختصاصاتهما وأنهما مكلفان بإدارة الاجتماع الفني في النواحي التنظيمية للمباراة فقط، أوضح ثنائي المريخ أن هناك طلب فحص بطرف الاتحاد السوداني للكرة موجه إلى لجنة الاستئنافات، وشددا على أن القانون ينص على إستلام الرد على الشكوى المقدمه قبل 36 ساعة من زمن بداية المباراة، ونوها إلى أن ذات المادة في القانون الرياضي تمنع إعتماد نتائج المنافسة طالما أن هنالك شكوى لم يتم البت فيها.
وأكد نائب سكرتير المريخ بأنه حال كسبهم نتيجة الفحص سيكون لديهم فرصة الفوز باللقب إذا أنتصروا في المبارة المقررة ضد الند التقليدي؛ إذ أن الهلال في رصيده (84) نقطة، والمريخ (77) نقطة ومن بعد إضافة الثلاثة نقاط للمريخ وخصمها من الهلال بموجب الشكوي يصبح سجل الهلال (81) نقطة والمريخ (80) وفي حال إنتصارهم يصل مجموع النقاط "83" نقطة ليتوج الفريق بالدوري، لذا أشترطوا إستلام برنامج المباراة كاملاً، وإلا فإنهم لن يؤدوا اللقاء..
ولكن لم تصدر ردة فعل آنية من إتحاد الكرة عقب الاجتماع الفني وظل الجميع في الانتظار حتى إنتهاء ساعات نهار أمس "الثلاثاء" بأكملها، وفي منحى آخر قام الاتحاد المحلي للكرة بفتح أبواب استاد الخرطوم للجماهير "ملعب المباراة" منذ الساعة الثالثة عصراً ومن ثم بدأ التوافد الكبير لأنصار الفريقين رغم الحديث الرائج في وسائل التواصل الاجتماعي بعدم حضور المريخ إلى الملعب.
وفي سياق مُتصل أشعل الموقع الرسمي لنادي الهلال فتيل الأزمة فعلياً عندما أورد تصريحاً على لسان رئيس مجلس إدارة النادي أكد من خلاله أنه تلقى مكالمة هاتفية من أمين مال الاتحاد السوداني للكرة أسامة عطا المنان أكد له أن تتويج الهلال قائم بعد نهاية المباراة بأية حال مهما كانت نتيجة المباراة، وعقب هذه التصريحات بلغ التصعيد مداه في مسرح الأزمة الرياضية.
وبالمقابل أتت ردة الفعل من "القلعة الحمراء" على عدم رد الاتحاد السوداني للكرة على شكوى المريخ، وتصريح رئيس نادي الهلال الذي نقل توجه الإتحاد بأنه تم الاعلان عن إنسحاب فريق المريخ من الحضور إلى الملعب مبرراً القرار بالحفاظ على سلامة الجماهير من الاحتقان وتباطؤ الاتحاد في الرد على طلب الفحص المقدم له والذي كان يمكن أن يؤثر على سير المنافسة.
أما في إستاد الخرطوم فقد أشعلت جماهير المريخ المدرجات الجنوبية للاستاد بالتشجيع المدوي رغم غياب فريقها. وكانت أعداد كبيرة منها تتوقع حضور الفريق في أي وقت إلى أن أعلن الحكم صافرة البداية للمباراة في غياب المريخ، حيث قامت من بعدها الجماهير الحمراء بإجلاء شيخ الاستادات من تلقاء نفسها.
وبالمقابل إنتظمت المدرجات الشمالية لاستاد الخرطوم بإحتفالات الجماهير الهلالية بتتويج فريقها باللقب وتفاعلت بشدة مع صافرة ختام المباراة بعد مرور القيد الزمني، وهتفت الجماهير بشدة لرئيس نادي الهلال أشرف الكاردينال مثمنةً إنتصاراته الإدارية، وعطاءه الكبير للنادي الأزرق.
وبرر الإتحاد العام لكرة القدم السوداني في تصريحات صحافية اليوم "الاربعاء" على لسان أمينه العام الدكتور حسن أبوجبل عدم البت في شكوى المريخ نتيجة لتواجد رئيس الإتحاد وسكرتيره في الغابون، بالاضافة إلى سفر أمين المال خارج البلاد. وقال إن هذه الظروف لم تمكنهم من إتخاذ اي قرار في الاتحاد مباشرةً بعد أحداث الاجتماع الفني، واشار إلى أنه تسلم الرد على طلب فحص نادي المريخ في تمام الساعة (6:17) من مساء الأمس "الثلاثاء" أي قبل موعد المباراة بساعتين فقط، وأكد انه قام مباشره بصياغة الرد و إبتعاثه إلى المكتب التنفيذي لنادي المريخ. وأضاف أن مندوب الاتحاد وجد المكتب التنفيذي للمريخ مغلقاً ، واكد أن مندوب الإتحاد ذهب بالرد الى استاد الخرطوم حيث يتواجد سكرتير لجنة تسيير نادي المريخ، وقال إنه رفض إستلام الخطاب قبل زمن المبارة بساعة واحدة بحجة أنه وبحسب القانون يجب تسليمة قبل "36"ساعة، وبرر أبوجبل أن الاجراء الطبيعي كان لابد أن يتم تتويج الهلال من خلال تقارير اللجان وإعتماد قراراتها.
وفي خاتمة مطاف سيناريو ليلة الأمس نامت الخرطوم هادئه نسبياً رغم الأفراح الزرقاء، في إنتظار ما ستسفر عنه شكوى المريخ الذي قرر رفعها إلى الفيفا.
أرسل تعليقك