واشنطن ـ وكالات
خلال الأسبوع الماضي، وللمرة الأولى، وافق المجلس الأميركي للتعليم (أميركان كاونسل أون إيديوكيشن)، الذي يمثل الجامعات الأميركية، على قبول درجات من جامعات مجانية على الإنترنت. وقال المجلس إن الخطوة «تجريبية»، وهي ليست «قرارا» لكنها «توصية»، وإنها أعلنت الاتفاق مع شركة «كورسيرا» الإلكترونية التي تقدم على الإنترنت مئات المقررات الجامعية من جامعات أميركية رئيسية، مثل هارفارد، برنستون، جنوب كاليفورنيا، كولومبيا.
وقالت مولي برود، رئيسة المجلس «تعتبر هذه أول خطوة مهمة من جانبنا لدراسة إمكانيات طويلة المدى لظاهرة مووك (اختصار لاسم ماسيف أوبن أونلاين كورسيس، أو مقررات دراسية مفتوحة هائلة على الإنترنت)». وأضافت «نريد أن نستكشف لنرى مستقبل هذا النهج الجديد المبتكر لإشراك الطلاب في جميع أنحاء البلاد، وفي جميع أنحاء العالم».
وحسب تقرير سنوي أصدره المجلس الأميركي للتعليم (إيه سي إي) في العام الماضي، بدأت عشرات الجامعات الأميركية الرائدة في تقديم مقررات مجانا على الإنترنت؛ خاصة لأكثر المقررات إقبالا من جانب الطلاب. وهكذا، فجأة خلال سنوات قليلة، تطورت ظاهرة «مووك»، وارتفع مستواها بسبب أهمية هذه الجامعات الرائدة. وصارت تسمح لملايين الطلاب، ربما في كل دولة في العالم، بالاشتراك في «فصل إلكتروني واحد، يقدم مقررا واحدا، في وقت واحد». لكن حتى الآن قدمت جامعات قليلة درجات أكاديمية لهذه المقررات. واعتبرت أن الذين يتلقونها يركزون على زيادة معرفتهم أكثر من الحصول على درجة جامعية.. بينما تشددت الجامعات الرئيسية في هذا الموضوع.
والأسبوع الماضي، قال جون دوغلاس، أستاذ الأبحاث التعليمية في جامعة كاليفورنيا (بيركلي) «يمكن أن يساعد السماح للطلاب بالحصول على درجات أكاديمية عبر الإنترنت، بطرق واسعة النطاق، في تسهيل الحصول على شهادات جامعية»، وأضاف «ما دمنا نقيّم ونضمن الجودة يمكن توفير أكثر من طريقة ليتلقى الطلاب تعليما جامعيا بتكلفة معقولة».
وكخطوة أولى، وافق المجلس على عدة مقررات للمبتدئين من جامعات رئيسية: الجبر (جامعة كاليفورنيا، إيرفين)، مقدمة علم الوراثة والتطور (جامعة ديوك، ولاية نورث كارولينا)، كهرباء بيولوجية (أيضا جامعة ديوك)، وحساب التفاضل والتكامل (جامعة بنسلفانيا).
وستقدم هذه المقررات مجانا، لكن يحتاج الطالب لدفع ما بين 100 إلى 190 دولارا لشركات إنترنت تحقق هويته، وتصور امتحاناته بكاميرا إنترنت، وتجهز الدرجة التي يمنحها أستاذه. لكن - في نهاية المطاف - ستقرر الجامعة قبول، أو عدم قبول، الدرجة.وقال أندرو نغ، أستاذ كومبيوتر في جامعة ستانفورد (ولاية كاليفورنيا)، ومؤسس شركة «كورسيرا» التي تنسق بين الجامعات التي تمنح مقررات عبر الإنترنت، لوكالة «أسوشييتد برس» الأميركية «يوجد كثير من البالغين العاملين الذين لا يملكون شهادة جامعية. آمل أن سهولة تقديم هذه المقررات في الإنترنت يمكن أن تكون خطوة أولى للعديد من هؤلاء الكبار للعودة إلى الجامعة، والحصول على درجة جامعية». وأوضح أن «كورسيرا» تقدم أكثر من 200 مقرر جامعي، تابعة لأكثر من ثلاثين جامعة. وتعتزم «كورسيرا» الطلب من مجلس التعليم الأميركي أن يوافق على مزيد من المقررات في المستقبل، وقالت إن تطورات إلكترونية جديدة سهلت الدخول على المقررات في الإنترنت ودراستها، وكأن إنسانا بشريا يقدمها. وأيضا وضعت أجهزة معقدة لمنع السرقة والتشويه والتزوير.وقال المدير المؤسس إن «كورسيرا» حريصة جدا، ليس فقط على حرية توافر هذه المقررات عبر الإنترنت، ولكن أيضا على نزاهتها. وأشار إلى أن «كورسيرا» ألغت مؤخرا مقررا من معهد جورجيا للتكنولوجيا (جي آي تي) بسبب مشاكل تكنولوجية. ومن المفارقات أن المقرر كان عن تشغيل مقررات جامعية على الإنترنت.وفي نهاية السنة الماضية، نشرت «دورية التعليم العالي» (هاي إديوكيشن كرونيكلز) تقريرا عن هذا الموضوع، جاء فيه أن الجامعات الإلكترونية تخير الشخص بين الكومبيوتر والفردية في جانب، ورؤية الأستاذ والاختلاط مع الطلبة والطالبات في الجانب الآخر. لكن، صار التعليم العالي عبر الإنترنت «خيارا شعبيا متزايدا». وحسب تقرير أصدرته كلية بابسون في ولسيلي (ولاية ماساشوستس)، في عام 2010، زاد عدد هؤلاء الطلاب على ستة ملايين في الولايات المتحدة.. ويعادل هذا الرقم ثلث مجموع المسجلين في الجامعات، وزاد الرقم في عام 2010 بنصف مليون عما كان عليه سنة 2009.ربما أكثر جامعة تركز على هذه المقررات هي جامعة كاليفورنيا في ولاية بنسلفانيا. وزاد العدد من 300 طالب في برامج الدراسات العليا في عام 2005 إلى نحو ألفين في عام 2012. ومجموع الطلاب في الجامعة هو نحو 10000 طالب.
في الجامعة، يتمتع كل أساتذة تدريس الفصول في الإنترنت بنفس المعايير والتوقعات لأساتذة طلاب الحرم الجامعي. وعند طلاب الإنترنت واجبات أسبوعية، وقراءات منسقة، ومحاضرات مرتبة، ومناقشات يديرها أساتذة.. وحتى واجبات منزلية مشتركة.
وقالت ميلي رودريغيز، مديرة قسم «أو دبليو بي بي» (مكتب مقررات الشبكة العنكبوتية) في الجامعة «لا يملك كثير من الطلاب فرص إنهاء العمل للحصول على درجة، أو الوقت أو المال. لكن بهذه الطريقة يمكن للواحد كسب الدرجة بعد الانتهاء من عمله، وبعد العشاء، وبعد اللعب مع أطفاله، وبعد وضعهم في السرير، وقراءة كتاب أطفال، أو إنشاد نشيد أطفال». وأضافت «عندما تجلس أمام كومبيوتر، وتدق على موقعنا، تدخل حرمنا الجامعي. وأول ما تقرأ هو ترحيب الجامعة بك، حتى إذا كنت على مسافة عشرة آلاف ميل».
في السنة الماضية، كانت هذه الجامعة هي الأولى في هذا البرنامج في الولايات المتحدة. وشهد بذلك مركز «آي جي جي أو إس» (مركز دليل تعليم الإنترنت) ورئاسته في كيركلاند (ولاية واشنطن)، ويقدم شهادات وتوثيقات للمقررات الجامعية على الإنترنت
أرسل تعليقك