إنَّ التحولات والتغيرات التي يشهدها العصر الحالي خاصة في مجال المعلومات والمعارف والنظريات والاكتشافات والتطورات الناجمة عن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات سوف تؤثر بلا شك على صورة المدرسة والمناهج الدراسية في المستقبل؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى تغير في مهامها وأدوارها على المدى القريب أو البعيد.
المناهج الدراسية هي وسيلة التعليم لتحقيق أهدافه وخططه، وهي الترجمة الفعلية والعملية لأهداف التربية وخططها واتجاهاتها، وهي الحقل التطبيقي للمبادئ والنظريات التربوية، وفي ظل المعرفة والمعلومات المتجددة أضحت الحاجة لهندسة المنهج التعليمي كي يكون أداة فعّالة في التعامل مع هذا الفيض الهائل من المعلومات، وإعداد أفراد نافعين لأنفسهم ولأمتهم قادرين على تحمّل المسؤولية وتحقيق التنمية الشاملة مع المحافظة على الثوابت والقيم في هذا العصر الذي أصبحت فيه المعلومات والمعارف والتطور التكنولوجي السمة البارزة له.
من أجل ذلك يتضمن هذا المقال عرضًا للجوانب المرتبطة بهندسة المنهج ودورها في تعزيز الابتكار في العصر الرقمي ومتطلباته وفيما يلي عرض لأبرز المحاور:
اقرأ أيضًا:
دراسة تحذر من استخدام الأطفال للشاشات التي تعمل باللمس
هندسة المنهج وعملياتها.
دور المنهج في تنمية الابتكار.
الاقتصاد الرقمي ومتطلباته.
أولاً- هندسة المنهج Curriculum Engineering
مفهوم هندسة المنهج:
تذكر بعض المعاجم اللغوية الأعجمية أن كلمة هندسة ( (Engineering تعني فرع من العلوم والتكنولوجيا الذي يهتم بالتصميم للمباني، واستخدام المحركات، والماكينات، والهياكل (Compact Oxford English Dictionary،2016)، وتعرف أيضًا كلمة هندسة بأنها تطبيقات العلوم التي تستخدم لتصميم شيء وهذه التطبيقات للعلوم تستخدم في التصميم والتخطيط، وصيانة المباني، والماكينات، وكل الأشياء التي تخص عملية الصناعة (Encarta Word English Dictionary،2016)، كما أن هذه الكلمة تشتمل على معنى الاختراع لشيء ما، قد يكون في شكل خطة أو تصميم لشيء ما” (محمد وعبدالعظيم ،2011م،ص342).
يعرف بو شامب Beauchamp (1987م) هندسة المنهج بأنها كل العمليات الضرورية لجعل نظام المنهج يؤدي وظيفته في المدرسة (ص 137)، في حين يعرفها علي (2011م) بأنها عملية وضع المواصفات التخطيطية والتنفيذية والتقويمية التي تحدد الصيغة الشكلية للمنهج -فيما يعرف بوثيقة المنهج- وتضمن تحقيق أهدافه ومن ثم استمراره وبقاؤه في التربية المدرسية (ص25).
مما سبق يمكن القول بأن هندسة المنهج منظومة تحافظ على استمرار عمل المنهج لتحقيق أهدافه من خلال عدة عمليات أبرزها عملية التخطيط والتنفيذ والتقويم، كما يتضح من التعاريف السابقة أن الوظيفة الرئيسة لهندسة المنهج هي التأكد من كون نظام المنهج قابلا للتنفيذ، بما يوضح مهامه الأساسية داخل البيئة المدرسية.
عمليات هندسة المنهج:
يذكر بوشامب Beauchamp بأن عملية هندسة المنهج تشتمل مجموعة عمليات بناء المنهج وتطبيقه وتقويمه وتطويره، وقد تكون تلك العمليات اللازمة الحيوية لتفعيل هندسة المنهج متمثلة في بناء وتشييد وتكوين المنهج وتطبيقه وتقويم الأداء الخاص به وأيضاً تطويره(بوشامب،1987،ص 137).
ولقد جاء هذا المصطلح الحديث نسبياً كردة فعل على الجمود في صناعة المناهج الدراسية واتهامها من قبل المنظرين والخبراء في التحول إلى الوقوع في أسر قوالب جاهزة ومنقطعة عن التغيرات المحلية والقومية والعالمية الحادثة وقد تزامن ظهور وتفعيل هذا المفهوم مع نشأة علم تطبيقي وليد من التقاء علمين أشمل وهما علم الإدارة وعلم المحتوى، “والتربية تشبه علم الهندسة في كثير من الأمور فهي تهتم بهندسة الإنسان Human Engineering ، ولذلك ينبغي أن تأخذ منها بعض الأنماط السلوكية في أداء وظائفها، ومن هنا كانت حتمية التطوير والتغيير للمناهج الدراسية العربية تستدعي بالضرورة الأخذ بهذه النظرة التكاملية للأمور التي تنادي بإتباع مدخل النظم Approch Systems في تصميم المناهج الدراسية وتطويرها ” (محمد وعبدالعظيم،2011م،344).
وفي ضوء ما سبق يمكن التوصل إلى أن العمليات الرئيسة لهندسة المنهج هي (علي،2011م،ص109):
1- تخطيط المنهج:
وهي الخطوة الأولى نحو هندسة المنهج، وتقوم بها جماعات العمل، حتى يتم تغطية المنهج عرضاً وطولاً (عرضاً فيما يختص بمدى مكونات المحتوى الثقافي، وطول بمدى التتابع داخل المواد)، وقد يكون التنظيم الأفقي بواسطة الصف أو المستوى، أما التنظيم الرأسي، فيكون بواسطة محتوى الثقافة، وإذا وضع المنهج موضع التنفيذ، فإن وظيفة التخطيط تصبح وظيفة تطوير مستمرة.
قد يهمك أيضًا:
مؤشرات الأداء الرئيسية KPIS و بطاقة الأداء المتوازن BSC
علماء روسيون يتوصّلون إلى اكتشاف للتعامل مع عدوانية الشباب
أرسل تعليقك