عزيزى القارئ، مهما كنت مولعًا بقصص الحب والعشاق، أو حتى ضليع فى متابعة روايات الجريمة خاصة تلك التى تتعلق بالذئاب البشرية، فإنك لم تجد قصة حب مدمجة مثل تلك، اختلطت فيها الحكمة بالحماقة، والحصافة مع التهور، والرشد مع الطيش، بعدما ارتدى هذا العجوز الذى شارف على الثمانين من العمر، رداء الصبى المراهق، وراح بكل خسة، ورعونة، وسفاهه، يدبر لخطة اغتصاب سيدة ستينية واين؟، فى دار المسنين التى سكنها قبل عدة أعوام.
الواقعة حقًا مفزعة، ولولا أنه تم تسجيل أحداثها فى محضر رسمى بقسم شرطة العجوزة، لظن العقل أنها مجرد خيالات طائشة بلا مكابح. والآن إلى التفاصيل.
فى ليلة صيفية لطيفة، وبينما بدأت الشمس تسحب آخر خيوطها، كان العجوز الوسيم يقف امام مرآة غرفته، يتفحص بذلته الأنيقة، ويصفف شعره، وكأنه يضع اللمسات الأخيرة استعدادًا لذلك اللقاء المثير، الذى سينقله من عالم العشاق المستجدين، إلى واحد من كبراء الذئاب البشرية، ربما فى التاريخ بأكمله.
بعد لحظات، فتح العجوز الباب، متجهًا نحو الصالة المخصصة لمشاهدة التلفاز فى دار المسنين، وهو منفوخ رغم جسده النحيل، يتمايل كشاب يتمتع بشبابه، مستعرضًا كفتى يتمتع بالوسامة.
اقتربإلى جانب شاشة العرض، ينظر إلى جيرانه فى الدار من الرجال والنساء، يتفحص الوجوه قبل أن تسود ملامح الكآبة على وجهه، كما تنسحب منه أعراض الحيوية المفاجأة من جسده، وليختار كرسيه فى آخر الصفوف الخالية من أهل الدار.
فى تلك المرة، بدا العجوز على غير عادته، متوترًا، غير مبدي استعداده للالتحام فى حديث مع أى شخص، وبعد أن كان يستعرض أناقته ووسامته قبل لحظات، أصبح يحاول تجنب النظر إليه، وكأنه لم يأت بعد، مبديا اسفه بينه وبين نفسه أنه جاء من الأساس وجلس مع هؤلاء الجالسين، فمن يريدها لا وجود لها.
وأخيرًا بدأ ينسج خيوط خطته داخل عقله، قبل أن يختفى من صالة العرض دون لفت الانتباه.
لم تمر إلا لحظات قليلة، وحدث عجب العجاب، بعدما سمع اهل الدار طرقات قوية على أحد ابواب الغرف، بينما هناك صوت ضعيف يئن من الداخل ويحاول الصراخ.
عندما سارع موظفو الدار مع المقيمين صوب صوت الطرقات والصراخ، شاهدوا ما لم يكن فى الحسبان، العجوز الذى كان معهم منذ قليل فى صالة العرض وهو يرتدى بذلته الأنيقة، الآن أصبح عاريًا تمامًا ويحاول الدخول إلى غرفة احدى المسنات بالقوة.
ارتفع شهيق شهود العيان، وساد الصمت للحظات، وكأنه الصمت الذى يسبق تلك العاصفة الهوجاء، التى تحولت إلى تسارع ما بين موظفى الدار والمقيمين فيه إلى الإمساك بالعجوز المسن المشارف على الثمانين من العمر، ومحاولة إنقاذ ضحيته المستغيثة.
ومن جانب آخر وضع أقمشة على جسده النحيل لإخفاء عورته، إلا أن مقاومة العجوز بدت وكأنه قطار غشيم بلا مكابح، يحاول التخلص من ايديهم مثل عرسه بلا عظام، ولتستمر مقاومته لبضع دقائق حتى تمكنوا من السيطرة عليه، وإعادته الى غرفته ومن ثم إغلاق الباب عليه.
أما عن السيدة المسكينة، التى كانت فى رهن الضحية لبضع دقائق، قبل أن يتمكن الحاضرون من إنقاذها، أصبحت اشبه بالدمية التى قُطعت اسلاك التحكم بها، قبل أن تستطيع استرداد أعصابها وتشير إلى أنها كانت تجلس كعادتها فى غرفتها، وكانت تنوى بالفعل الخروج إلى صالة العرض مثلما تفعل كل يوم، لكن الإرهاق منعها من الدخول، فقررت الاستسلام للنوم.
وقبل الحادث بلحظات شعرت أن هناك أقدامًا هادئة تقترب من غرفتها، وهو ما جعلها تتحرك من سريرها وتقترب من الباب، وبعدها شاهدت هذا العجوز الذئب وهو يحاول التسلل الى غرفتها، وما كان منها إلا أن سارعت بإغلاق الباب ومحاولة الصراخ لعل احدًا يسمعها فى الدار الكبيرة ويهم بإنقاذها.
عندما عاودت اعصاب أهل الدار فى الالتئام مجددًا، قررت رئيسة الدار اتخاد الإجراء القانونى ضد العجوز الهادئ الذى تحول فجأة إلى ذئب مفترس، لتدفع بمحامى الدار إلى قسم شرطة العجوزة نيابة عنها، ويتم تسجيل محضر رسمى بتفاصيل ما حدث، وتبدأ الإجراءات القانونية فى اتخاذ مسارها ضد الذئب المذنب، باستدعائه للإدلاء بأقواله ومن ثم تحويله إلى النيابة العامة لمناقشته فيما تم اتهامه به.
وبعيدًا عن سياق التحقيقات، وما ستؤول به الأمور، سواء بإدانة العجوز، أو بطرده من الدار، أو مراعاة حالته النفسية والجسدية بتنازل الطرف الآخر، فإن المدهش فى الأمر، هو التحول المخيف الذى اصاب العجوز، خاصة وأنها المرة الأولى التى يدبر ويرتكب فيها هذا الفعل المشين.
وهو الأمر الذى يؤجج الأسئلة ويضيف إلى النقاشات التى تحوم بل تسيطر على أغلب قضايا التحرش والاغتصاب الجنسى، والتى تلقى اللوم دائمًا على الضحية بأنها لا ترتدى ملابس محتشمة، أو أنها تتباهى بإثارة مفاتنها، والضحية هذه كانت تستر جسدها بكامل ملابسها، ولم تتباهى بمفاتنها التى أرهقها الزمن، وأذبل معالمها، ولا هى صغيرة.
كما إن الذئب هذه المرة لم يكن شابًا ولا يُعتقد أن عمره وحالته الجسدية قد تسمح له بمحاولة الاغتصاب أو حتى التحرش بسيدة حتى ولو كانت ضعيفة لما بلغته من العمر. وهو الأمر الذى لابد وأن يتداركه أساتذة علم والنفس والاجتماع، فحتى ولو كانت حالة منفردة وشاذة، إلا انها حدثت، وتشير إلى أن السعار الجنسى الذى أصاب العجوز، لا يعترف بعمر، أو شكل، أو هيئة، يطول كبار السن، كما ينال الشباب والصبية، وضحاياه يمتد من الأطفال، إلى من بلغوا من العمر أرذله، كما إن مسرح الجريمة، أصبح غير معتاد كاصطياد الضحية من الأماكن الهادئة والخاوية، أو حتى خطفهن إليها، وإنما يصل إلى الأماكن المكدسة بالبشر، كما فى هذه الواقعة التى دارت تفاصيلها داخل دار مسنين.
الواقعة جد خطيرة، ويبدو أنها تحفر قاعدة مرعبة، تؤكد خلالها أن محركات العقل تنطفئ تمامًا، حينما تسيطر لحظات الجنس على اعصاب الذئاب، حتى ولو كان الذئب قد شارف على الثمانين من العمر.
قد يهمك ايضا
مفاجأة من العيار الثقيل بشأن قاتلة طفلتيها في شبرا الخيمة
نهاية مأساوية لفتاة بعد أسابيع من إطلاق سراح مغتصبها في أستراليا
أرسل تعليقك