تواجه قضية نورا حسين السودانية منذ بدايتها وحتى الآن تباين كبير في الآراء بعد أن شغلت الرأي العام والمنظمات الحقوقية، بخاصة بعد أن أصدر القضاء قراره بالحكم عليها بالإعدام شنقا حتى الموت إثر إدانتها بقتل زوجها طعنا بالسكين.
وتعيش نورا البالغة من العمر 19 عامًا والتي أجبرت على الزواج وهي في الـ 16 من عمرها، في سجن النساء المعروف في منطقة أم درمان، غربي العاصمة السودانية الخرطوم، أياما عصيبة بعد أن حكم عليها مطلع شهر مايو /أيار بالإعدام شنقا حتى الموت إثر إدانتها بقتل زوجها طعنا بالسكين، .
وأقدمت نورا، على طعن زوجها الذي يمت لها بصلة قرابة بعد أن "اغتصبها" بمساعدة أفراد من عائلته بعد أن ظلت ترفض معاشرته جنسيا في أعقاب إجبارها على الزواج منه.
وتصر عائلة الزوج المقتول على تنفيذ حكم الإعدام لأن الفتاة "جرحت كبرياءهم بقتلها لابنهم بالسكين"، كما قال أحد أقاربها لبي بي سي، لا تزال الفتاة تعيش في شبة عزلة داخل السجن منذ أن دخلته في يونيو/حزيران عام 2017 بعد مقاطعة أهلها لها بعد الحادثة؛ لكن وفدا من مفوضية حقوق الانسان - التابعة لرئاسة الجمهورية - زارها في السجن الأسبوع الماضي.
ويقول عبد الناصر سديم عضو المفوضية، إلى موقع "بي بي سي" عربي "إنهم جلسوا معها واستمعوا لروايتها لما حصل"، وأضاف أنها "بصحة جيدة ومعنويات معقولة"، وأوضح أنهم "يحترمون أحكام القضاء ولا يعلقون عليها"، ولكنهم في المقابل سيسعون للوصول إلى تفاهمات بين أطراف القضية لحلها بشكل ودي بعد اكتمال كافة مراحل التقاضي.
وذكر محامي الدفاع عنها عادل محمد الإمام،أنهم سيستأنفون حكم المحكمة بحلول 25 من هذا الشهر.
وشغلت قضية نورا الرأي العام في السودان وأصبحت جزءا من أحاديثهم اليومية إلى جانب قضايا أخرى مثل شح الوقود وغاز الطهي وارتفاع اسعار السلع الاستهلاكية في شهر رمضان.
وتباينت آراء السودانيين بشأن قضية نورا؛ فترى ابتسام عبد الرحمن، وهي موظفة تعمل في القطاع العام، أن نور ضحية للعادات والتقاليد السائدة في المجتمع، وتقول "هي أُجبرت على الزواج من شخص لا تريده وعندما حاول أن يجامعها بالقوة دافعت عن نفسها وطعنته. أعتقد أنها ضحية وليست جانية".
وتقول علوية عز الدين، التي تعمل في تجارة التجزئة "إن نور ارتكبت جرما كبيرا ويجب أن تعاقب عليه"، مضيفة أنه لا يمكن إلى أي امراة أن تقتل زوجها مهما كان السبب حتى لو اعتدى عليها جنسيا، يمكنها أن تقاوم بطرق قانونية أو حتى تغض الطرف عن ذلك، ولكن أن تقتل زوجها بالسكين فهذا أمر غريب ومرفوض بالنسبة لي".
ورفض أهل المجني عليه تعويضًا ماليًا يعرف في المحاكم السودانية بالـ "دية" عرضته عليهم أسرة نورا حتى لا ينفذ فيها حكم الإعدام، وتمسكت عائلة الزوج المقتول بالقصاص رغم المحاولات المتكررة من قبل أطراف عدة تدخلت لإبعاد نورا عن حبل المشنقة.
وقال علي آدم، وهو أحد أقارب القتيل "إن سبب الرفض يعود إلى شعورهم بالإهانة من الواقعة وإنها "جرحت كبرياءهم بقتلها لابنهم بالسكين".
وقال إلى "بي بي سي"، "رفضنا كل محاولات الجودية "الصلح" ودفع الدية لأن ما فعلته نورا، وهي على صلة قرابة بنا، أمر لا يمكن أن يُسكت عنه. كيف تقتل زوجها بعد أن رفضت زواجه. إنها إهانة كبرى بالنسبة لنا. ولو دفعوا لنا كل أموال الأرض لما تراجعنا عن موقفنا".
وأضاف آدم الذي كان يتحدث عبر الهاتف بلغة غاضبة: "إذا تركناها، فإن هذا الأمر سيفتح الباب أمام النساء لرفض الزواج من الرجال دون سبب معقول. وهي لماذا ترفض الزواج منه أصلا. هل به أي عيب. ألم يكن رجلا مقتدرا؟".
وشهدت إحدى محاكم أم درمان بعد أيام قليلة على صدور حكم الإعدام بحق نورا حتى نفذت حكما بجلد إحدى الزوجات بـ 75 جلدة وتغريمها بعد أن سجنت لمدة 6 أشهر في أعقاب اتهامها بالزواج من دون موافقة والدها الذي أبطل الزواج، ومع أن المرأة تزوجت بوجود شهود ومأذون شرعي وعاشت مع زوجها لسنوات وأنجبا طفلا، اعتبر قاضي المحكمة الزواج غير شرعي، وأمر بحبسهما.
وتقول تهاني عباس الناشطة في مجال حقوق المرأة وعضو مبادرة "لا لقهر النساء"، "إن يوم تنفيذ حكم جلد المرأة كان "أسوأ يوم" مر عليها، فقد كان "كابوسا جاثما على صدري"، وأشارت إلى أنها كانت تحمل ابن المرأة خلال تنفيذ عقوبة جلدها.
وأضافت "كان منظرا مؤلمًا. كانت تتلقى السياط على ظهرها وهي تتألم بصمت. لقد اختارت الجلد لأن الخيار البديل كان أن تعود للسجن مرة أخرى لمدة ثلاثة أشهر بحسب القانون"، وتعتبر عباس أن المرأة في السودان ظلت معرضة لما وصفته "بالانتهاكات والإهانة" من قبل السلطات الرسمية من جهة بسبب بعض القوانين، وبسبب بعض عادات وتقاليد المجتمع.
وأضافت "هنالك قانون النظام العام الذي صمم لإهانة المرأة وخاصة المادة 152 المتعلقة بما يسمى الزي الفاضح؛ فمن خلال هذه المادة تتعرض النساء للابتزاز والجلد والسجن والغرامة بشكل يومي في المحاكم"، وفيما يخص قضية نورا تقول عباس: "تم تزويجها دون رضاها وهي قاصر. وبعد ذلك يتم اغتصابها من قبل زوجها بمساعدة أفراد من أسرته ورضا والدها.
وعندما اشتد الأمر عليها حاولت الدفاع عن نفسها ضد الكثير من الظلم الذي لحق بها".
وتضيف "هي واحدة من كثيرات يتعرضن للانتهاكات بشكل مستمر ويومي".
أرسل تعليقك