القاهرة ـ مصر اليوم
تقدم المحامي طارق العوضي، مدير مركز دعم دولة القانون، بأول قضية من نوعها في مصر والوطن العربى، حيث تقدم وكيلاً عن الإعلامية "هـ.ع.ا" المذيعة بإحدى القنوات الخاصة بالدعوى رقم 533 لسنة 2017، أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد والدها المرشح الرئاسي الأسبق في انتخابات 2012، والذى شغل منصب مساعد وزير الخارجية الأسبق. وتدور الدعوى حول مسئولية الأب الشرعية والدستورية والقانونية تجاه أبناؤه، حيث تخلى الأب عن دوره تجاه أولاده منذ نعومة أظافرهم واقتصر الأمر على إرسال نفقة شهرية لمطلقته، وهو ما يُعد خطأ سبب ضرر يستحق التعويض عنه، وفقًا للدعوى. وهناك عدة تساؤلات -وفقًا للدعوى- تتمثل في هل تنحصر مسئولية الأب فى الإنفاق فقط وهل يحق للأبناء رفع دعوى بالتعويض لأنهم لم يشعروا يومًا بمعنى كلمة الأب، وما هو التعويض المناسب عن الحرمان من رعاية الأب وعطفه وحنوانه؟. المدعية: التقيته صدفة لأول مرة في ميدان التحرير.. ولم أعرف أنه كان سفيرًا وقالت المدعية -وفقًا لعريضة الدعوي- إنها لم تكن تعرف وظيفة والدها الذي لم يعش معها سوى عام وهي في الخامسة من عمرها، واكتشفت فجأة أن وظيفة والدها سفير بالصدفة أثناء استضافته بأحد البرامج التلفزيونية حينما رأته مصادفة على أحد القنوات مصحوبًا باسمه عدد من الألقاب لم تكن تعرفها عنه وهي في سن الرابعة عشر من عمرها. وأضافت "المدعية": "أبى تركنا منذ كنت في الخامسة من عمرى، بعدها هاتفنى مرتين الأولى كان يشتكى بمرضه ويخبرنى بميعاد سفره، والثانية كانت والدتي محتدة عليه وكانت تذكر أنه تزوج عليها أخرى ولم أكن أفهم شيئًا وظللت لا أفهم ربما حتى التحاقى بالمدرسة، وظللت لمدة عامين بعد اختفاؤه أكتب خطابات له أو أحاول بمعنى أصح فعل ذلك". وتابعت المدعية: "حينما بدأ يتشكل وعيى قليلا كنت أسأل كثيرًا عن مهنة أبي، في البداية لم أكن أعرف وكان يشكل لى هذا الأمر حرجًا كثيرًا حتى عرفت من أمي أنه سفير، ولم تقل أى معلومات أخرى، فكنت أردد سفير وكنت أرى انبهارا فى عيون المدرسين لم أكن أعرف له سببا، وكنت أتأذى نفسيا من السؤال عنه، أنا لا أعرفه ولا أعرف أى شىء عنه ولا تجمعنى به أى صور فوتوغرافية حتى وأنا طفلة كأنه "شبح"، كنت أبكى كثيرا لأننى أريد معرفة الكثير عنه، وكنت أخاف أن أسأل حتى عرفت من إحدى صديقاتى أن أبى وأمى مطلقان ولم أكن أصدقها حتى أكدت لى أن أمى هى من قالت لأمها"، وتضيف بقولها "أمينة المكتبة في المدرسة وأنا فى الصف الخامس ابتسمت في حصة القراءة وقالت لى (سمعت أبوكى امبارح فى الراديو)، فأنقبض قلبى ولا أذكر ماذا كانت ردة فعلى ولكنى أذكر جيدا اننى كنت اريد البكاء بشدة ولم اعرف ماذا على أن أفعل؟". وأضافت مقدمة الدعوى: "عشت كثيرًا متجاهلة لفكرة أن لى أب أصلا حتى قرر أن يدلى بتصريحات سياسية لم تكن تعجب النظام الحاكم، ووقتها أعلن الترشح لإنتخابات رئاسة الجمهورية عام 2009 وذلك قبل تخرجى من الكلية بعام، صرت أسأل عنه كثيرًا وأصادفه على شاشات الفضائيات واضطربت نفسيتى بشدة خاصة بعد أن جاء أحد عناصر المباحث إلى منزلنا للسؤال عنه وقلنا له أنه لا يعيش معنا وعرفت بعدها أنه كان هارب فى سوريا". واستطردت بالقول: "منذ فترة لأخرى كان يتصل بنا أبى المزعوم بسبب قضية نفقة، فكان يتحدث مع أمى فى الهاتف ثم يحدثنا أنه سيعوضنا عن كل ما فات وأنه سيفعل لنا أشياء جميلة وأتذكر أنه فى أحد المرات كنت فى الصف الثالث الثانوى أعطى لى ولأمي وأختى ميعادًا لمقابلته فى أول أيام عيد الفطر، وفى الميعاد المحدد اتصلنا به مرات فوجدنا هاتفه مغلق، كان لا يحدثنا فى كل المناسبات لكنى أذكر هذه المكالمة كنت فى العام الأخير من دراستى بالكلية، وكان قد نشر لى مقال فى جريدة الدستور فى صفحة ضربة شمس وكان لمقاله صدى جيد فأتصل أبى المزعوم بأمى وقال لها (بنتك بتعرف تكتب أهى) وكأنه كان يريدنى جاهلة". وتابعت: "أول مرة قابلت أبى فى ميدان التحرير أيام ثورة 25 يناير، واقترب منى أنا وأختى وسلم علينا بطريقة عادية، فهو لم يعرفنا بالطبع.. هذه كانت أول مرة أراه صدمت بشدة ولم أقل له شىء حتى الآن". وأضافت "أموال الدنيا لو اجتمعت بين يديها فإنها لن تعوضنا أبدًا عن كل تلك الآلام التى عشتها طوال تلك السنوات العجاف التى تخلى فيها والدي عني، ولن تعوضني أبدًا عن كلمة (بابا) مصدر قوتي وفخري وعزتي. وتركت المدعية للمحكمة تقدير التعويض المادى المناسب الذى يتوفر فيه عنصر الردع لعدد من الآباء الذين أنجبوا أبنائهم ليلقوا بهم إلى مصائر مجهولة وواقع موحش وأليم. وحددت المحكمة جلسة الرابع من أكتوبر القادم لنظر أولى جلسات القضية، وأكد طارق العوضي مقيم الدعوي أنها ستكون محل جدل شرعى وقانونى ومجتمعى واستطرد: "نؤمن بأحقية مقيمة الدعوى ونثق أننا سنرسى مبدأ قانونى جديد وهام جدا فى تاريخ القضاء المصري".
أرسل تعليقك