لا شك أن كل شيء يسير بشكل طبيعي دون تدخل خارجي هو اﻷفضل على الإطلاق، ولكن في بعض الحالات نضطر إلى اللجوء لوسائل أخرى؛ لحمايتنا من مخاطر أكبر.
في بعض حالات الولادة الطبيعية يلجأ اﻷطباء إلى إعطاء السيدة الحامل طلقا صناعيا؛ ليساعدها على الولادة، وهذا بالطبع في حالات محددة.
ولكن ما الفرق بين الطلق الطبيعي والطلق الصناعي؟ وهل هناك ما يميز كلاهما عن الآخر؟
هناك 6 اختلافات جوهرية بين الطلق الطبيعي والصناعي..
تأثير الهرمونات أثناء الطلق:
في حالة الطلق الطبيعي: عند بدء آلام الولادة يفرز الجسم هرمون اﻷوكسيتوسين المسئول عن تنظيم الانقباضات في الرحم، في الشهور الأولى للحمل يعمل الهرمون أيضا ولكن بشكل أقل حيث تكون مستقبلات الأوكسيتوسين في الرحم قليلة لحمايتك من خطر الولادة المبكرة.
مع التقدم فى شهور الحمل تزيد المستقبلات في الرحم حتى تصل إلى ذروتها عند وقت الولادة، وتبدأ العمل على تهيئة العضلات وتمدد عنق الرحم حتى يكون مهيأ للولادة.
يفرز الجسم هرمون اﻷوكسيتوسين على شكل نبضات تصل بشكل متقطع غير متواصل إلى الرحم وتزيد تدريجيا وليس مرة واحدة، ففي البداية يكون الفرق بين الطلقات من 20-30 دقيقة حتى تصل في النهاية قرب خروج الطفل إلى 30 ثانية فقط. وبالطبع هذا يمنحك فترة كافية للراحة بين الانقباضات طوال مرحلة الولادة.
أما في حالات الطلق الصناعي: فجسمك وطفلك لم يستعدا للولادة بعد ولا يوجد مستقبلات كافية في الرحم، وبالتالي فهو يحتاج إلى كمية ضخمة من الأوكسيتوسين لبدء الولادة والحصول على انقباضات بشكل منتظم.
لذا ستكون الانقباضات فجائية بمجرد الخضوع للحقن بالطلق الصناعي، كما أنها ستكون متصلة، والفرق بين كل انقباضة واﻷخرى دقيقة، وستكون مدة كل انقباضة من 40-60 ثانية.
الفرق هنا أن جسمك لن يسمح له بالراحة بين الانقباضات التي ستكون قوية وسريعة وبالطبع لا يمكن إيقافها، فبمجرد البدء يجب الوصول إلى الهدف ونزول المولود حتى إن اضطر الطبيب فى النهاية إذا لم يجد نتيجة لإجراء عملية قيصرية.
اﻷلم الناتج عن الانقباضات:
في الطلق الطبيعي: هرمون الأوكسيتوسين هو المسئول عن تجهيز الرحم واستعداده للولادة، بمجرد أن يبدأ الرحم في التمدد تبعث مستقبلات اﻷلم برسالة إلى الدماغ فيطلق في الحال الأندورفين (وهو أقوى 10 مرات من المورفين) لتسكين الآلام في كل أنحاء الجسم.
ومع زيادة الانقباضات نتيجة زيادة هرمون الأوكسيتوسين، يطلق الدماغ كمية أكبر من الأندروفين.
أما عند الحقن بالطلق الصناعي: فمن الصعب على الدماغ إفراز الأندروفين؛ ﻷن الطلق يحدث فجأة، لذلك ولتخفيف اﻷلم سيعطيك الطبيب حقنة أبديورال (Epidural)؛ لتخفيف الآلام.
الحركة أثناء الطلق:
في الطلق الطبيعي: تستطيعين الحركة بسهولة في المراحل اﻷولى للطلق حتى تجدي الوضع المناسب والمريح لك، ولتساعدي طفلك أيضا على الحركة بسهولة لتصحيح وضعه داخل الرحم.
كما أنك تستطيعين أخذ حمام ساخن أو استخدام مسبح الولادة (الولادة في الماء) بالطبع هذا بمساعدة الزوج والفريق الطبي المرافق لك.
أثناء الطلق الصناعي: في البداية يجب اتخاذ وضعية ثابتة، ثم بعد ذلك من الممكن التحرك بشكل متقطع إذا كان الجنين في وضعبة غير مريحة، ولكن لا يمكنك أخذ حمام دافئ أو الولادة في الماء.
التأثير الناتج لحظة خروج الجنين:
أو ما يسمى بانعكاس خروج الجنين، وهو رغبة الجسم القوية في الدفع حتى يخرج الجنين وهي شيء غير متحكم فيه!
في الحالات الطبيعية: عند زيادة هرمون الأوكسيتوسين ووصوله إلى أعلى درجاته وتمدد عنق الرحم يحفز الهرمون الجسم لمزيد من القوة لدفع الجنين لخارج الرحم، ومن العجيب أن هذه اللحظة يفرز فيها الدماغ الأدرينالين لإعطائك مزيدا من الطاقة التي تحتاجين لدفع الجنين بقوة أكبر.
أما في حالات الطلق الصناعي: لا يصل هرمون اﻷوكسيتوسين إلى أعلى درجاته وبالتالي لا تتولد هذه القوة لدفع الجنين كما أنه من الممكن أن تكوني تحت تأثير اﻷبديورال.
لذا في هذه الحالة يتدخل الطبيب لمساعدتك في خروج الجنين عن طريق الملقط الطبي وبعض اﻷدوات اﻷخرى.
الأوكسيتوسين الطبيعي يحمي دماغ الطفل:
أثبتت الدراسات أن هرمون اﻷوكسيتوسين الذي يفرزه جسمك أثناء الولادة يحمي دماغ الجنين في لحظات نقص الأكسجين، فبزيادة النبضات يزيد إفراز الهرمون فتزيد قدرته على حماية دماغ الطفل من أي خطر.
في حالة الطلق الصناعي: كما ذكرنا سابقا يكون هناك قلة في إفراز الهرمون، وبالتالي في حالة الانقباضات الشديدة إذا لاحظ الطبيب أي تغير في نبضات قلب الجنين أو أي رد فعل غير طبيعي يتدخل فورا بعملية قيصرية؛ للحفاظ على سلامة الجنين.
مرحلة ما بعد الولادة:
بعد خروج الجنين بسلامة وأمان تكون هذه اللحظة هي أعلى نقطة يصل إليها هرمون اﻷوكسيتوسين على الإطلاق، تقول اﻷبحاث إن هذا الهرمون يزيد من قوة العلاقة والحب الذي يتكون بينك وبين طفلك، هذا الترابط ليس مهما فقط لطفلك بل إنه يؤثر مباشرة على حالة جسدك.
كما أن النزيف الناتج عن عملية الولادة سيكون قليلا جدا في الحالات الطبيعية، ولا تحتاج أغلب الحالات إلى تدخل الطبيب.
في حالات الطلق الصناعي: يحدث في بعض الحالات نزيف غير متوقع، ولكن هناك حالات أيضا تكون مثل الحالات الطبيعية ولا تحتاج إلى التدخل.
ليس الهدف من هذا المقال أن تخافي من فكرة الطلق الصناعي فهو كأي علاج طبي له آثار جانبية، إنما الهدف أن نكون على وعي بالمعلومات والنتائج لكل من الطلق الطبيعي والصناعي، وأن يكون المرجع النهائي هو الطبيب فهو من يرى إلى أي حد تحتاج الحالة إلى تدخل.
وما أريد أن أؤكد عليه ألا تلجئي إلى الطلق الصناعي لمجرد الراحة والاستعجال في الولادة وأنتِ ما زال أمامك الوقت الكافي، وأن تسألي طبيبك إذا قرر إعطاءك طلقا صناعيا عن اﻷسباب الطبية لتكوني على دراية كافية فتكوني في حالة نفسية جيدة أثناء الولادة.
والمهم أن يولد الطفل سليم معافى وتكوني بصحة جيدة بعد الولادة لتتمكني من التواصل معه بشكل جيد، فأنتما تحتاجان إلى بعضكما.
أرسل تعليقك