بيروت ـ رياض شومان
أصدرت "جامعة البلمند" في منطقة الكورة شمال لبنان ، كتابًا بعنوان"طرابلس مدينة كل العصور"، وهو إصدار شامل وأنيق يتضمن مقدمة عن المدينة وإضاءة على العناصر التي تشكل المعمارية التاريخية للمدينة من قلاع ودور عبادة والأسواق والخانات والحمامات والأزقة والأدراج والأحياء وساحاتها وحدائقها ومنازلها والأبواب والنوافذ والحرف والمهن والمقاهي والوجوه والسمات والمراكز الثقافية والحرم الجامعية إلى الميناء واجهة طرابلس البحرية ومشاهد عامة.
ويسعى الإصدار إلى إعطاء صورة شاملة وصادقة عن مدينة تعيش تواريخ متداخلة، فسيفساء تاريخية بالمعنى الإيجابي كمدينة شرق أوسطية ألفت التنوع والتعددية وحروف الحياة.
كما يسعى الكتاب إلى التقاط مشاهد من صور تعبّر عن التحوّلات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ومن مسارات عاشتها المدينة ويطالها كل من يتقرب منها باحثًا أو سائحًا أم مواطنًا.
أُعد الكتاب جيدًا بمنهجية بحثية تاريخية. منهجية اعتمدت مقاربات تاريخية وواقعية ومناقشات ومداولات كي لا يكون الكتاب مجرد سرد تاريخي أو جغرافي أو دليل سياحي. ولكن ذهب البحث إلى ما هو أبعد من تصاوير الأشياء إلى الأشياء وإلى دلالات الأشياء كتعبيرات عن روح المدينة ويكثر من الوقت والجهد والبصر على النحو الذي أتى به الكتاب بشكله النهائي.
احتوى الكتاب على فصول عدة بدءًا من القلاع إلى شواهد الماضي، إلى وجوه الأمكنة، الجدران، الأبواب، معالم الحياة الدينية والمهنية والمدنية والثقافية وطراوة العيش وبساطته ولطافته في مدينة بالأصل ودودة وحنونة على المدى الأزرق للبحر المتوسط.
الكتاب أنجزته جامعة "البلمند" بمحبة وشفافية وبألوان البيئة والمحيط وبنظرات ماريو سابا الفنية وبإحساس عميق بالانتماء إلى بحر المتوسط والعالم والكون ومن مطل أكاديمي ومن كرسي جامعي للدكتور إيلي سالم من مطل البلمند العالي بتلك الدقة والاهتمام والألفة والمحبة للجوار، تحية حب لمدينة طرابلس، مدينة لبنان والعرب.
ويبحث الكتاب عن طرابلس التي كانت مركزًا لولاية كبيرة في الدولة الفاطمية. ثم استقلت المدينة على يد بني عمّار في نهاية القرن الـ 11 وعرفت باسم "دار العلم" بحيث انسحب اسم المكتبة على المدينة. الحروب لم تكن بعيدة عن المدينة، نازلها كثيرون، العام 1109 سقطت على أيدي برتران دي سان جيل كونت تولوز حتى العام 1289 حين فتحها المماليك وخلال حكمهم عرفت ازدهارًا لافتًا. أما العثمانيون فاتخذوها حاضرة لولاية كبيرة باشاوية أيام ولاية آل سيف.
من يقرأ الكتاب يجول في شريط مصور، شريط طويل والسؤال هل خسرت طرابلس رهانها؟
مدينة يحاصرها الفقر اليوم إلى الأقصى وما أحزنها صور تحيط بتلك الأيقونات التاريخية والحواضر والروافد العربية والإسلامية وبكل ذلك التنوع والانفتاح والتسامح والرحابة وإبداعات الأوائل في العمارة والهندسة والفسيفساء والنقوش والآثار وعلى أمل أن يكون لطرابلس ما تستحقه من عناية كمدينة متوسطية بتنوع وتعددية لا حدود لهما وعلى أمل أن لا تشوب تلك المعالم والصور الظلمة لاحقًا.
أرسل تعليقك