لندن ـ وكالات
يعتبر التنوع أمرا إيجابيا في الجهود المتواصلة التي يبذلها العلماء من أجل إنتاج أنوف إلكترونية يمكنها التنافس مع الأنوف البشرية وأنوف الكلاب في شم كل أنواع الأشياء المهمة مثل اكتشاف البضائع المهربة كالمتفجرات والمخدرات، إضافة إلى مراقبة نضج بعض المواد الغذائية، وتتبع مستويات سكر الدم من دون وخزة إبرة.. بل واكتشاف الطابع البيولوجي - كيميائي المميز للأورام الخبيثة.
وقد أعد فريق من جامعة «فالينسيا» للبوليتكنيك في إسبانيا وجامعة جافيل في السويد مجموعة تضم 32 جهاز استشعار متوفر تجاريا يمكنها شم حفنة من الفواكه المهروسة وتحديد ما إذا كانت تحتوي على تفاح أم كمثرى.
واستخدم فريق خوسيه بيليغري سيباستيا من فالينسيا سبعة نماذج مختلفة من أجهزة استشعار أنواع الغازات، وهي مجسات من المواد شبه الموصلة متوفرة وجاهزة للاستخدام. وتسوق أجهزة الاستشعار هذه كمجسات لتعقب نطاق واسع من الغازات، من بينها البروبان والغاز الطبيعي وأول أكسيد الكربون والكحول وغيرها من الغازات الأخرى، عن طريق قياس التغيرات في التوصيل لدى مرور الغازات عبر فجوة ضيقة بين قطبين كهربائيين، بعد أن «يتشرب» سطح القطب الكهربائي بالمقادير الضئيلة من الغاز. وتنتج الأنواع المختلفة من الغازات منحنيات مختلفة من فرق الجهد الكهربائي بمرور الوقت، لذا يتمتع كل نوع من أجهزة الاستشعار بسمات استجابات مختلفة.
إضافة إلى ذلك، فإن هناك بعض أشكال التباين في استجابة جهاز استشعار لجهاز استشعار آخر. وتضم أجهزة الاستشعار المعينة المختارة (وهي من إنتاج «فيغارو إنجينيرغ») سخانات داخلية، إذ يؤدي تغيير حرارة تشغيل جهاز الاستشعار إلى تعديلات على منحنيات استجابته.
واستغلت مجموعة البحث هذه الخصائص من أجل مزج موديلات أجهزة الاستشعار ودرجات حرارة التشغيل لإنتاج أنف إلكتروني، بمجموعة تضم 32 جهاز استشعار، كل منها له منحنى استجابة مميز. ويبعث قليل من الهواء المحمل بالعطر المندفع نحو الأنف الإلكتروني 32 قناة من بيانات الجهد الديناميكي المتغير إلى جهاز تسجيل بيانات ومجموعة من الحلول البرمجية الخاصة بالتعرف على الأنماط.
ولاختبار الأنف الإلكتروني، وضع الباحثون قطعا من التفاح أو الكمثرى في عينة أدخلت في حيز صغير، الأمر الذي أدى إلى انتشار المركبات المتطايرة المنبعثة من الفواكه في الهواء لمدة دقيقة. ثم حقنوا هذه «النشقة» في الأنف الإلكتروني.
وأخذ الفريق العلمي في تمييز كل إشارة من الإشارات الاثنتين والثلاثين الناتجة وفق ثلاثة مؤشرات ديناميكية: الانحدار المؤقت (معدل زيادة السرعة الأولي حينما يتم اكتشاف الغاز لأول مرة) ومعدل التشبع (المعدل الأبطأ لزيادة الجهد، مع وصول جهاز الاستشعار لأعلى مستوى استجابة) وأقصى درجة انحدار (تقاس عندما يتم عزل جهاز استشعار من العينة).
ثم أخذ الباحثون بتعريض كل من هذه المؤشرات لتحليل مكونات أساسي، بحيث تولد كل شمة إلكترونية 96 نقطة في مساحة ثلاثية الأبعاد لكل عينة من العينات العشرين. بعدها، أدخلوا النتائج في 10 برامج مختلفة للتعرف على الأنماط.
وطلبوا من كل منها على حدة الإجابة فعليا: «هل هذه تفاحة أم كمثرى؟». ونجحت كلها عدا واحد فقط في التعرف بشكل صحيح على التفاح أو الكمثرى تسع مرات من بين عشر، أو أفضل. أما برنامج قراءة الأنماط الواحد المسمى «آي بي 1»، وهو أحد الحلول البرمجية، فقد توصل إلى نتيجة أفضل إذ إنه تمكن من الإجابة الصحيحة بنسبة 100 في المائة. ويعتبر هذا أفضل، على حد قول الباحثين، مما يستطيع معظم الناس القيام به. وبالطبع، تعتبر أنوف الكلاب أكثر حساسية من الأنوف البشرية بدرجة هائلة، ولكن يبدو أن الأنف الإلكتروني لم تعد أمامه عقبات كبيرة.
أرسل تعليقك