القاهرة - وكالات
تعتبر جامعة الأزهر بمصر، ثاني أقدم جامعة عاملة معروفة، بعد جامعة القرويين بمدينة فاس بالمغرب. ومنذ نشأتها في القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي)، حملت لواء الجامعة الإسلامية لتمارس دورها التعليمي والفكري والثقافي، حيث يقول عنها مؤرخون إنها «كانت أساسا للنظم والتقاليد الجامعية التي عرفت بعد ذلك في الشرق والغرب، ومن أولى المؤسسات العلمية التي لها أثر بالغ في نشر العلوم الدينية والشرعية، بالإضافة إلى العلوم الدنيوية المتخصصة».
وتضم جامعة الأزهر، بحسب رئيسها الدكتور أسامة العبد، «أكثر من 77 كلية في قطاعات العلوم الثلاثة (الإسلامية والنظرية والعملية)، وينتشر بها تقريبا جميع فروع المعرفة والتخصصات النادرة، كما أنها تقوم بتقديم الخدمات التعليمية لأكبر عدد من الطلبة على مستوى العالم العربي ككل، بالإضافة إلى وفود أعداد كبيرة من الطلبة المسلمين من جميع أنحاء العالم لتلقي العلم ونشر تعاليم الدين الإسلامي السمح في شتى دول العالم».
وتابع: «إن جامعة الأزهر تقدم الخدمات التعليمية لنحو أربعمائة ألف طالب وطالبة يمثلون نحو خمس التعليم العالي بمصر، وتضم نخبة من الأساتذة والعلماء يصلون إلى نحو 11 ألف عضو هيئة تدريس ومعاونيهم. ولا تتوانى الجامعة عن تقديم الدعم الممكن لجميع المسلمين في شتى بقاع العالم»، موضحا أن سر بقاء الجامعة هو التزامها بالمنهج الوسطي القائم على احترام الرأي والرأي الآخر، والبعيد عن مواطن التشدد والتطرف، حيث تقوم الدراسة على كل المذاهب الفقهية الأربعة (الشافعية والحنفية والحنبلية والمالكية)، لافتا إلى أن دراسة تلك المذاهب المختلفة من شأنها أن ترسخ لاتساع المدارك والأفق.
في عام 1872 صدر أول قانون نظامي للأزهر رسم كيفية الحصول على الشهادة العالمية وحدد موادها، وكان هذا القانون بحسب الدكتور إبراهيم الهدهد، نائب رئيس الجامعة لشؤون الطلاب، «خطوة عملية في تنظيم الحياة الدراسية بالأزهر»، وتابع: «في عام 1930 تم تنظيم الدراسة في الأزهر ومعاهده وكلياته، ونص على أن التعليم العالي بالأزهر يشمل كليات الشريعة وكلية أصول الدين وكلية اللغة العربية، وفي عام 1961 تم إنشاء عدد من الكليات العلمية لأول مرة مثل كليات التجارة والطب والهندسة والزراعة، وكذلك فتحت أبواب الدراسة بالجامعة للفتاة المسلمة بإنشاء كلية للبنات، ضمت عند قيامها شعبا لدراسة الطب والتجارة والعلوم والدراسات العربية والإسلامية والدراسات الإنسانية. وتتميز الكليات الحديثة والعلمية بجامعة الأزهر عن نظيراتها من الكليات الجامعية الأخرى باهتمامها بالدراسات الإسلامية إلى جانب الدراسات التخصصية».
وتسعى جامعة الأزهر إلى تخصيص أكبر قدر ممكن من المنح لطلاب أفريقيا، خصوصا بعدما وصل عدد الأفارقة الدارسين بها إلى أكثر من أربعة آلاف طالب وطالبة، الربع يدرسون بنظام المنح التي يوفرها الأزهر لهم. ويقول الدكتور عبد الدايم نصير، مستشار شيخ الأزهر للشؤون التعليمية والأكاديمية: «تيسيرا على الطلاب الوافدين تم تأسيس مركز عالمي لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، كما ينظم مكتب رعاية الطلاب الوافدين بجامعة الأزهر بالتعاون مع الاتحاد العالمي للمدارس العربية والإسلامية عدة دورات لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، وتهدف هذه الدورات إلى مساعدة الطالبات والطلبة على إتقان اللغة العربية».
ولمزيد من التواصل بين خريجي جامعة الأزهر في خارج مصر، أنشأ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، الرابطة العالمية لخريجي الأزهر، لتكون بمثابة جسر يربط خريجي الأزهر في 10 دول حول العالم، من بينها أميركا وبريطانيا وماليزيا والكويت. ويقول الدكتور عبد الفضيل القوصي نائب رئيس الرابطة، وزير الأوقاف السابق في مصر، إن الرابطة أصبحت الآن كيانا معترفا به من منظمة الأمم المتحدة.. لافتا إلى «إننا نعمل داخل الرابطة على وضع خطة عربية إسلامية لتيسير تعليم اللغة العربية على المستوى العالمي، من خلال بناء منهج تعليمي عربي موحد لمقابلة تعدد اللغات والجنسيات والثقافات ودوافع التعلم».
وعلى الرغم من أنها توصف بأنها أكبر وأقدم جامعة مصرية، فإن الميزانية المخصصة لجامعة الأزهر في ميزانية الحكومة لا تتعدى نصف ميزانية جامعة القاهرة أو عين شمس، وهو ما يؤكده عدد كبير من نواب رئيس الجامعة، قائلين إن «الميزانية الضعيفة هي العقبة الوحيدة» أمامهم.
الكثير من سفراء العالم أثنوا على دور جامعة الأزهر، فيقول محمد فخر الدين عبد المعطي سفير ماليزيا لدى القاهرة: «نفخر بأن أكثر من خمسة آلاف طالب من ماليزيا يدرسون في كل الكليات العلمية والشرعية بجامعة الأزهر».
أما عبد الله أوبيلا، أحد الطلاب الوافدين بالأزهر، فيؤكد أن الطلاب الوافدين هم «الضمان الحقيقي لتحقيق عالمية رسالة الأزهر الشريف». كما كان لقرار مجلس جامعة الأزهر بمعاملة طلاب سوريا وفلسطين معاملة المصريين، من حيث سداد المصروفات، أثر مهم بالنسبة لهم.
وتضم جامعة الأزهر كما يقول الدكتور إبراهيم الهدهد لـ«الشرق الأوسط» عددا من الكليات للبنين والبنات والتي تمنح تخصصات ليست موجودة إلا في جامعة الأزهر فقط. ومن بين كليات البنين كلية أصول الدين، وتمنح درجة الإجازة العالية (الليسانس) في تخصصات التفسير وعلوم القرآن والحديث وعلومه والعقيدة والفلسفة والدعوة والثقافة الإسلامية. وكليات الشريعة والقانون، وتدرس فيها علوم الشريعة الإسلامية والعلوم القانونية التي تدرس في كليات الحقوق بجامعات مصر، وكلية اللغة العربية والقرآن الكريم، وكلية الدراسات الإسلامية والعربية، فضلا عن كليات اللغات والترجمة، وتضم تخصصات الترجمة الفورية باللغة الإنجليزية، والدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية والفرنسية والألمانية والصينية، إلى جانب أقسام اللغة الإسبانية وآدابها، والعبرية والتركية والصينية والإسبانية والفرنسية الأفريقية والأوروبية والأوردية (وهي لغة باكستان والهند).
أما كليات فرع البنات، فيتابع الهدهد بأنها تضم كليات الدراسات الإسلامية والعربية، شعب أصول الدين والشريعة واللغة العربية، وكلية البنات الإسلامية، والدراسات الإنسانية.
ويحاول مجلس جامعة الأزهر تفعيل التعاون الثنائي بين عدد من الجامعات الدولية للاستفادة من خبرتهم التكنولوجية، ويقول الدكتور عبد الله أحمد مانهام، رئيس الجامعة الإسلامية بكيرالا بالهند: «إننا في جامعة كيرالا على استعداد لمد جامعة الأزهر بالخبرات في مجال تكنولوجيا المعلومات، خصوصا أن جامعة كيرالا تضم مركزا كبيرا لتكنولوجيا المعلومات».
أرسل تعليقك