صدمة وذهول على ملامحها، أثار طفيفة للحريق بوجهها وأصابعها، ندبات بقدميها، وساقها التي تبدل لونها للون الأزرق نتيجة سقوطها من الطابق الرابع، تجلس "مروة" صاحبة الـ 30 عاما، تسرد تفاصيل يوم من أسوأ أيام حياتها.
لم تتوقع "مروة" أم لثلاثة أطفال، انها ستُلقى بأولادها من "البلكونة" في يوم من الأيام، وأن زوجها سيلقيها بعدهم، في محاولات منهما لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه، من أرواح الأسرة الصغيرة.
ماس كهربائي، في شقة مروة وزوجها الكائنة بأحد شوارع منطقة "الوايلي"، تحول إلى حريق هائل، التهم كل ما أمامه من أثاث ومفروشات، ليتحول إلى أطفالها الصُغار "معاذ" 4 أعوام، والتؤام "أدم وأدهم" عام ونصف، فلم تجد الأم أمامها سوى إلقاء أطفالها من "البلكونة" خوفًا عليهم من الموت حرقا.
"الناس تلحقهم أحسن ما يتفحموا.. ومعرفتش أرمي إلا عيلين بس".. بعيون مُحدقة، ورعشة تسيطر على جسدها، حضنت "مروة"، أطفالها وهي تسرد الواقعة قائلة: "كان عندنا مشاكل في الكهرباء، بدأت تبان حتى على الحيطان، والأجهزة، بلغت صاحب البيت واتفق مع جوزي إنه هيحلها وزود علينا الإيجار، لكن اتأخر وملحقناش".
وتابعت السيدة الثلاثينية: "الجمعة اللي فاتت كنت تعبانة، نمت في الصالة أنا و"مُعاذ" و"أدم"، وابني التالت نايم في الأوضة مع قريبتي، وجوزي جه، ودخل الحمام يستحمى، مغابش دقايق لاقيته خارج يجري وهو بيصرخ ويقول قوموا، ملحقتش أفتح عيني، لاقينا النار كأنها سيول، نازلة من السقف للأرض".
وتابعت: "مدرتش بنفسي إلا وأنا باخد العيلين اللي كانوا جنبي في حضني وبجري على البلكونة أصرخ عشان الناس تلحقنا، لكن معرفوش يطفوا النار، اللي كانت دخلت البلكونة كمان".
لحظة قاسية لم تنسها الأم، فتسردها باكية: "فكرت أن الولد اللي في الأوضة اتفحم، قلت أنقذ الاتنين اللي باقين، النار كانت مسكت في هدومي وهدوم جوزي، وقبل ما تمسك في العيال قلت أرميهم من البلكونة وحد يلقفهم، بدل ما يتفحموا قدام عيني والنار تاكلهم".
وتتابع مروة: "عيطت وقعدت احضنهم وأبوس فيهم وأقولهم سامحوني والنبي عاوزة أنقذهم، محستش بنفسي إلا وأنا برميهم من الدور الرابع، لكن الناس كانوا جدعان، وحاطولنا بطاطين العيال اترمت عليهم، وحصلهم مزق بس، واتفاجئت أن العيل التالت قريبتي عرفت تجري بيه في الأول، وحدفته هو كمان من فوق، مماتش زي ما افتكرت".
موقف "مروة" تجاه ابنائها، لم يختلف عن موقف زوجها "وليد" معها، الذي أقنعها بإلقاء نفسها هي الأخرى، لكنها رفضت: "قولتله لا مش هسيبك، مش هعرف أربيهم لوحدي وأسيبك تموت، إحنا مالناش غيرك، لكن مسمعش كلامي وزقني بكل قوته، وقعت على المنشر على رجلي، وبعدها نزلت على البطانية".
واستكملت حديثها: "حصلي كسور طفيفة، وحروق بسيطة من هدومي اللي مسكت فيها النار، لكن أنا وولادي عايشين".
تدخل رحمة ربنا أنقذت رب الأسرة أيضًا، الذي ألقى بنفسه هو الآخر، إلا أن إصابته كانت الكسور البالغة، وبعض الحروق".
وتتابع "مروة": "جوزي في المستشفى والشقة ولعت، والعفش وكل حاجة راحت، بس عيالي عايشين وأنا كمان، لولا الناس والجيران، اللي حطولنا البطاطين كان زمانا اتفحمنا في النار".
وتستكمل مروة مأساتها: "أنا قاعدة عن أمي مؤقتًا، لحد ما ربنا يفرجها، بس العيال عندهم عقدة، كل شوية الولد الكبير يقولي انتي حدفتيني من البلكونة، ويصرخ لو عدى من جنب أي شباك، وأنا حالتي النفسية وحشة مش مصدقة اللي حصل، مش مصدقة أني قلبي طاوعني ارميهم، بس أنا والله خوفت عليهم، ولا مصدقة إننا لسة عايشين لحد دلوقتي".
لقطات مصورة للحريق، وللمنزل عقب التهامه بالنار، حصل عليها "هن" توثق لحظات الرعب التي عاشتها الأم وجيرانها سويًا.
قد يهمك أيضًا
تفاصيل اتهام "فراش" بالتحرش بطفلة ومحاولة التعدي عليها داخل مدرسة
ضبط عامل تحرش بطفلة نائمة داخل محل في حلوان
أرسل تعليقك