توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإفراط في دلال الأطفال يعلّمهم الفوضى والاتكالية

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - الإفراط في دلال الأطفال يعلّمهم الفوضى والاتكالية

عمان ـ وكالات

تعترف الأربعينية أم صلاح أن كثرة الدلال أفسدت ابنتها، إذ أصبحت تعتمد على دلالها في كل شيء، "صارت ابنتي اتكالية، وأخشى أن لا تنجح في حياتها الزوجية والمستقبلية، فهي لا تتقن أبسط أبجديات أعمال المنزل". وتضيف، "تعتمد ابنتي، وهي فتاة جامعية، على عاملة المنزل في تجهيز ملابسها، وتنتظر ما تطبخه لها. بكل أسف أقول نحن نربي أبناءنا على الاعتماد علينا، وعلى الآخرين في كل شيء، ولذلك ينشأ جيل لا يعرف كيف يخدم نفسه". وتؤكد أم صلاح أن المسؤولية وتحملها يحتاجان إلى تربية، وتعويد منذ الصغر. فقد رأت النتائج الإيجابية التي حصدتها شقيقتها الكبرى في تربية أبنائها الصحيحة، وانعكاسها على شخصياتهم المستقلة، فكل منهم لديه اهتمامات ومسؤوليات متعددة تشغله. لا شك أن الدلال الزائد للطفل، بزيادة جرعات الاهتمام المفرط، والرعاية الزائدة عن الحد المعقول، والامتثال لجميع طلبات ورغبات الطفل، مهما كانت صعوبتها، وفي أي وقت كان، كل ذلك يولد لديه الكثير من الخصال السيئة والضارة، كالاعتماد على الأبوين في كل شيء، وفي ذلك إضعاف لجانب تحمل الطفل لمسؤوليته، لأن جميع طلباته مجابة. لذا فإن تجاهل زرع الثقة والشعور بالمسؤولية في نفوس أبنائنا في بداية حياتهم، قد يوجد شبابا يعتمدون على الآخرين في أبسط احتياجاتهم، وهنا تتطلب الضرورة تعويدهم وهم في مقتبل العمر، على المشاركة في إدارة شؤونهم، وشؤون أسرهم، ليقوى لديهم الشعور بالانتماء الذي يجعلهم يميلون نحو العمل والإنتاجية. في هذا الشأن يعبر جابر عطيات (46 عاما) عن رأيه فيقول"يجب تعويد الأبناء منذ الصغر على تحمل المسؤولية قبل كل شيء، وهنا الوسطية مطلوبة، بمعنى أن لا نحملهم فوق طاقتهم، وأن لا ندللهم بطريقة تجعلهم جيلا ضعيفا لا يهتم، ولا يحس بما يجري من حولهم". ويضيف، "نحن نوفر لأبنائنا كل شيء، الهاتف النقال واللاب توب، وكل جديد، وفي المقابل إذا غابت الأم عن المنزل لا تبالي الفتاة، ولا تتحرك لعمل أي شيء، مهما كانت الفوضى من حولها. ولا يفكر الابن في التطوع لشراء حاجيات المنزل. لذا فإن تربية الأطفال على تحمل المسؤولية هي التي تجعلهم أكثر فهما لظروف الحياة". يروي نائل عواد (38 عاما) تفاصيل خطئه وخطأ زوجته الفادح مع ابنهما، ويقول، "اعتدت وزوجتي على تلبية كل ما يطلبه ابننا الوحيد، على الرغم من أن دخلنا المادي في حدود المتوسط، حتى لا يشعر في يوم من الأيام أنه أقل من غيره". ويضيف نائل بمرارة "وكانت النتيجة أننا اليوم نجني ما اقترفناه في حق تربية ابننا الوحيد، إذ أصبحنا مجبرين على تلبية مطالبه، حتى لا يقاطعنا، ويمكث طوال الوقت في غرفته، أو برفقة أصدقائه، أو يتذمر من كل شيء حوله". يبين الاختصاصي النفسي، د. خليل أبو زناد "يفرط الأهل أحيانا في تدليل أبنائهم، وهذا الدلال نابع من حبهم له، أو بسبب انتظارهم طويلا لمجيئه، فهذا ما يدفعهم إلى تلبية كل طلباته على الفور، والحال أن هذا يضره كثيرا، لأنه لا يطور استقلاليته وإحساسه بالمسؤولية، ولا يبني عنده التعاطف مع الناس، وفهم مشاعر الآخرين". ويضيف "الدلال الزائد يوفر الهدوء للأهل، والسعادة الوقتية للطفل، ولكنه يؤذي الطفل والأهل على المدى البعيد، إذ يصبح هذا الطفل مع الوقت وحيدا ويشعر الأهل أنه غير سعيد من الناحية الاجتماعية، إذ يبتعد عنه أصحابه، وفي المستقبل سيصعب عليه التأقلم مع مطالب حياة العمل، ويتعذر عليه أن يبني العلاقات الاجتماعية الناجحة، القائمة أساسا على الاحترام المتبادل". وتبين الاختصاصية الأسرية والإرشاد التربوي، سناء أبو ليل، أن الدلال الزائد للأطفال من قبل الآباء يمثل إحدى المشكلات التي تواجه الأسر، لأن الدلال يجعل من الطفل شخصا غير مسؤول، يعتمد على غيره في تلبية مطالبه، فينزعج الأهل منه في الأخير، علما أن الدلال الزائد لا يختلف في آثاره السلبية عن القسوة الزائدة". وتضيف سناء "التدليل الزائد يفسد الطفل، حيث تسيطر عليه الأنانية وحب السيطرة على إخوته، ويظهر العنف في تصرفاته مع الآخرين، لإحساسه بالتميز عنهم، فضلا عن أنه لا يستطيع الاعتماد على نفسه، أو مواجهة متاعب الحياة ومصاعبها، فنراه ينسحب منها في الحال، وتتفاقم هذه الحالة مع الوقت لتؤثر عليه عندما يصبح زوجا وأبا وقدوة لأبنائه". وتنصح أبو ليل الأهل بألا يبالغوا في حماية أطفالهم وتدليلهم، لكنها توضح أنه مثلما الدلال مضر فالإهمال مضر أيضا، ولذلك على الآباء أن يعوا أنه عندما يمنعون عن طفلهم بعض حاجياته، فليس معنى ذلك حرمانه، بل تنشئته تنشئة صحيحة، حتى يخرج الطفل للمجتمع قادرا على مواجهة الحياة". وتقول في النهاية "الأصل في التربية الناجحة الاعتدال في كل شيء، لأن لعملية التنشئة الاجتماعية التي يمر بها الطفل حتى يصبح شابا يافعا، دورا في عملية البناء النفسي والذهني، وفي تحمل المسؤولية أمام الآخرين، مع إعطاء الحرية المسؤولة حقها في تربية الطفل، حتى يستطيع أن يصنع قراره بكامل الوعي والمسؤولية دون اللجوء إلى الآخرين".

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإفراط في دلال الأطفال يعلّمهم الفوضى والاتكالية الإفراط في دلال الأطفال يعلّمهم الفوضى والاتكالية



GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon