c العنوسة تفرز ظواهر وسلوكيات إجتماعية جديدة - مصر اليوم
توقيت القاهرة المحلي 22:18:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العنوسة تفرز ظواهر وسلوكيات إجتماعية جديدة

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - العنوسة تفرز ظواهر وسلوكيات إجتماعية جديدة

العنوسة
القاهره - مصر اليوم

رغم أن الكثير من الفتيات في المجتمعات العربية أصبحن مقتنعات بأن المعلومات القديمة عن “العنوسة”، باتت فكرا متخلفا، تترتب عليه تداعيات خطيرة، وتبرزن أن العنوسة ليست فيهن، وإنما في فكر مجتمع ينظر أفراده إلى من تعدت الخامسة والثلاثين، على أنها “حالة شاذة”، يتحسّرون عند رؤيتها، ويدعون لها سرا وجهرا، وأحيانا يتاجرون بها، لكن القضية تمثل ألمًا ومعاناة لا حدود لهما عند النساء.

صحيح أن فتيات هذه الأيام يعلن الثورة على فكرة الزواج، بحجة أن هناك أشياء أخرى في الكون أهمّ وتستحق أن تُكتشف، وأن الزواج يعطل هذه الاكتشافات، ويضربن المثل بأخريات، طرقن مجالات عديدة، فاستطعن من خلالها إثبات ذات لا تمت بصلة إلى مجتمع “العوانس”.

وصحيح أن فتيات تعدين الأربعين من العمر أصبحن يتساءلن: ما معنى أن يفوت القطار؟ وما المانع إذا فات من أن “يلف ويرجع تاني”؟ والكثيرات رفعن شعار “عانس وأفتخر”، و“عانس ولي الشرف”، أو “عانس وتعجبني نفسي.. فالرجال سدّوا نِفسي”، مع ذلك فإن شبح العنوسة لا يزال جاثما على أرواح وعقول كثيرات.

متخصصون أطلقوا على تلك الشعارات “شيزوفرينيا” (الانفصام.. وترديد الشيء وضده في ذات الوقت)، وأوضحوا أن إدعاء اللامبالاة يتنافى مع الحقيقة، وأن القضية تؤرق مضاجع المجتمع بأسره، وتشكّل هاجسا لكل من لديه فتاة لم تتزوج، بل ويثير حساسية شديدة بمجرد ذكره أو التلميح به، حتى لو كان ذلك من خلال لوحة إعلانات. ومؤخرا ثارت منظمات حقوق المرأة في مصر، واشتعل الغضب في البرامج والمواقع الإلكترونية، لمجرد تعليق إحدى شركات الزيوت للافتات إعلانية في الشوارع، مكتوب عليها “إنتي عانس؟”.

وكاد الأمر أن يصل لتحويل الشركة المعلنة للنيابة العامة من قبل جهاز حماية المستهلك (حكومي)، غير أنها قامت في غضون 24 ساعة بإزالة اللافتات، واستبدالها بأخرى مكتوب عليها “إنتي الأقوى من أي مثل” (في إشارة إلى الأمثال الشعبية العديدة عن العنوسة).

الشركة المعلنة أوضحت على لسان نادر خليل (صاحب الشركة المنفذة للحملة)، أن الهدف هو تغيير المسميات المهينة للمرأة، من خلال استخدام أسلوب الصدمة، فاستخدام المصطلحات الصادمة

يساهم في علاج المشكلة، وتنبيه الناس إلى الكف عن استخدام الأمثال الشعبية، وترديد الكلمات المأثورة التي تهين الفتاة، خاصة في ما يتعلق بتأخر الزواج، واعتبر أن الحملة هدفها أن تكون جزءًا من مبادرة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، باعتبار 2017 عام المرأة.

لكن ما أطلق عليه صاحب الشركة “المصطلحات الصادمة” يمثل في الحقيقة قضية في حد ذاتها، لأنه يوضح إلى أي مدي مازالت صفة “عانس” مُشكلة قائمة، تسبب خيبة أمل لكل فتاة لم تتزوج، فهي جرح دفين لا يلزمه غير المشرط لكي تئن صاحبته وتتوجع.

لم يقتصر الإعلان فقط على “إنتي عانس” بل تضمن أمثلة أخرى احتوتها اللافتات الإعلانية، ونددت بها السيدات، واعتبرتها البعض منهن إساءة كاملة في حق المرأة، لأنه يذكرها بعنوستها، وببحثها عن الزواج بأي طريقة، ومن بين تلك الأمثال “ظِل رجل ولا ظل حائط” و“عريس في البيت ولا شهادة على الحائط” و“الأنثى لو طلعت إلى المريخ ليس لها غير الطبيخ”.

باحثون نفسيون واجتماعيون أكدوا، أن الثورة على مثل تلك الإعلانات، إن دلت على شيء، فإنما هي دليل قاطع على أن المشكلة تؤرق المجتمع بأسره، والذي بدا وكأن “على رأسه بطحه (عيب)”، وأوضحوا أن صاحب الشركة يدرك جيدا ما تمثله كلمة “عانس” للفتاة وللأسر المصرية والعربية، فتلاعب بها، وداس على الجرح.

وأوضح محمد عبدالواحد، أستاذ الطب النفسي بالقاهرة، أن كلمة “عانس” مازالت تعدّ وصمة عار لفئة معينة في المجتمع مهما بدا الأمر غير ذلك، وأشار إلى أن ذلك يعد نوعا من الإهانة النفسية للفتاة في عقلها الباطن، وهو ما جعل أصحاب النفوس الضعيفة يستغلونها في شعاراتهم بصورة هزلية، لمعرفتهم أن ذلك سيؤثر بشكل سلبي على الفتاة. وقال، إن مصطلح العنوسة يحمل انتقاصا من قيمة الفتاة المتأخرة في الزواج، ويرتبط حتما بنظرة المجتمع الدونية لها كشخص ناقص، وهذا ما يجب العمل على تغييره من أجل الانتهاء من تلك المصطلحات المعيبة.

وأكدت فتيات”، أن العنوسة مشكلة اجتماعية تؤرق الكثيرات منهن، وتثير الحساسية لديهن، وتؤدي إلى ثورتهن عندما يشعرن بأن قضاياهن أشبه بالعلكة، يضعها من يشاء في فمه ليمضغها ثمّ يبصقها أرضا، وقلن إن ارتباط لفظ “العانس” بالأنثى التي لم يسبق لها زواج يسيئ إلى الفتيات، ويعدّ إهانة لكرامتهن.

ماهي محمود الأشرم، القائمة على تنفيذ التصميم الخاص بإعلان “إنتي عانس”، ومسؤولة التواصل بالحملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أوضحت أن اللوحة الإعلانية كانت تحمل صورة لفتاة تبدو حزينة، ومكتوبًا عليها “إنتي عانس؟” وتحمل هاشتاغ “إنتي المَثَل”.

وقالت، إن الهدف توضيح الأذى النفسي الذي يقع على الفتاة نتيجة استخدام المجتمع لأمثال شعبية وألفاظ جارحة متداولة، وإن الوقت قد حان لتغيير هذا الفكر، الذي يرى أن زواج الفتاة أهم من النجاح والطموح، وأيضا مناهضة استخدام الألفاظ والأمثلة الشعبية المسيئة للمرأة.

تغيير اللوحات واستبدالها بأخرى، ظهرت بها فتاة تبدو على ملامحها القوة، ومكتوب عليها “إنتي أقوى من أي مثل”، لكن القوة الظاهرة في الصورة ربما تخفي خلفها ما تعانيه الفتاة عندما تلتصق بها صفة “عانس” في مصر والمجتمعات العربية.

مي سمير، الناشطة الحقوقية بمركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونيّة، أوضحت أن العنوسة مشكلة اجتماعية واقتصادية لا يمكن لعاقل أن يتغافل عنها، وعلى الرغم من تقدّم المرأة وحصولها على مكتسبات كثيرة، إلا أن كلمة “عانس” تثير مشاعر السيدات في مختلف الأعمار. وأكدت” أن العنوسة تعدّت النوع، وتغلغلت في الفكر المجتمعي، بل وأصابت البعض منهن بالانفصام، وتساءلت: كيف تكون العنوسة مشكلة يحاول البعض إيجاد حلول لها، وفي نفس الوقت يحاول آخرون التقليل من شأنها، ويختزلونها فقط في الإطار النظري الذي يتعرض لحجم المشكلة بالإحصاءات والدراسات، فيحولون الملايين من الفتيات إلى مجرد أرقام؟

سامية قدري، أستاذة علم الاجتماع، رأت أن عانسات العالم العربي، برغم ما تدّعينه من لامبالاة، يعشن أنينا في صمت، لأنّ قطار الزواج لم يقف عند محطتهن، ومازلن يقفن على رصيف الانتظار، وإن أنكرن ذلك، فدائما ما يذكرهن المجتمع بالأزمة، ولا يتردّد في ملاحقتهن بالأعين والألسنة.

وأوضحت، أن الفتاة “العانس” تشعر بالوحدة، بالرغم من كثرة الناس حولها، حيث تعاني من الغربة والإحساس بالدونية، ويقوي من ذلك الفراغ النفسي والحرمان العاطفي من دفء الأسرة والأمومة، وتكون الفتاة عرضة للقلق والاكتئاب.

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العنوسة تفرز ظواهر وسلوكيات إجتماعية جديدة العنوسة تفرز ظواهر وسلوكيات إجتماعية جديدة



ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 09:51 2024 السبت ,08 حزيران / يونيو

أنواع مختلفة من الفساتين لحفلات الزفاف

GMT 06:29 2015 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

قضية فرخندة مالك زادة تفضح ظلم القضاء الأفغاني للمرأة

GMT 19:55 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنانة فاتن الحناوي بسبب إصابتها بفشل كلوي

GMT 03:38 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة التخطيط تؤكد أن 5000 فدان في الفرافرة جاهزين للزراعة

GMT 22:33 2016 الجمعة ,18 آذار/ مارس

طريقة عمل البوظة السورية

GMT 09:56 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

توقيع رواية "ودارت الأيام" في بيت السناري

GMT 12:56 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

Snapchat سيتيح للمستخدمين قريبا تغيير "اسم المستخدم" الخاص بهم

GMT 06:41 2021 السبت ,19 حزيران / يونيو

الأرجنتين يتخطى عقبة أوروجواي بهدف نظيف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon