يطلق على قرية دايسيونغ-دونغ بكوريا الجنوبية العديد من الأسماء، من بينها “قرية السلام”، كما يعرفها الكثير من سكان البلد الآسيوي بـ”الجزيرة المحاطة بالطين” أو “قرية اللا شيء”، ويضاف حاليا إلى هذه المسميات اسم جديد هو “أول قرية تستخدم تكنولوجيا الجيل الخامس في الإنترنت”.
وقد تحقق ذلك بالفعل منذ يونيو/حزيران الماضي لتمتلك القرية الجيل الأخير من تقنيات هذه التكنولوجيا المتطورة ومعايير الاتصالات اللاسلكية بفضل الاستثمار المعلن لشبكة الهواتف المحمولة الكورية كي تي (KT).وتحاول هذه الشبكة إثبات أنها تمكّنت من تحويل هذا المكان المعزول على الحدود مع كوريا الشمالية إلى قرية تسود بها التكنولوجيا الذكية أو ما يعرف بالقرية الذكية “smart village”.
قرية غريبة ولكنها ذكية
ويعيش في القرية نحو مئتي شخص، وتقع على مسافة خمسين كيلومترا شمالي العاصمة الكورية الجنوبية سول، وتعطي انطباعا بأنها مكان مسالم، إلا أنه منذ انتهاء الحرب الكورية (1950-1953)، أصبحت من أكثر الأماكن الموضوعة تحت المراقبة جنوبي الجزيرة الكورية.
اقرأ أيضًا:
"ديل" تُحذِّر مُستخدميها من ثغرة برمجية تهدد ملايين الحواسب
وتعتبر دايسيونغ-دونغ القرية المدنية الوحيدة في هذه المنطقة منزوعة السلاح، وتعتبر صمام أمان لتجنب الأعمال الاستفزازية بين كوريا الجنوبية وكوريا الشمالية، الدولتين الجارتين اللتين يسود بينهما التوتر.
ويوجد بالقرية 46 بيتا، تعتمد في معظم احتياجاتها على الخارج، فلا يوجد بها أي محل “سوبرماركت” أو عيادة طبية. أما سبل الترفيه المتاحة للسكان وغالبيتهم من العجائز فتكاد تكون شبه معدومة. في الوقت نفسه تصبح الإجراءات الأمنية ونقاط التفتيش أكثر صرامة في كل مرة تستقبل القرية زيارة خارجية.
ويتمتع سكان هذه المنطقة الذين يعيش غالبيتهم على الزراعة، بامتيازات معينة، فهم معفون من دفع الضرائب، ويتقاضون راتبا مرتفعا نسبيا، فضلا عن أن الرجال ليسوا ملزمين بأداء الخدمة العسكرية. ومع ذلك، ما زال مفروضا على الجميع حظر التجوال الليلي، بالإضافة إلى قضاء ثمانية أشهر سنويا في القرية، لكيلا يفقدوا حقهم في الإقامة بها.
ومع ذلك أصبح السكان يتمتعون الآن بأفضل شبكة اتصالات موجودة في الوقت الراهن، حيث تعتبر شبكة الهاتف الخلوي من الجيل الخامس أسرع بكثير في نقل البيانات، كما أنها تتيح الاتصال الفوري تقريبا بالعديد من الأجهزة في الوقت نفسه.
ويقول كيم دونغ جو من سكان القرية، “سمعنا أن الجيل الخامس يجعل الحياة أكثر راحة وبساطة”.وتعتبر شبكة الربط في دايسيونغ-دونغ جزءا من مشروع “جيجا ستوري” الذي بدأ العام الماضي لتسهيل الدخول بسرعة أكبر على الإنترنت خصوصا في المناطق النائية.
مزرعة سعيدة بضغطة زر
أصبح بوسع المزارعين ري حقولهم ومتابعة نمو محاصيلهم وماشيتهم عن بُعد، باستخدام أحدث وسائل التكنولوجيا.
ويوضح المزراع يونغ سيوب، “الآن -في كثير من الأحوال- الأمر لا يعدو أكثر من مجرد ضغطة على زر، من خلال تطبيق على الهاتف الجوال لتشغيل منظومة الري المركبة في أحد الحقول”، مضيفا “يمكنني التحكم بعملية الحرث من العاصمة سول، الأمر أصبح عمليا أكثر بكثير من ذي قبل”.
يشار إلى أنه مع تطور التكنولوجيا، أصبح من الممكن الآن، بالإضافة إلى زراعة الأرز والصويا والفلفل بأنواعه، وغيرها من الخضروات، التجرؤ على زراعة محاصيل فاكهة لم يسبق أن عرفتها بلدة دايسيونغ دونغ، مثل الفراولة.
في الوقت نفسه، تفتح وتغلق أيضا بوابات محطة ضخ المياه، الواقعة على بعد كيلومترين، وتغلق وفقا للأمر الصادر من وحدة تحكم في حاسوب المجلس البلدي. وفي الماضي، كان الذهاب إلى مضخة المياه، يتطلب القيام بذلك برفقة جنود. كما يوجد زر إنذار في كل منزل، يضغط عليه في حالة وقوع أمر طارئ، وفقا لما يوضحه كيم دونغ جو، فيظهر على شاشة وحدة التحكم الرئيسة مكان وقوع الإنذار.
مدارس متقدمة
بلغت الدروس الرياضية وحصص المدرسة الوحيدة في دايسيونغ دونغ، بعدا جديدا بفضل تكنولوجيا الجيل الخامس. ويوجد بالمدرسة ثلاثون طالبا فقط ويتم تقديم دروس للأطفال دون سن 11 عاما.
ويتعلم هؤلاء الطلاب في وقت مبكر للغاية التمييز بين الواقع الافتراضي والواقع المعاش، كما يتعرفون أيضا على ما يعرف بالواقع المختلط، والذكاء الاصطناعي، حيث يتضمن البرنامج التدريبي لـ”مدرسة جيجا” تعلم برمجة محتويات من عالم الذكاء الاصطناعي.
وقد صممت الفتاة لي دا يون، البالغة من العمر 11 عاما برنامجا يسمح بجولة افتراضية في المدينة مع نظارات الواقع الافتراضي ذات التكنولوجيا المتطورة. وتؤكد الفتاة “يمكنك أن تعيش كل شيء بعينيك فقط كما يمكنك أيضا أن تعيد تصميم ما يروق لك”.
الخواء على الجانب الآخر
لا يمكن أن يكون هناك تباين أكثر من الموجود بين ما تمثله تكنولوجيا الجيل الخامس في البلدة الكورية الجنوبية والقرية المقابلة لها على الجانب الآخر من الحدود في كوريا الشمالية، ففي هذه القرية المعروفة باسم كيجونغ دومغ لا يعيش مدنيون بشكل دائم، وفقا للعسكريين في المنطقة، لأن وجودهم مجرد عرض ظاهري فحسب.
ويفصل بين البلدتين سور من السلك المعدني الشائك، الذي يعتبر الخط الحدودي الفاصل بين الكوريتين. ويمكن لسكان بلدة دايسيونغ-دونغ بكوريا الجنوبية، رؤية تفاصيل البلدة المقابلة من خلال شاشة مثبتة فوق سطح مبنى البلدية، تعمل بخاصية اللمس ومزودة بتقنية الواقع المكبر.
وقد يهمك أيضًا:
"سامسونغ" تُعلن استعدادها لسد ثغرة أمنية كبيرة ظهرت في هواتف غالاكسي
أرسل تعليقك