خرج لاعبو نادي غريميو وفريق التدريب من النفق إلى داخل أرض الاستاد الخالي مرتدين أقنعة طبية، صباح يوم أحد في ولاية ريو غراندي دو سول الجنوبية في البرازيل، اعتراضا على اضطرارهم لخوض مباراتهم، في إطار بطولة الدوري الممتاز بالولاية أمام ساو لويز، رغم تفشّي وباء «كورونا»، وفي الوقت الذي أوقفت فيه كثير من الدول جميع النشاطات الرياضية، تحركت كرة القدم البرازيلية بخطوات متثاقلة وغير متسقة في ردود أفعالها حيال الوباء.
وأعلن الاتحاد البرازيلي لكرة القدم إيقاف جميع المباريات حتى إشعار آخر، رغم أنه كان يفضل إقامة المباريات من دون جمهور، لكن استمرار تزايد المخاوف من فيروس كورونا المستجد دفعه إلى اتخاذ قرار التعليق ليحذو حذو البطولات الأوروبية الخمس الكبرى والاتحاد الأوروبي للعبة ولائحة طويلة من الاتحادات التي اضطرت إلى إيقاف بطولاتها، لكن الاتحاد البرازيلي أشار إلى أن الأمر يعود للاتحادات المحلية لتحديد ما إذا كانت ستعلّق منافسات بطولات الولايات الجارية حالياً.
وقال الاتحاد البرازيلي إنه قرر إيقاف كأس البرازيل ودوري الدرجتين الأولى والثانية للسيدات وبطولتين للناشئين حتى إشعار آخر، ولن ينطلق الدوري البرازيلي، من الدرجة الأولى إلى الرابعة، إلا في مايو (أيار) المقيل. أما بشأن بطولات الولايات، فسيكون على الاتحادات المحلية والهيئات المنظمة تحديد مصير كل بطولة».
ونزل لاعبو غريميو أرض الملعب قبل مباراة ضد ساو لويز في بطولة ولاية جاوتشو وهم يرتدون أقنعة على وجوههم.
وقال ريناتو بورتالوبي مدرب غريميو بعد المباراة إنه «في حالة عدم اتخاذ السلطات أي إجراء فإن الأندية ربما يتعيَّن عليها التحرك. العالم بأسره توقف، ألا يجب أن تتوقف كرة القدم البرازيلية أيضاً؟ هذه هي رسالتنا وأتمنى أن يستمعوا إلينا. أتمنى أن ينتصر المنطق».
ورد رئيس الاتحاد البرازيلي روجيريو كابوكلو: «نعرف ونقبل المسؤولية التي يتحملها عالم كرة القدم في مكافحة انتشار وباء (كوفيد – 19) في البرازيل»، وأضاف أن «الاتحاد البرازيلي لكرة القدم سيبقى على اتصال دائم مع وزارة الصحة، وسنتعاون معاً لمساعدة البلاد والرياضة على التغلُّب على التحدي الذي يمثله الوباء».
وبعد اجتماعات الأحد والاثنين، الماضي اتخذت بعض الاتحادات في الولايات إجراءات حاسمة بتجميد المباريات لأجل غير مسمى على غرار ولاية ميناس غرايس، وأعقبها ولايات ساو باولو وبارانا وسانتا كاتارينا ومارانهاو بإجراءات مماثلة.
وفي تلك الأثناء، جمّدت اتحادات ألاغواس وبارا وريو غراندي دو سول وريو دي جانيرو النشاطات لمدة 15 يوماً. إلا أنه من دون إجماع عبر البلاد حول السبيل للمضي قدماً، لم يُتخذ قرار قاطع حتى هذه اللحظة بوقف مباريات كرة القدم بجميع أرجاء البلاد.
ويرى لاعبون وموظفون بالأندية وكثير من المعلقين أن السلطات أقدمت بالفعل على اتخاذ قرارات حاسمة، لكن بعض الحالات لا تزال مستمرة وسط مخاطر لا داعي لها. من جانبه، أعرب باولو لوز نائب رئيس اتحاد ولاية غريميو، عن اعتقاده بأن «الدول التي تحتوي الموقف هي التي تقر إجراءات قوية. وعلينا أن نعطي الأولوية للحياة».
وظهرت مشاهد مشابهة لما حدث على أرض استاد أرينا دو غريميو داخل ريو دي جانيرو في وقت لاحق من الأحد الماضي، مع اصطفاف لاعبي كل من فاسكو دا غاما وبوتا فوغو قبل انطلاق المباراة المقررة لكل منهما مرتدين أقنعة وقائية على وجوههم. وحمل لاعبو نادي بوتافوغو لافتة تحمل عبارة: «فيروس كورونا: احمِ نفسك! هذه معركتنا جميعاً».
في كل من ريو دي جانيرو وريو غراندي دو سول، كانت مباريات تجري بالفعل وراء الأبواب المغلقة كإجراء احترازي خلال عطلة نهاية الأسبوع. وأعلن حاكم ولاية ريو دي جانيرو ويلسون ويتزل أنه «مع إغلاق البوابات، ليس هناك تكتُّل للأفراد. في التفاعلات التي تحدث بين اللاعبين... هذه مخاطرة خاصة بهم».
من ناحيته، ردّ مدافع نادي فاسكو، ليندرو كاستان بسخرية على تصريح الحاكم قائلاً: «هذه مخاطرة خاصة بنا، إجابة عظيمة، وحاكم عظيم، شكراً لاحترامك اللاعبين!».
على صعيد متصل، أغلقت الاستادات أبوابها داخل مدينة ساو باولو، مركز الإصابات في البلاد. وجرى لقاء الديربي بين ساو باولو وسانتوس على أرض استاد مورومبي الذي بدا مهجوراً من دون جماهير. كما خاض كورينثيانز مواجهة أمام إتوانو على أرضه مع تشغيل تسجيل لأصوات هتافات الجماهير في نظام السماعات بالاستاد بصوت مرتفع تعويضاً عن غياب الجمهور.
بيد أنه في مناطق أخرى من ولاية ساو باولو والعديد من الولايات الأخرى من سانتا كاتارينا في الجنوب إلى ماتو غروسو دو سول في الغرب، وبارا في الشمال وبيرنامبوكو في الشمال الشرقي، انطلقت المباريات على النحو المعتاد، وبيعت التذاكر، وشغل المشجعون المقاعد بالمدرجات، وإن لم تكن جميعها.
وحتى هذه اللحظة، تبدو السلطات في الكثير من الولايات الـ26 بالبلاد مترددة حيال وقف المباريات. في أمابا وماتو غروسو دو سول وبيرنامبوكو وسيارا، أعلنت الاتحادات أن البطولات المحلية ستستمر دون جماهير، بينما لا تزال سلطات أخرى تراوغ حول الأمر.
من جهته، أعلن أندري بيتا، رئيس اتحاد كرة القدم بولاية غوياس: «موقفنا يتمثل في الإبقاء على البطولة خلف أبواب مغلقة. وسنعقد اجتماعاً مع الأندية قبل نهاية الأسبوع، دون تعجُّل وبهدوء من أجل تقييم الموقف. أما قرار الاتحاد الوطني لكرة القدم فمختلف عن ذلك فيما يخص بطولة الولاية».
من ناحيته، دعم الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو موقف بيتا، وانتقد توجُّه الاتحاد الوطني خلال مقابلة أجرتها معه محطة «سي إن إن» بتعليق المباريات، وقال: «عندما توقف مباريات كرة القدم، فأنت بذلك تقترب من مرحلة الهيستريا. لا أرغب في ذلك». وأضاف أن الاتحاد الوطني كان باستطاعته بدلاً من ذلك «بيع نسبة من التذاكر، والأخذ في الاعتبار أعداد الناس الموجودين بالمدرجات، وليس التحرُّك على الفور نحو منع هذا أو ذاك، لأن إلغاء كرة القدم لن يقف ضد انتشار الفيروس. الاقتصاد لا يمكن إيقافه لأن هذا سيخلق بطالة».
في المقابل، أبدى كاتب عمود بصحيفة «أو غلوبو»، مارتن فيرنانديز، اختلافه مع هذا الرأي واقترح: «أوقفوا كل شيء في أسرع وقت ممكن، هذا ما يوصي به المتخصصون الدارسين للأمر. كما أن عقد المباريات دون جماهير لا يبدو منطقياً؛ فاحتشاد الناس داخل الاستاد وحول التلفزيون سبب وجود هذه اللعبة. اللعب دون جماهير يشجع الناس على التحرك بالأرجاء والالتقاء، وهذا خطأ».
ومع ذلك، تبقى السلطة الكبرى على الأمر في أيدي اتحادات الولايات. وإذا لم ترَ جميعها، بصورة فردية، أنه من المناسب تجميد المباريات، فستستمر كرة القدم.
ومع استمرار الأمور دونما حسم، يشعر اللاعبون والمدربون ومديرو الأندية بقلق واضح. على سبيل المثال، استغلّ مدرب نادي غريميو، ريناتو بورتالوبي، مقابلة أُجرِيَت معه قبل أيام لإثارة التساؤلات حول منطق من يملكون السلطة، وقال: «ألم يحن الوقت لوقف الكرة البرازيلية؟! كل العالم توقف. هل يجب أن ننفذ إضراباً؟».
وفي تلك الأثناء، أعرب لاعب خط وسط إنترناسيونال، داميان موستو، عن صدمته خلال تغريدة نشرها قال فيها: «ما الذي ينتظرونه؟! أوقفوا كل شيء فوراً. إنهم يلعبون بالأرواح كما لو كانت لعبة فيديو. أوقفوا كل شيء قبل فوات الأوان!».
في سيارا، جاء قرار الاتحاد بالاستمرار في جدول الأعمال الكروي دونما تغيير مدعوماً من جانب رئيسي أكبر ناديين، سيارا وفورتاليزا.
إلا أن رئيس رابطة اللاعبين المحترفين قال إن أعضاء الرابطة غير راضين عن ذلك. وأضاف: «رغم أن اللاعبين شباب واصحاء، فإنهم ليسوا محصنين ضد الفيروس. إن مباراة كرة القدم، حتى دون جماهير، يتحرك بها على الأقل 200 شخص، كثيرون منهم في سن متقدمة، الذين تشير البيانات الرسمية إلى أنهم الأكثر تضرراً من الفيروس».
أما جوكا كفوري، عميد الكُتّاب البرازيليين المعنيين بكرة القدم، فكتب في صحيفة «فولها» اليومية أنه «ليس هناك ما يبرّر لعب المباريات دون جماهير، وتعريض اللاعبين لمخاطر فيروس (كورونا). اغسل يديك ولا تلمس القريبين منك.
ولا تزال جماهير الكرة البرازيلية بانتظار أن ترى كم سيمرّ من الوقت قبل أن يتوقف إجبار اللاعبين على اللعب، ويتوقَّف المعلقون عن الصراخ بالمطالبة بوقف المباريات، عبر موجات الهواء.
قد يهمك أيضًا:
رونالدينيو يعبّر عن ثقته في قدرة غوارديولا لإخراج مانشستر سيتي من كبوته
رونالدينيو يصرح ميسي ليس أفضل لاعب على مر العصور
أرسل تعليقك