نيودلهى ـ أ.ف.ب
بسبب عدم وجود مراحيض في الكثير من القرى الهندية، تنتظر الفتيات هبوط الليل للذهاب الى الحقول لقضاء حاجاتهن بعيدا من المنازل، في تحركات محفوفة بالمخاطر خصوصا بعد حوادث اغتصاب وجريمة قتل لفتاتين في الايام الماضية.
فقد عثر على قريبتين تبلغان 12 و14 عاما متوفيتين شنقا على شجرة الاربعاء الماضي في بلدة كاترا شهادتغانج الفقيرة في منطقة اوتار براديش (شمال).
وقد تعرضت الفتاتان للاعتداء خلال تنقلهما في الحقول للذهاب الى الحمام في الظلام بحسب اقرباء لهما. واشارت الشرطة الى انهما تعرضتا للاغتصاب قبل ان يعمد المعتدون الى شنقهما.
وقالت قريبة لاحدى الفتاتين "الامن كان دائما مشكلة. الرجال، خصوصا اولئك الذين ينتمون الى طبقة اعلى، يراقبوننا ويشتموننا".
وسلطت هذه الحادثة الضوء مجددا على العنف الذي تتعرض له النساء في الهند.
وقد تصدرت مأساة مقتل هاتين الفتاتين عناوين الصحف الهندية والعالمية، بعد عام ونصف العام على الاغتصاب الجماعي لطالبة جامعية من الطبقة المتوسطة في نيودلهي ما ادى الى وفاتها بعد اصابة خطيرة تعرضت لها خصوصا بسبب التعذيب الذي مارسه المعتدون عليها.
والعنف مشابه في الحالتين لكن الظروف مغايرة. فالفتاتان اللتان لا يمكن كشف اسميهما بموجب القانون الهندي، تعرضتا للاعتداء بسبب عدم وجود مراحيض في منزلهما وقريتهما.
وتشير تقديرات منظمةالامم المتحدة للطفولة (يونيسف) الى ان 594 مليون هندي -- اي ما يقارب نصف عدد السكان -- عليهم قضاء حاجاتهم في العراء. وللحفاظ على خصوصيتهن، تنتظر الكثير من النسوة هبوط الليل للقيام بذلك الا ان هذا الامر ينطوي على مجازفة كبيرة تتمثل بلقاء اشخاص غير مستحبين في الظلام.
وقالت كارولين ويلر التي تعمل لحساب منظمة "ووتر ايد" غير الحكومية لوكالة فرانس برس "انها اللحظة التي تشعر فيها اامرأة انها الاكثر ضعفا ومجرد التفكير بأن ثمة نساء عليهن مواجهة مثل هذه المخاطر للذهاب الى المراحيض امر يثير الصدمة".
ويتفق المسؤولون السياسيون الهنود بمختلف توجهاتهم على المساوئ الصحية والاجتماعية الناجمة عن هذا النقص في المراحيض.
وفي نهاية 2013، قبل خمسة اشهر على انتخابه قائدا للبلاد، اشار رئيس الوزراء الهندي الحالي ناريندرا مودي الى ان حزبه القومي الهندوسي سيعطي اولوية لاقامة المراحيض على بناء المعابد. وقال "اولا المراحيض من ثم المعابد".
الا ان التحديات هائلة في هذا البلد ذي البنى التحتية المتداعية وحتى المعدومة. وتفتقر المناطق الريفية في الهند للمراحيض لكن ايضا لطرقات بحالة سليمة وللكهرباء ومياه الاستهلاك.
وفي المناطق الاكثر فقرا في الارياف، يشعر السكان بان حاجاتهم ترتدي اهمية اقل بالمقارنة مع تلك التي يبديها سكان المدن وابناء الطبقة المتوسطة الناشئة.
وعندما سألت صحافية وزيرا في ولاية اوتار براديش عن الازدياد الكبير في عدد حالات الاغتصاب في الولاية، اجاب الوزير "انت لم تتعرضي لاعتداء اليس كذلك؟ حسنا، ماذا تريدين؟ هنيئا لك وشكرا".
وحاول الوزير تحسين موقفه في وقت لاحق واصفا جريمة قتل الفتاتين بأنها "محزنة" داعيا القضاء الى الاسراع في تحقيقاته لمحاكمة المرتكبين.
وقد اعتقلت الشرطة خمسة رجال بينهم ثلاثة اتهموا بالقتل والاغتصاب الجماعي، في حين اتهم الاثنان الاخران وهما شرطيان بالتواطؤ في الجريمة.
وفي مقابلة مع وكالة فرانس برس، اكدت احدى قريبات الضحيتين انها تريد رؤية المذنبين يحاكمون ويدانون، كما طالبت بانشاء شبكات للصرف الصحي في البلدة.
وقالت "عادة لا اخاف من الحقول والغابات والافاعي والحيوانات المتوحشة. لكنني اشعر بالتوتر عندما اذهب الى الحقول لقضاء حاجتي. اريد من الحكومة ان تبني مراحيض في القرية، على الاقل هذا الامر".
أرسل تعليقك