في ضوء بروز أهمية الطاقات النظيفة وتضييق حجم النمو للطاقة الأحفورية التقليدية في العالم، تواجه الدول العربية التي تعتبر من الصناع الرئيسيين للغاز والنفط، تواجه ضغوطا وتحديات واسعة النطاق في إيجاد نمط نمو مستدام تحفزه الطاقات النظيفة والمتجددة .
وفي هذا السياق؛ طرحت منظمة التنمية والتعاون للربط العالمي للطاقة (جيدكو)، التي تأسست برعاية صينية في العام 2016 ومقرها في بكين، مخططاً دعت من خلاله إلى بناء شبكة طاقة مترابطة خاصة بالطاقة النظيفة والمتجددة في الدول العربية، تصدّرها تطوير الطاقة الشمسية والرياحية وغيرها من الطاقات النظيفة لتوليد الكهرباء، لتحل الطاقات النظيفة مكان الطاقة التقليدية تدريجياً في المنطقة.
وحول ذلك قال تشو يوان بينغ، مدير معهد بحوث التقنية الاقتصادية التابع لمنظمة (جيدكو) إن الدول العربية تزخر بموارد غنية ووافرة من الطاقة الشمسية، الأمر الذي يمنح المنطقة فرصة سانحة لكي تلعب دورا هاما كمركز للربط الإقليمي ومنصة إستراتيجية عابرة للقارات والمناطق في مجال تطوير الطاقات النظيفة والمتجددة.
واقترح المعهد في مخططه بناء 7 قواعد كبيرة الحجم لتطوير الطاقة الشمسية في شمالي أفريقيا بسعة مولدات كهربائية إجمالية تبلغ 1.1 مليار كيلوواط.
أما في غربي آسيا، فأشار الاقتراح لبناء 10 قواعد كبيرة الحجم بسعة مولدات كهربائية إجمالية تبلغ 2.1 مليار كيلوواط .
حسب المعهد، قد بلغ إجمالي سعة المولدات الكهربائية في الدول العربية 250 مليون كيلوواط في عام 2015 ، من بينها 95 في المائة من الطاقات الأحفورية .
وفي الفترة نفسها، وصل حجم استهلاك الكهرباء في الدول العربية كلها إلى حوالي 950 مليار كيلوواط ساعي، وبلغ متوسط حجم استهلاك الطاقة الكهربائية 2747 كيلوواط ساعي بحمولة قصوى بلغت حوالي 200 مليون كيلوواط، مع نسبة انتشار للقوة الكهربائية بلغت 96 في المائة .
وبدوره؛ كشف تشو يوان بينغ أن المعهد قام بأعمال البحوث الدقيقة لحاجات الدول العربية للكهرباء على المدى الطويل، متوقعاً أن يصل حجم استهلاك الكهرباء في الدول العربية مجتمعة في عام 2035 إلى 2.5 تريليون كيلوواط ساعي بحمولة قصوى تبلغ 500 مليون كيلوواط .
أما بحلول عام 2050، فمن المقرر أن يصل حجم استهلاك الكهرباء إلى 3.8 تريليون كيلوواط ساعي بحمولة قصوى تبلغ 750 كيلو كيلوواط .
وبحسب جدول منظمة (جيدكو)، فإن الدول العربية ستشهد تطورا كبير الحجم في مجال تطوير موارد الطاقات الشمسية بحلول عام 2035 ، حيث من المتوقع أن تصل نسبة سعة المولدات الكهربائية للطاقة الشمسية حوالي 45 في المائة من إجمالي الطاقات المولّدة للكهرباء، لتواصل ارتفاعها إلى 68 في المائة في عام 2050 .
وفي الوقت نفسه، ستنخفض نسبة سعة المولدات الكهربائية للطاقة الوقودية التقليدية إلى 43 في المائة في عام 2035، وتواصل انخفاضها إلى 22 في المائة في عام 2050 .
وحول ذلك قال تشو إن التطور السريع لصناعة الطاقة النظيفة ومشتقاتها سيُحفّز تحويل نمط النمو الاقتصادي الجاري في الدول العربية الذي يعتمد على طاقة النفط والغاز الطبيعي إلى نمط جديد تكمن وراءه قوة نمو جديدة تتمثل بالطاقة النظيفة .
أما عن التعاون الاقتصادي وترابط الطاقة عبر الدول والقارات، فمن المقرر أن تقدم منصات جديدة لإجراء تعاون بين الدول العربية والمناطق المجاورة وتحفز التنمية والاستقرار والازدهار للمنطقة .
واقترحت المنظمة بناء قواعد نموذجية كبيرة الحجم لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، وإنشاء آلية إبداعية عابرة للدول في السوق الكهربائية لحفز تطوير واستهلاك الطاقة النظيفة .
وأشارت المنظمة إلى أن آليات دولية ثنائية أو متعددة الأطراف بشأن التعاون في الطاقة والاستثمار والتمويل في هذا الجانب ، ستساعد في توفير حافز فعّال للتنفيذ الحقيقي لبناء شبكة الترابط في المنطقة وتطوير الطاقات النظيفة.
وفي هذا الصدد، قد اتفقت الصين والدول العربية على تعميق التعاون في الطاقة الجديدة والطاقة النظيفة، ودعم بناء الربط العالمي للطاقة وتحقيق النمو الأخضر.
وفي يوليو من العام الجاري، وقعت مصلحة الدولة للطاقة في الصين وأمانة جامعة الدول العربية على اتفاقية لإنشاء مركز التربية الصيني-العربي للطاقة النظيفة في مدينة بكين، حيث سينظم المركز برعاية الجانبين تدريبات حول التكنولوجيا الكهروضوئية والرياحية وشبكات الكهرباء الذكية وغيرها.
كما يخطط الجانبان في إنشاء مركز فرعي أو مراكز أكثر في الدول العربية في المستقبل
أرسل تعليقك